عكس محمد حفيظ مدير نشر أسبوعية الحياة الوضعية اللغوية في المغرب المتسمة بالعجز بحسب تعبيره الذي ينضاف إلى بعض مظاهرالعجزالمنتشرة في الشأن العام، انطلاقا من مشهد وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة محمد الشامي حين ألقى الخطوط العريضة لبرنامج ميثاق الإقلاع الاقتصادي، أمام الملك محمد السادس باللغة الفرنسية الأسبوع ما قبل الماضي بفاس. وتأسيسا على هذا المشهد اعتبر حفيظ أن هذا العجز اللغوي يعكس عجزا سياسيا بالدرجة الأولى، وعدم قدرة الدولة على اتخاذ قرار واضح في المسألة اللغوية بالمغرب. وأكد حفيظ في الندوة التي نظمت الخميس الماضي على هامش فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي اختتمت أمس الأحد ، على ضرورة معالجة القضية اللغوية باختيارات تستند إلى التعدد، الذي يستوعب التنوع اللغوي الموجود بالمغرب. وخلص إلى أن المغرب راكم من الدراسات والمطالب التي انتهت إلى الحقوق اللغوية والثقافية ما يكفي، وما ينقص بحسب حفيظ هو الجرأة فقط على اتخاذ قرار سياسي واضح لتجاوز العجز اللغوي، لأن كل الدول التي تقدمت لم تتقدم إلا بلغتها الوطنية. ومن جهة أخرى أشار محمد حفيظ إلى أن الدعوات التي نشطت مؤخرا تدعو إلى الكتابة بالدارجة، لا تستند على أسس علمية كافية، مشيرا أن الذين يدعون إلى هذا الاختيار مواقفهم اللغوية ومصالحهم الاقتصادية والمالية والسياسية معروفة، وهم من يتسمون بالعجز اللغوي. من جهته أكد عباس الصوري أن المسألة اللغوية في المغرب، كما في أي بلد تتعدى الحدود الأكاديمية والعلمية لتداخلها وتجاوزها إلى آفاق أخرى تعكس الانشغالات الثقافية والسياسية التي يمكن أن يكون لها تأثير في التوجه العام. وتلمس الصوري هذه السياسة من خلال السؤال عن ماذا تروم السياسات اللغوية ما في مجال التربية والتكوين. التي أكد أنها منهجيا تمر من مرحلتين: الأولى تتعلق بمحاولة الانعتاق من أسر البنية المدرسية الموروثة عن الاستعمار بالتركيز على التعريب. واعتبرت الورقة التقديمية أنه لا يرمي إلى التمكين المطلق للغة العربية الرسمية، أو تطبيق الدستور بتعريب المراسلات الإدارية كما يجاول ظاهر الخطاب أن يقول، بل إن حقيقته اصطناع هوية أخرى للشعب المغربي. والمرحلة الثانية تتعلق بظهور ميثاق التربية والتعليم، وبالنسبة لوضع اللغات شدد الصوري أن الميثاق طرح ثلاثة مفاهيم، حين تحدث عن أرضية مشتركة بين العربية وغيرها من اللغات الأجنبية، ليخلص من ذلك أن التبريرالذي يقدمه الميثاق في أن اللغات الحديثة تمليها ضرورة الانفتاح على الحياة العصرية وتسهيل عملية الاندماج في التنمية تبرير عام وغير مدروس ويخفي وراءه نوايا غير واضحة. ودخول لغات أجنبية مغايرة بحسب الصوري يؤدي إلى نوع من التهجين أو ما سماه بعض الباحثين بـ التسب اللغوي. وخلص إلى أن الوضع المركب للغة يشير إلى أن المتعلم في المغرب لا يتعلم لغة معينة متقنة، وإنما لغة مشوشة تختلط أنساقها. وفي سياق متصل اعتبر الأستاذ عبد الغني أبو العزم أن المسألة اللغوية بالمغرب تنصب على إشكالات هي محل نقاش، تتعلق بتدبير الوضع اللغوي الوطني، ثم تدبير التعامل مع اللغات الأجنبية. معتبرا في ذلك أن قضية التعريب لم تكن إلا غطاء لتعميق وترسيخ كل التوجهات اللاوطنية التي تحكمت في العملية التعليمية. وأن منطق الواقع السوسيولوجي والاقتصادي يدعو إلى فصل مسألة إتقان اللغات الأجنبية عن مسألة تعليمها، موضحا أن ذلك يدعو إلى تدبير معقلن للسياسة اللغوية، قائم على إعطاء أهمية قصوى لتداول اللغات الوطنية، من منطلق أن تقدم الأمة لا يقوم إلى على تعلم لغتها الوطنية. وهو ما ذهب إليه الأستاذ عبد السلام شدادي، معتبرا أن هناك مسلمات يستند عليها النقاش حول المسألة اللغوية بالمغرب، وشدد الشدادي في مداخلته التي شارك بها في ندوة المسألة اللغوية في المغرب: واقع سوسيو ثقافي أو توتر سياسي، على أن إشكالات ينبغي البث فيها، ترتبط باللغة العربية والأمازيغية من جهة، وبين اللغة العربية والدارجة من جهة أخرى.