أكد بيان للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وقعه رئيسه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي على أن الدفاع عن أهل غزة في وجه العدوان يمثل فريضة شرعية ، كما دعا الأمة حكاما ومحكومين إلى بذلك كل وجوه العون للشعب الفلسطيني ، وناشد حكام المسلمين أن يكونوا رجالا في مواقفهم لردع العدوان. ومما جاء فيه: ـ يبيِّن الاتحاد الحكم الشرعي الذي توجبه الشريعة الإسلامية ـ على اختلاف مذاهبها ـ في هذه الحالة، وهو فرضية وقوف الأمة الإسلامية كلِّها متضامنة مع الشعب المعتدى عليه، إذا عجز عن ردِّ الاعتداء وحده، فالمسلمون أمة واحدة، والمؤمنون إخوة، يسعى بذمَّتهم أدناهم، وهم يد على مَن سواهم، وهم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضا، وكالجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه اشتكى كلُّه، لهذا كان العدوان على جزء منه عدوانا على الجميع، وكان الردُّ عليه مطلوبا من الجميع، وخصوصا المجاورين للبلد المعتدى عليه. والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، وقد أوجب الإسلام على أهله أن يقاتلوا من أجل المستضعفين، كما قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} النساء/75. وهذا واجب الحكومات والشعوب جميعا، كلٌّ يقدم ما يستطيع من مدد طبي أو غذائي أو حيوي أو حتى حربي، للدفاع عن النفس، ومن المحرمات والمنكرات المقطوع بها: أن تمنع الحكومات الشعوب عن توصيل معوناتها المختلفة إلى إخوانهم، أو التعبير عن غضبهم على هذا العدوان. كما لا يجوز لأيِّ حكومة تحت أيِّ مبرر من المبررات: أن تقف متفرجة على ما يجري، ناهيك أن تسدَّ بابا من أبواب الرحمة في وجوه إخوانهم في غزة، وخصوصا المعابر التي هي شرايين الحياة لإخواننا في غزة. ولا سيما معبر رفح، التي تملك مصر فتحه وإغلاقه، ومعنى إغلاقه في هذا الوقت: وضع الحبل في رقبة أهل غزة لخنقهم أو شنقهم، وهذا ما لا تجيزه عروبة ولا إسلام ولا مسيحية. ـ نطالب قادة الأمة العربية والإسلامية: ملوكا ورؤساء وأمراء، أن يقفوا وقفة رجولية، ليقولوا للصهاينة المعتدين: كفوا أيديكم أيها الوحوش، وأن يتحركوا ليخاطبوا بلغة جماعية: المجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن، والمجتمع الغربي أوربيه وأمريكيه، لإيقاف هذا العدوان الهمجي، الذي لا يبالي بقتل الشيوخ والنساء، والأطفال والمصلين في المساجد، ومن كان له علاقة بالكيان الصهيوني ـ وهي غير مبررة شرعا ـ يجب أن يقطعها، ما لم تتوقف آلة حربها الإجرامية عن اعتداءاتها الأثيمة. إن صمت بعض الحكومات في هذا الموقف لا يفسَّر إلا بأنه خيانة للأمة، ومشاركة في الجريمة، فإن الساكت عن الحقِّ شيطان أخرس، في الوقت الذي يجب أن تتوالى فيه الصرخات، وتتابع فيه التنديدات، وفي الحديث الشريف: إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم. فقد تُودِّع منهم. ندعو إخواننا من علماء الدين، ورجال الشريعة والأئمة والخطباء، أن يعملوا على إيقاظ الأمة وجمع كلمتها، وتوحيد موقفها في مواجهة العدو القائم، وأن يحرصوا على قنوت النوازل ولا سيما في الصلوات الجهرية، وأن يحرصوا على ربط الأمة بالله، فهو ملاذها في الشدائد، وناصرها على عدوها ، {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} آل عمران/160. يدعو الاتحاد إلى إحياء المقاطعة الاقتصادية للبضائع الإسرائيلية والأمريكية، فهذا سلاح له أثره، وكل درهم أو دينار يربحه هؤلاء يتحوَّل إلى رصاصة في صدور إخواننا. نحيي أهلنا الصامدين الصابرين في غزة، الذين ثبتوا رغم طول الحصار، واستعصوا على التركيع والتطبيع والتطويع، والذين وقفوا مواجهين للعدوان بصدورهم، ولم يكسر إرادتهم، كما نطالب الإخوة في السلطة أن يقفوا مع إخوانهم، فمهما يكن من خلاف، لا أقف مع عدوي ضد أخي، ولا أقف مع الظالم ضد المظلوم، كما ندعوهم أن ينفضوا أيديهم من المفاوضات التي لم يجدوا من ورائها غير السراب. وندعو كل الفصائل الفلسطينية وقادتها إلى ما عهدنا فيهم من اتحاد الكلمة في المواقف الصعبة.