هذا الأسبوع الثالث والمحرقة الإسرائيلية لقطاع غزة ما برح لهيبها يتصاعد ويشتد وهجاً وتتسع دائرته، والعالم العربي منشغل، قمة عربية طارئة أو لا قمة، اجتماع وزاري عربي عاجل أو لا ضرورة له، وفود تصل إلى القاهرة لمناقشة مبادرة الطلاسم المصرية، ووفود ترحل، الرئيس مبارك أفكاره مشغولة وتكاد تكون كسيحة، لا يريد أن يتخذ موقفاً على ما يجري على أرض غزة لأن عينه على التوريث فلا يريد أن يغضب أمريكا ولا إسرائيل كي لا يخربون عليه تعيين ابنه محله، وأريد التأكيد على أن قرار التوريث لن تستطيع فرضه أمريكا على شعب مصر إن ذلك الأمر هو إرادة جماهيرية مصرية. لاشك أن الإدارة المصرية تعمل لهدر الزمن العربي والفلسطيني على وجه التحديد لصالح إسرائيل حتى تنهي الأخيرة مهمتها بتدمير القطاع وإعادة احتلاله وفرض الأمر الواقع، لا جدال بأن الإدارة المصرية متواطئة إلى أبعد الحدود مع إسرائيل لتدمير غزة، وإلا ماذا يعني قول مبارك للرئيس الفرنسي: يجب أن لا يسمح لحماس بتحقيق انتصار. لماذا رفض القمة العربية؟ ما معنى إمعان النظام المصري في إحكام الحصار على قطاع غزة؟ تقول أركان الحكومة المصرية: إن حماس حزب إسلامي من الإخوان المسلمين ونحن ضد الإخوان المسلمين، ولا نريد أن تقوم إلى جوارنا دولة للإخوان المسلمين. هذا كلام الجاهلية الأولى، مصر بها ما يقارب 80 مليون إنسان وبها حزب الإخوان المسلمين منذ أكثر من ستين عاماً ولم يغيروا نظام الحكم لصالحهم فكيف سيستطيع 5,1 مليون فلسطيني في غزة تغيير نظام الحكم في مصر. إنه حقاً نظام لا يثق في نفسه ولا في ولاء الشعب له، لأنه لم يحقق العدالة والمساواة لشعبه وانتشر الفساد المنظم وتوسعت دائرة المحسوبية إنه بلا جدال يعتمد في حمايته على أمريكا وإسرائيل. الغريب أن الرئيس مبارك وحزبه لم يعترضوا على قيام دولة دينية يهودية إلى جوار مصر في فلسطين مدججة بأحدث أنواع السلاح بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل إنما يرفضون ويتآمرون على أي حزب إسلامي أو ليبرالي عربي ينجح في الانتخابات في فلسطين ما لم ترض عنه إسرائيل وأمريكا. üüüüü السيد محمود عباس أبو مازن انتهت ولا يته الدستورية كرئيس لما يسمى السلطة الفلسطينية في التاسع من يناير هذا العام، وشرعيته كان يستمدها من الشعب الفلسطيني الذي بايعه على الاستمرار في المقاومة حتى قيام الدولة الفلسطينية واسترداد حقوقه المشروعة بنهاية عام 2008 طبقاً لتعهدات مؤتمر أنابوليس الذي عقد في عام 2007 فلم تقم الدولة الموعودة ولم يستمر عباس في دعم المقاومة حتى النصر، بل إنه طعن الشعب المقاوم عملياً والمقاوم بالصبر على الانتهاكات الإسرائيلية وعلى تجاوزات رهط السلطة العباسية الفياضية في رام الله. يقول رهط السلطة المنتهية ولايتها يوم 9 يناير عن حركة حماس: إنهم شرذمة صواريخهم فتوشية لا تخيف، وأنهم من أهل الكهف (...) وسؤالنا: هل حركة حماس المتصدية للعدوان الصهيوني اليوم في غزة وإلى جانبها كل الفصائل الوطنية ومن خلفها يناصرها كل شعوب العالم شراذم وأنتم في رام الله أصحاب القذل الممشطة، وأربطة العنق آخر موضة، والمساكن الفاخرة تعتبرون أنفسكم (...) أم ماذا؟ يقول السيد عباس: إذا كانت المقاومة من أجل فناء الشعب الفلسطيني فلا نريد مقاومة. يا للهول من هذا القول!! هل مقاومة العدوان ستكون طريقها مفروشة بالحرير أم بالدماء؟ الاتحاد السوفييتي دفع حياة ما يزيد على خمسة ملايين نسمة من أجل دحر العدوان النازي، والشعب الجزائري دفع ما يزيد على مليون شهيد من أجل تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي، وفيتنام حدث ولا حرج لم يتحرر شعب في الدنيا من الاحتلال الأجنبي عن طريق المفاوضات اللا نهائية، من المؤسف أن السيد عباس حتى هذه اللحظة وبعد مرور 16 سنة من التفاوض ما برح يراهن على تلك الفكرة. المؤسف أيضاً أن عباس يطالب بالأمس أمام العالم بحماية دولية لقطاع غزة، وسؤالنا له ولرهطه من حوله: لماذا لا تحمون أنتم الشعب الفلسطيني من العدوان الإسرائيلي بتسليحه وتدريبه كما فعل إخوانكم في غزة، لماذا تعتقـلون كل رافض للعدوان الإسرائيلي على غزة في الضفة الغربية وتودعونه السجن؟ أليس في سجونكم من حركة الجهاد الإسلامي وحماس في الضفة ما يزيد على 500 كادر وطني، وصادرتم كل الأسلحة التي كانت بيد المواطنين. أليست جريمة وطنية أن تعتقلوا إخوانكم في الوقت الذي يستدعي الجيش الإسرائيلي قواته الاحتياطية لقتال إخوانكم في غزة.