خلف المؤتمر 17 لاتحاد الكتاب المغرب، الذي يأتي في ظرفية كما قال الأستاذ عبد النبي داشين يشهد فيها المغرب تحولات عميقة على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي، ردود أفعال اتسمت غالبيتها بالاستياء مما آلى إليه وضع هذه المؤسسة الفكرية التي عرفت إقصاء المرأة من المكتب الجديد، و التي يفترض أن تؤثر في المسار الثقافي في المغرب ، لا أن نرى لها جعجعة بلا طحين كما صرحت بذلك لالتجديدالكاتبة خناتة بنونة. من اجل تسليط الضوء على ذلك كان لنا هذا الحوار مع الأستاذ عبد الصمد بلكبير عضو اتحاد كتاب المغرب. ما هي ارتساماتك حول مؤتمر اتحاد كتاب المغرب؟ مؤتمر اتحاد كتاب المغرب هو حدث دوري ينعقد كل ثلاثة سنوات لكن يبدو كأنه حدث عابر، والحقيقة أن مؤتمرات اتحاد الكتاب ما قبل أواخر القرن الماضي واليوم تغيرت دلالتها، لان موقع ووظيفة الاتحاد ودور الكتاب والمثقفين عموما اختلف. ولذلك لاحظنا سنة عن أخرى أن الاتحاد يتخلف عما كان له من ادوار ومن دلالات و تأثيرات في الساحة. شخصيا كان حضوري من قبيل الالتزام الثقافي والأخلاقي ولكن أيضا من قبيل المساهمة في محاولة الخروج من هذه الوضعية التي انتهى إليها الاتحاد كمؤسسة عمليا هامشية بالنسبة للمشهد العام الوطني في المغرب. هل صحيح أن مشروع الورقة الثقافية التي تقدمت بها للاتحاد قوبلت بالرفض؟ لا بالعكس؛ فعندما طرح نقاش الورقة الثقافية والبيان العام السياسي تدخلت في اتجاه أن هذه الورقة تعكس الحاجيات والوضع الثقافي من جهة وتحليله من جهة أخرى والدفع به نحو التطور من جهة ثالثة. وبالمقابل قدمت رؤية مقابلة تحدثت فيها عن موضوع الاستقلال الثقافي أو بالأحرى جدل الثقافي والسياسي وكيف انه كان يشتغل بشكل جيد قبل ,1998 وأن اتحاد الكتاب لعب دورا في إنجاح الوصول إلى ما يسمى بالانتقال ، لكن مباشرة بعدها أضاع البوصلة ولم يعرف له دورا ، في حين كان عليه أن يستقل عن النضال السياسي للمعارضة التقليدية القديمة، و أن يجتهد في أن يحافظ على طليعيته في المجال الثقافي. وسجلت انه إذا كان الانتقال الديموقراطي متعثرا على الأقل سياسيا، فانه يعتبر ارتداديا بالنسبة للمسالة الثقافية. ومن تم فان اتحاد الكتاب عليه اليوم أكثر من الماضي أن يقوم بدوره كطليعة فكرية و اقتراحية وتنويرية وتجديدية في الساحة الوطنية. وأتيت ببعض الأمثلة حول القضايا التي لم نعالجها والتي بقيت عالقة بل وتعمقت مثل علاقة التعليم بالثقافة والثقافة بالإعلام والثقافة والمجتمع ووضعية الكتاب بالمغرب وعلاقة الثقافة بالتنمية وعلاقة النضال الثقافي بالحريات الديمقراطية ومجموعة من القضايا التي يلزم على اتحاد الكتاب أن يقتحمها ويعبئ حولها و يجتهد في النضال من اجل إقرارها. كان رد فعل المؤتمر بالإجماع هو الموافقة على أطروحتي و بالتالي قرر تجاوز الورقة المقدمة و شكل لجينة من أربعة أشخاص لإعادة صياغة المقرر الثقافي. وعندما وصل المؤتمر إلى البيان العام لاحظ المؤتمرون بان البيان يرتبط في رؤيته وصياغته إلى رؤية الورقة الثقافية، وألغى نقاشه وأحال إعادة صياغة البيان العام إلى نفس اللجينة لإعادة صياغته حسب ما تقدمت به من افكار التي ثنى على فيها ممن الحقوا بنفس اللجنة وهم قمري البشير ومصطفى القباج وعبد الغني أبو العبد. كيف تنظر إلى غياب العنصر النسوي في المكتب التنفيذي؟ نتائج انتخابات المكتب هي مظهر اشد كاريكاتورية . طبعا اتحاد الكتاب في المسار الذي سار فيه في السنوات الأخيرة لم ينته الا إلى البؤس . الخطأ الكبير هو تقليص عدد أعضاء المكتب من 11 إلى .9 و كان المقصود به ربما أشخاص معينون و كذا تقليص المسؤولية لقلة متفاهمة ومنسجمة مع بعضها لحساباتها. ثم إن الاتحاد سار بنفس الطريقة التي كان يسير بها في السنوات السابقة، إلا انه سابقا كان يسير لمصلحة حزب معين أو لأحزاب معينة. الآن أصبح لمصلحة نخبة ضيقة، فقد انتشرت أوراق تشير إلى أسماء معينة و طبعا تستغل عضوية أعطيت لأشخاص معينين مقابل تصويت معين. وكانت النتيجة ما أشرت إليه من مكتب ذا طابع ذكوري في مؤسسة يفترض أن تقاوم هذا التأخر و التخلف التاريخيين. هل هذا يعني أن الاتحاد يحتضر؟ هو في زمن معين أضحى يحتضر على مستوى المواقف والمضامين والمحتوى الذي كان يقوم به مقارنة باليوم. و لكن يفترض أن نساهم في الانقاد. لأنه عندما ننتهي إلى ما أسميته بثقافة الماء لا طعم لها ولا لون لها ولا رائحة، لا وظيفة لها ولا دور لها في مجتمع أو في تاريخ. وهذا واضح من خلال ربط العلاقات حيث أصبحنا نشيع ثقافة الشركات مع بعض دول الخليج، عوض أن نكون نحن الطليعة بالنسبة للخليج. هذا مثال من الأمثلة التي انحدر إليها الاتحاد في التجارب المتأخرة و المؤسفة جدا، و المفترض أن نعمل على تجاوزها نحو ما كان عليه الاتحاد من ادوار مجيدة في المراحل السابقة و التي يشهد له بها المغرب المعاصر و التي تخلى عنها كليا أو جزئيا خلال المراحل الأخيرة. و المرجو أن المؤتمر الأخير يكون بداية تحول و استرجاع تلك الذاكرة النظيفة والطليعية التي كان عليها الاتحاد. هل يمكن القول أن تدني مستوى اتحاد الكتاب هو من تدني المستوى الثقافي ببلادنا؟ والعكس أيضا؛ لان الاتحاد ليس فقط يعكس ولكنه يفعل في الثقافة. وذلك الدور الفاعل والمؤثر لم يعد يقوم به وبالتالي تعمق المشكل. ونحن نعرف أن المجتمع على هذا المستوى سواء في الإعلام و التعليم و المؤسسات التي تنتج و تعيد الإنتاج و تنشر الثقافة في المغرب، كلها معطوبة وأكثر من ذلك معادية للثقافة، خصوصا الإعلام والتعليم. و لكن اتحاد الكتاب باعتباره جمعية ثقافية ريادية وطليعية وقيادية، كان يفترض أن يحارب هذا الوضع. والحال انه عكسه وعبر عنه. فنحن نلاحظ اليوم كيف أن آدابنا في الفنون التشكيلية و المسرح و القصة القصيرة و الرواية و الشعر و في السينما... تدعو إلى قيم ليست بالقيم التي نحتاج إليها. نحن نحتاج إلى قيم العمل والاجتهاد و قيم التجديد والتضامن والعمل المشترك، و أن تكون للإنسان غاية. و ليس إلى قيم الفوضوية و العدمية والكسل والحقد والنميمة والكراهية والفر دانية والأنانية، وهذا منتشر في المجتمع المغربي أو الآداب التي تعكس ذلك الواقع. بمعنى انه يفترض في الثقافة و في المثقف و في الكاتب أن يعمل على تغيير هذا الواقع لا أن يكرسه وأن يزكيه ويعيد إنتاجه. وهذا ما يفترض أن يساهم به اتحاد الكتاب ويلقي الضوء على المضيء وعلى المخيف وعلى المنبه، ويهمش الآداب الغير المسؤولة والشكلانية. و إلا إذا كان الاتحاد يعكس الواقع فلماذا هو موجود؟ فهو ضروري من اجل أن يساهم في تغيير الواقع لا أن يضفي المصداقية على ظواهره المختلفة و هي كلها سيئة. حاوره مصطفى الطالب