قبل عقدين من الزمن أعلن المكتب التأسيسي لحركة المقاومة الإسلامية عن انطلاق حركتهم تزامنا مع بداية الانتفاضة الأولى المباركة، وانطلقت كحركة تحرر وطني تحمل الصبغة الإسلامية، لكن الملفت للنظر وبعد مضي واحد وعشرين عاما على انطلاقتها – 21عاما لا تمثل في عمر الحركات والدول إلا القليل – ارتقاؤها في سلم الأولويات السياسية الإقليمية والدولية حتى أصبح من الضروري لكل اللاعبين في الساحة الإقليمية أن يبنوا استراتيجياتهم آخذين في الحسبان دور حركة حماس السياسي المدعوم بقوتها العسكرية وتأثيرها الشعبي، لذلك انقسمت الدول المعنية بالشأن الفلسطيني بين من يمد يد المصافحة للحركة وتبادل المصالح معها أو أن يشهر في وجهها العداء لتحقيق مصالحه. هذا بالإضافة لحجم التأثر الشعبي الممتد عبر دول العالم والذي يستغل في أكبر الدول لتحقيق المصالح في ظرف الانتخابات، وكمادة رائجة لصياغة الخطابات الشعبية، والانتخابات الأخيرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية خير مثال على ذلك. من جهة أخرى فإن الواقع الجديد والايدولوجيا المتبناة في الحركة تمثل نموذجا جديدا لم تعهده المنطقة من قبل في العصر الحديث، لا سيما أن المزج بين ممارسة السياسة على الطاولة السياسية وممارسة المقاومة على الأرض جعل من الصعب أو شبه المستحيل الاستفراد بالحركة أو حشرها في الزاوية بشكل كامل وعزلها عن الوسط المحيط سياسيا وشعبيا، مما عزز من موقفها ودعم مطالبتها بحقوق شعبها. وفي المحصلة فإن التجربة الفريدة لهذه الحركة في هذه الظروف تحتم على صناع القرار فيها محاكاة الواقع وفتح آفاق جديدة من العلاقات الخارجية والسعي لتوحيد الموقف العربي على صعيد الحركات الإسلامية ذات التأثير الشعبي لتوفير مناخ ملائم من الدعم العربي للقضية الفلسطينية لكي تشكل خط دفاع خلفي للحركة لمواجهة الأعداء الكثر في المنطقة وخارجها. ومما لا شك فيه أن ما أنجزته الحركة في العقدين الأخيرين يمثل نقطة انطلاق لمشروع تحرري كبير أثبت قدرته على البقاء وتغيير قواعد اللعبة السياسية في المنطقة والتقدم في تحقيق الإنجازات على حساب الدولة اليهودية التي بدأ التراجع والانحسار في مشروعها واضحاً في العقدين الأخيرين، ولا أدل على ذلك من هذا التخبط في الصف القيادي وفقدانه التأييد الشعبي الواسع الذي كان يتحلى به المؤسسون للدولة، بالإضافة إلى الانحسار الجغرافي الكبير وتصاعد الأزمة الديموغرافية والتي باتت تهدد وجود الكيان برمته.