توقع تقرير شهر يناير 2009 لوحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجلة ذي إيكونميست البريطانية أن يتسبب تراجع نمو الاقتصاد العالمي عموما، ومنطقة الأورو على وجه الخصوص في تراجع نمو الاقتصاد المغربي إلى 3,3 % سنة ,2009 قبل أن يرتفع قليلاً في العام الموالي إلى 4 %. وقال التقرير إن الحكومة المغربية تواجه تحديين كبيرين: أولا مواصلة الزيادة في النفقات المخصصة للشأن الاجتماعي، بما في ذلك إزالة الأحياء الفقيرة ورفع مستواها البنية التحتية القروية، وخدمات التعليم والصحة، مع ضرورة التصدي للانعكاسات الداخلية للأزمة العالمية مع تباطؤ الطلب العالمي. ونبه التقرير إلى أن معالجة أوجه القصور في البنيات التحتية بالمغرب هو مهمة صعبة التنفيذ، بسبب محدودية الموارد ، وعدم كفاءة الإدارة العمومية، وانتشار المحسوبية والفساد على نطاق واسع، واصفا الأهداف التي سطرتها الحكومة من حيث الوصول إلى نسبة نمو 6 % وإحداث 250 ألف منصب شغل جديد، وبناء 150 ألف وحدة سكنية جديدة كل سنة إلى غاية ,2013 بأنها أهداف متفائلة أكثر من اللازم، وذلك بسبب ضعف آفاق نمو الاقتصاد العالمي، وهشاشة الناتج الداخلي الخام إزاء التقلبات التي تصيب الناتج الداخلي الفلاحي، مضيفا أن سعي الحكومة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات وخفض نسبة البطالة والفقر ستواجه تحديا حقيقيا اسمه تباطؤ النمو العالمي. وأشار أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط إلى أن المغرب سيعرف تراجع الطلب الخارجي والصادرات وتحويلات المهاجرين المغاربة وذلك نتيجة للأزمة المالية، موضحا أن لهذه الأزمة إيجابيات تتمثل في انخفاض البترول والتضخم والتعريفات الجمركية. وجاء تصريحات لحليمي خلال الندوة الصحفية حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية سنة 2008 وتوقعات سنة 2009 الاربعاء الماضي بالدار البيضاء، حيث أبانت معطيات المندوبية أن الأنشطة غير الفلاحية الوطنية ستتميز خلال السنة 2009 بتباطؤ ملحوظ نتيجة ركود الاقتصاد العالمي، وستعرف الخدمات التسويقية وغير التسويقية انخفاضا في وتيرة نموها، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تعوض النتائج المشجعة للقطاع الأولي، هذا الاتجاه التنازلي في نمو الأنشطة الأخرى. ومازالت التداعيات السلبية للأزمة تظهر على المستوى الوطني، حيث كشفت دراسة حديثة لوزارة التشغيل أن قطاع النسيج فقد ما يناهز 50 ألف منصب شغل خلال السنة الماضية. وتراجعت قيمة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ب2,4 في المائة خلال السنة الماضية مقارنة مع سنة ,2007 حسب مكتب الصرف الذي أضاف أن مداخيل الاستثمارات الأجنبية سجلت تراجعا ب23,3 في المائة. وفي رد فعل متأخر حسب بعض المحللين، عقدت وزارة المالية والاقتصاد الأربعاء الماضي أولى اجتماعاتها لمواجهة المتغيرات في القطاعات الاقتصادية جراء تداعيات الأزمة المالية العالمية على مستوى خلية اليقظـة استراتيجية المشكلة لهذا الغرض. ووفق بيان لها فإن أهم العوامل الماكرواقتصادية في المغرب صحية، اللقاء سيضم ممثلين عن الوزارة وقطاعات حكومية أخرى، فضلا عن ممثلين عن القطاع الخاص، وبعض الاقتصاديين الآخرين. وأبرز إدريس بنعلي المحلل الاقتصادي في تريح لالتجديد أن المغرب سيعاني من تداعيات هذه الأزمة على اعتبار إنتاجيته وتنافسيته الضعيفة، موضحا أن السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج كانت تغطي على العجز التجاري، وتراجعهما سيكشف عن نقط ضعف الاقصاد ، مؤكدا على ضرورة مواجهة الحكومة لهذه الأزمة، على اعتبار أن الاختيارات الاقتصادية التي يعتمدها المغرب هشة؛ سواء تعلق الأمر بالسياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، أو الصادرات أو النسيج.