لا شك أن أثر انتصار غزة على المغرب هو أثر مشترك مع جميع شعوب البلدان العربية والإسلامية، فكل العرب والمسلمين ترتفع معنوياتهم ويسرون ويعزمون أكثر على دعم خيار المقاومة ويواجهون خيار الاستسلام والهرولة كلما وقع انتصار، لقد حصل هذا في حرب تموز بجنوب لبنان سنة 2006, وحصل في يناير 2009 في غرب فلسطينبغزة، فهذا أثر عام ومشترك يفرح به كل العرب والمسلمين والمغاربة، بل الشرفاء وأحرار العالم الذين يواجهون السيطرة والتسلط؛ سواء الأمريكي أو الصهيوني أو الغربي عموما. هناك أثر ثان خاص بالمغرب، ففي بلادنا توجد أصوات وقحة تتحدث عن الهرولة وأصوات أوقح تشتم الحركة الإسلامية وتصفها بأقبح النعوت، ورأينا من لم يستحي وغزة تحت النار أن يحمل حماس مسؤولية الأرواح التي سقطت وأن يتهما بأنها لا تأبه بالدماء، وأنها تتاجر بها إيديولوجيا، فهؤلاء تكون النكاية فيهم أشد وصوتهم أخفض عندما يحصل انتصار، وبالعكس لو أنها حصلت هزيمة ودخل الصهاينة وبدؤوا في التنكيل والإذلال على عادتهم المعروفة لارتفعت هذه الأصوات وبدأت تقول ألم تروا؟ أليس صوت العقل أولى من صوت العاطفة، أليست المزايدة مهلكة، ألسنا أحرص منكم على المصلحة؟ ألسنا ننظر بعيدا؟ أليست إسرائيل أمرا واقعا و قوة لا تقهر؟ الأثر الثالث: هو أن المغرب يعاني من اختراق صهيوني، وهذا الاختراق يرفع رأسه ويعلو صوته ويفجر في إعلامه لمظاهر التطبيع السياسي والفني والدبلوماسي والاستخباراتي. كلما حصلت هزيمة أو انكسار على جبهة من الجبهات يخفت صوته وينحني رأسه ويدخل في جحر الضب كلما حصل انتصار، فهذه ثلاثة دروس وفوائد ومعاني عظيمة يستفيد منها المغرب وتستفيد منها الأمة جمعاء. إضافة إلى هذا فإن هذه الأجيال الجديدة لم تشاهد لا النكبة الأولى ولا النكبة الثانية، ولم تعش أجواء الستينات أيام النفس الثوري وأيام العقلية الراديكالية، هذه الأجيال قهرت بالعولمة وبإعلام الاستسلام وبخطاب خيار السلام وطبعت عقليا وأفقدت الذاكرة ومورس عليها المسح الثقافي ، فمثل هذه المحطات، ولو أنها نابضة بالدم ونازفة بالجراح، فإنها تحدث لدى الأجيال المطبعة والمضبعة والمعولمة روحا جديدة تعيد أجواء الستينات وماقبل الستينيات؛ المتمثلة في أجواء النضال والخيارات الراديكالية ضد الأمريكيين والصهاينة..