يمكن الجزم بأن المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات، وبعد دورته الثالثة التي مرت في أجواء إيجابية، قد كسب الرهان في ان يفرض نفسه على المشهد السينمائي المغربي كفضاء له وزنه وتأثيره وليس كمقاولة ثقافية تزايد على الشأن الفني او الثقافي ببلادنا، كما عبر عن ذلك مدير المهرجان ضمير اليقوتي. ومن هنا يتضح جليا الرؤية المؤطرة للمهرجان، والتي يمكن إجمالها في رفض الميوعة الفكرية التي تفسد عادة بعض المهرجانات الوطنية، و في الاحساس بالمسؤولية اتجاه الآخر؛ سواء المحترف او الهاوي او المتلقي العادي. وهذه المسؤولية نابعة بطبيعة الحال من الايمان بقيم الاعتراف بعطاءات الآخرين في ميدان كميدان السينما والفكر الذي يحتاج أهله إلى كل أنواع الدعم، في زمن تنكر أصحابه للابداع والمبدعين. وهذا ما انعكس على السير العام للتظاهرة تنظيما وبرمجة (المحترفات وخصوصا الندوات)، وحتى على مستوى لجنة التحكيم التي جمعت بين عدة تخصصات راعت الشمولية: الاخراج والأداء والنقد والسوسيولوجيا والتواصل، على الرغم من غياب من يمثل الصحافة الوطنية بها. اما بخصوص الندوات فتيماتها عكست في اعتقادي تصورا يعتمد أساسا على إبرازالخصوصية الثقافية لأي رقعة جغرافية، لأن التركيز في الندوات على الذاكرة الفردية أو الجماعية من خلال السينما؛ سواء في شمال فرنسا أو في المغرب (الفيلم الوثائقي) يرتبط شكلا وجوهرا بالاختلاف الثقافي. وهذا المعطى نفتقده في مهرجانات سينمائية وطنية تتخذ الانفتاح على الثقافات الاخرى شعارا لها. وفي حقيقة الأمر هي تكرس هيمنة ثقافة اجنبية على ثقافة اخرى محلية او وطنية، مما يكرس لدى المشاهد او المتلقي المغربي الإحساس دائما بالدونية امام ما هو مستورد. ومن هنا، فإن إدارة مهرجان الهواة بسطات مطالبة بالاستمرار في هذا التميز او هذه الخاصية التي اتضح من خلال استقراء الاراء أنها هي رهان المستقبل، وهي التي جعلت المهرجان يحظى بثقة العديد من المتتبعين للشأن السينمائي المغربي. والمستقبل ليس فقط هو الدفع بالهواة إلى العالمية، ولكن هو أيضا ان تصبح التظاهرة دولية بكل المقاييس. وهذا الامر ليس ببعيد المنال في ظل الجدية والتفاني اللذين تعملان بهما الهيئة المنظمة. بطبيعة الحال اي عمل جاد إلا ويصطدم بمعيقات متعددة، خصوصا في ما يتعلق بجانب التمويل والجانب اللوجيستيكي. لكن انخراط عدة جهات مدنية حيوية ومؤسساتية من شأنه ان يعبد الطريق. أخيرا اتمنى ان يتم التفكير في مقترح يتمثل في انخراط جميع الهواة المشاركين في المهرجان في نوادي سينمائية للهواة، تمكن من تأسيس جامعة وطنية خاصة بهذه النوادي، على غرار ما كان في السابق مع الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، حتى يتم من جديد إحياء ظاهرة النوادي التي من شأنها إعادة الجمهور إلى القاعات السينمائية، وتخطي عائق التنظيم في ما يخص تلقي الاعمال المشاركة في المسابقة. بحيث إن المهرجان يصبح يتعامل مع إطارات جمعوية تضم كل من يريد تقديم عمل سينمائي هاوي.