صعد الاحتلال الإسرائيلي إجراءاته لمنع احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية التي من المقرر أن يطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس (المنتهية ولايته) فعالياتها من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، إيذانا بانطلاقها من خمسة مواقع يربطها البث الفضائي. وقالت مراسلة الجزيرة في رام الله إن إسرائيل رفضت السماح للوفود العربية المشاركة في احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية بالتوجه في طائرات مروحية من العاصمة الأردنية عمان إلى مدينة بيت لحم الفلسطينية؛ مما اضطر الوفود إلى التوجه عبر جسر الملك حسين الذي يربط الأردن والأراضي الفلسطينية. واعتقلت سلطات الاحتلال عدداً من المسؤولين عن الاحتفالات، واتخذت إجراءات مشددة، وهددت باستخدام القوة لقمع أي محاولة للاحتفال في الناصرة أيضاً. وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر قد وقع على قرار يحظر إقامة السلطة الفلسطينية احتفالات بهذه المناسبة. وكان من المقرر أن تبدأ مساء أول أمس السبت فعاليات الاحتفالية إيذانا ببدئها رسميا من خمسة مواقع يربطها البث الفضائي هي القدس وبيت لحم وغزة والناصرة ومخيم مار إلياس في لبنان. ويحضر إطلاق الفعالية عدد من وزراء الثقافة العرب وسط مشاركة نخبة من المبدعين في الحقل الفني والثقافي، فيما انطلقت في مدينة القدس ظهر أمس الفعاليات الاحتفالية رغم قرار الكيان الغاصب منع أي نشاط فلسطيني بهذه المناسبة. ومن المقرر أن تبدأ الاحتفالات في شوارع القدس وأنديتها ومراكزها الثقافية وعدد كبير من الأماكن بحيث يكون هناك احتفال في معظم شوارع المدينة المقدسة، خاصة حول بلدتها القديمة. وكانت إسرائيل أعلنت أنها ستمنع أي فعالية تتعلق بهذه الاحتفالية لأنها محاولة لإثبات السيادة الفلسطينية بصورة غير مشروعة في القدس. وأصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي تعليماته إلى الشرطة بقمع أي محاولة للسلطة الفلسطينية لإقامة احتفالات بمناسبة إطلاق احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 في القدس والناصرة. ووقع ديختر على عدة أوامر تحظر إقامة هذه الاحتفالات. وكان المجلس الإداري لاحتفالية القدس أعلن أول أمس استعداده لإطلاق فعاليات افتتاح الاحتفالية اليوم رغم المعيقات الإسرائيلية. ووصلت وفود أردنية وكويتية إلى الضفة الغربية للمشاركة في هذه الاحتفالية الأولى من نوعها. وفي وقت سابق أمس داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي برج اللقلق بالبلدة القديمة في القدس واعتقلت عددا من المسؤولين عن الاحتفالية. واتخذت قوات الاحتلال إجراءات مشددة وهددت باستخدام القوة لقمع أي محاولة للاحتفال في الناصرة أيضا. وفي مدينة الناصرة شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ,48 سلمت الشرطة الإسرائيلية قرارا لبلدية المدينة يقضي بمنع فعالية موسيقية كانت ستنطلق من مركز محمود درويش الثقافي وتستغرق دقائق محدودة ضمن الاحتفالية التي تبث على الهواء مباشرة من مدينة بيت لحم برعاية محمود عباس مساء أول أمس السبت. من جانبها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن منع الاحتلال الصهيوني فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 واعتقال منظِّميها والقائمين عليها بمثابة عدوانٍ قمعيٍّ يستهدف ثقافة الشعب الفلسطيني وحقَّه في ترسيخها ومصادرةٌ لسيادته على أرضه. وأشار المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في بيانٍ صحفيٍّ إلى أن الاحتلال الصهيوني يهدف من خلال منعه الاحتفال بالقدس إلى المضي في تنفيذ مخطَّطاته الرامية إلى طمس الهوية العربية في القدس ومحاولة عزلها عن امتدادها وعمقها العربي والإسلامي ليجعل منها عاصمةً للكيان الصهيوني ودولته اليهودية العنصرية المتطرِّفة. وأكد برهوم أن أية محاولات لطمس هوية القدس ومصادرة حرية الشعب الفلسطيني وتدمير ثقافته محاولاتٌ فاشلةٌ لن يُكتب لها النجاح، مشددًا على أن القدس ملكٌ للشعب الفلسطيني ومحفورةٌ في الوجدان العربي والإسلامي. من جهةٍ أخرى، أعرب برهوم عن استنكار حركة حماس تصريحات رئيس سلطة رام الله محمود عباس المنتهية ولايته، والتي ادِّعى فيها أن الحركة منعت فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية في غزة، مشيرًا إلى أنها تصريحاتٌ تحريضيةٌ ليس لها أساسٌ من الصحة. وأكد برهوم أن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية في غزة انطلقت بانتظامٍ قبل أسبوعين، وما زالت مستمرةً وتحظى بدعمٍ واحتضانٍ كبيرين، معربًا عن دهشته من تلك التصريحات التي تأتي في ظل أجواء الحوار الوطني الفلسطيني الذي يُجرَى برعايةٍ مصريةٍ وباحتضانٍ عربيٍّ ويهدف إلى وقف التحريض وإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني. وشدد برهوم على أن حركة حماس لن تنجرَّ وراء هذه المناكفات غير المبرَّرة والتوتيرية، مؤكدًا حفاظ الحركة على الأجواء الهادئة والإيجابية لإنجاح الحوار لتحقيق الأهداف الوطنية والوصول إلى مصالحةٍ حقيقيةٍ تقوِّي الجبهة الداخلية الفلسطينية وتعمل على ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني لمواجهة كافة التحديات. من جهته، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الممارسات الإسرائيلية الوحشية بحق المقدسيين والفلسطينيين الذين سعوا للاحتفال بالقدسالمحتلة عاصمة للثقافة العربية لعام .2009 وأكد موسى في تصريحات صحفية أول أمس السبت أن المدينة المقدسة ستبقى عربية وإسلامية مهما بلغ مستوى العدوان والتهويد الإسرائيلي. وأضاف أن إسرائيل، بوصفها دولة احتلال لن تسمح بالاحتفال بالقدس وهويتها العربية والإسلامية، معتبرا أن هذا الموقف لن يحول دون استمرار الجهد الدولي لوقف تهويد القدس ووقف العمليات التي يراد منها طمس المعالم العربية والاسلامية للمدينة المقدسة. وأكد الأمين العام للجامعة العربية، أن القدس هي عاصمة للثقافة العربية، وستظل كذلك، كما سيستمر الاحتفال بهذه المناسبة في العالمين العربي والإسلامي وخارجهما مع العمل على الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس ومواجهة مخططات تهويدها. ودعا موسى المجتمع الدولي إلى العمل على وقف الحفريات وكل ما من شأنه المساس بالطابع الحضاري والثقافي والتاريخي لمدينة القدسالمحتلة. بدورها، أدانت المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم(إيسيسكو) بشدة إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على منع الأنشطة الثقافية والفنية في مدينة القدس. واعتبرت المنظمة في بيان بالمناسبة، أول أمس السبت، أن منع إسرائيل الأنشطة الثقافية والفنية في القدسالمحتلة يعكس السياسة العدوانية التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في ضرب الحصار حول الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه المشروعة بما في ذلك الحق في ممارسة العمل الثقافي والفني. ودعت الإيسيسكو في بيانها، منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، إلى التحرك السريع في نطاق اختصاصاتها الدولية للضغط على إسرائيل من أجل العدول عن منع تنفيذ الأنشطة الثقافية والفنية المبرمجة في إطار احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية.