أظهرت نتائج استطلاع أجراه معهد غالوب الأمريكي نشر منتصف هذا الأسبوع، أن المغرب يحتل الرتبة الثالثة عالميا من حيث أهمية الدين في حياة السكان اليومية وذلك بنسبة 98 بالمائة. ووفقا لنتيجة الاستطلاع فإن المغرب يتشارك هذه الرتبة إلى جانب كل من إندونيسيا وجيبوتي والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يدين غالبية سكانها بالمسيحية. هذا وتصدرت مصر لائحة الدول الـ11 الاكثر تدينا في العالم، فقد اعتبر 100بالمائة من المصريين الذين شملهم الاستطلاع أن للدين أهمية كبيرة في حياتهم، متقدمين بذلك على العديد من الشعوب الإسلامية والإفريقية. وتعليقا على نتائج هذا الاستطلاع أوضح الدكتور سمير بودينار رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، لأن مثل هذه التقارير تعكس الاهتمام الكبير بالحالة الدينية في العالم، حيث أصبح الاهتمام متزايدا من قبل حقل الدراسات الاجتماعية والسياسية، على الدراسات التي تهتم بمحددات التدين وبأشكال وتحولات منظومة القيم في المجتمعات المختلفة أو بقضايا الدين. وبالنسبة للحالة المغربية، قال بودينار إن هذه النتائج تعكس حضورا تقليديا للدين كمحدد سوسيولوجي على مستوى الأسرة والعائلة والقبيلة والمدينة والقرية وشبكة العلاقات الاجتماعية التي تخترق هذه المستويات الاجتماعية المختلفة. مشيرا إلى حضور الدين في كثير من المجالات من قبيل الحقل السياسي المغربي أو من خلال القضايا التي يتناولها الإعلام أو النقاشات العمومية، ليس بوصفه مسألة شخصية أو حاجة روحية، ولكن من خلال تناول مساحة حضوره في الشأن العام المجتمعي السياسي وفي العلاقات بين الفرقاء، وحول القضايا الدينية ومدى حضورها أو أحقية حضورها في المجال العام، ثم منظومة القيم وكيف تؤدي الى السلوكات الدينية المختلفة. وشمل الاستطلاع الذي استمر 3 سنوات (2008 ,2007 ,2006) عينات من 143 بلدا وإقليما حول العالم، وتكونت العينة من ألف شخص (فوق سن 18) في كل دولة سئلوا -على اختلاف أديانهم- عما إذا ما كان الدين جزءا هاما من حياتهم اليومية أم لا. ودار هامش الخطأ في الاستطلاع حول 4%، واستخدمت المقابلات الهاتفية، واللقاءات الشخصية كوسيلة لتواصل الباحثين مع مفردات العينة.وأشار جالوب إلى أن الاستطلاع كشف أن 8 من بين الدول الـ11 الأعلى تدينا تعد دولا فقيرة، بينما 10 من بين الدول الـ11 الأقل تدينا من الدول ذات المستوى المعيشي المرتفع، مثل السويد والدنمارك وهونج كونج واليابان.وحول ارتباط التدين بمستوى نمو المجتمعات شدد بودينار على أنه لا يمكن القول أن تجربة النمو والتقدم هي مرادفة لانسحاب التدين من الحياة الاجتماعية أو الحياة العامة للشعوب، لكنه في حالة المجتمعات الغربية يعكس تجربة حضارية وتاريخية مخصوصة بهذه المجتمعات التي قطعت شوطا طويلا في حسم قضية الدين على الصعيد المؤسساتي والسياسي والتنظيمي ووصلت إلى تهميشه بسلطة القانون والمؤسسات. هذا وتراوحت نتائج الدول الـ11 الأكثر تدينا في الاستطلاع بين 100 و98%، احتلت بنجلاديش المرتبة الثانية بينها بنسبة 99%، وبينما بلغ المتوسط العالمي للتدين بين شعوب العينة 82% تراوحت نتائج الاستطلاع في الدول الـ11 الأقل تدينا بين 14 و27%، كان في مقدمتها أستونيا تلتها في ذلك العديد من دول شمال أوروبا والدول الشيوعية السابقة.واحتلت كل من فرنسا واليابان المرتبة التاسعة بين الدول الأقل تدينا بنسبة 25%، أما الولاياتالمتحدةالأمريكية فإن 65% من سكانها يعتبرون الدين جزءا مهما في حياتهم اليومية، وأظهرت نتائج الاستطلاع تقارب مستوى التدين بين العديد من الولاياتالأمريكية الـ50 وبعض شعوب الشرق الأوسط، وقد أشار جالوب إلى أنه في ظل هذه الحقيقة ينبغي على الأمريكيين التوقف عن تعميم الأحكام على الشعوب والثقافات الأخرى ووصف بعضها بالتعصب، وكذلك على الشعوب الأخرى تجنب الغلو في إصدار الأحكام على الأمريكيين.