عكست نتائج التصويت التي أسفر عنها مؤتمر الاتحاد الاشتراكي على المرشحين للكاتب الأول للحزب، مدى الانقسام في صفوف الاتحاديين حول قيادتهم، إذ لم يفز الراضي، بموقع الكاتب الأول للاتحاد سوى بـ 340 صوتا من أصل 1365 مؤتمرا، أي ما نسبته 24%، بينما احتل فتح الله ولعلو المرتبة الثانية بـ 315 صوتا، أي بنسبة 23% ، في حين احتل إدريس لشكر المرتبة الثالثة بـ 21%، متبوعا بحبيب المالكي رابعا بـ 17%. بينما لم يتجاوز عدد الأصوات التي حصل عليها نصر حجي 20 صوتا، متبوعا بمحمد الحبابي بـ 5 أصوات. وبفوز الراضي بموقع الكاتب الأول يكون الاتحاد الاشتراكي قد أنقذ نفسه من التشتت مرة أخرى، إذ يرى فيه كثير من مناضلي الاتحاد رجل التوافقات سواء بين الاتحاديين أنفسهم أو بين الاتحاد والدولة، غير أن لحظة الإعلان عن فوز الراضي لم تمر دون احتجاج من لدن بعض شباب الحزب، الذين كانت ردة فعلهم قوية تجاه النتيجة، بتكسير الكراسي، ورفع شعارات ضد الكاتب الأول المنتخب، نعتته أ بكونه رجل المخزن وامتدادا له داخل الحزب. ووعد الراضي بلمّ شتات العائلة الاتحادية، والاتجاه صوب العائلة اليسارية، من أجل بناء حزب اشتراكي كبير، وأكد أن التحالفات ستكون بإعادة بعث الكتلة، برؤية جديدة، وإرادة جديدة، وعزم جديد، وبخصوص التحالف مع العدالة والتنمية قال الراضي في تصريح لـالتجديد عقب فوزه، إن الوقت لم يحن بعد لذلك، وأضاف كل حاجة في وقتها، لكنه أكد في الوقت ذاته، أن القيادة الجديدة التي سيفرزها المؤتمر، ستجلس وتتدارس الأمر، في حين ذهب مقربون من الراضي في حديث للتجديد أن الراضي سينهج شعار لا خصومة ولا تحالف مع العدالة والتنمية، كموقف وسط بين لشكر الذي ينادى إلى التحالف، واليازغي الذي طالما دعا إلى المواجهة والعداء. فوز الراضي يعني حسب الكثيرين، انتصار لدعوى الاستمرار في الحكومة، بدل الخروج منها، وهذه النقطة بالضبط هي ما كان محط انتقادات لمؤتمرين عقدوا تجمعا نهار يوم السبت، في بهو قاعة المؤتمر، قالوا فيه إن الاستمرار في الحكومة لا يخدم الاتحاد الاشتراكي، ماذا سنقول للمواطنين وانتخابات 2009 على الأبواب، بأي خطاب وأية أجوبة سنقدمها، يقول أحدهم، ليرد عليه الآخرون بشعارات ضد البقاء في حكومة ضعيفة، إلى جانب وزراء الأصالة والمعاصرة الذي يقودهم فؤاد علي الهمّة الذي جاء لإضعاف الاتحاد الاشتراكي والحلول محله على حدّ قولهم. هذه القضية، أي البقاء في الحكومة، ومعها مسألة التحالفات، والإصلاح السياسي والمؤسسي، وعمل الحزب في أفق انتخابات ,2009 كشفت أن الاتحاديين ليسوا على قلب رجل واحد، ففي النقاش الذي انصب على هذه القضايا الأربع من خلال مدارسة وثيقة مشروع التقرير حول الهوية ومشروع الأرضية السياسية والمؤسسية، في لجنة الهوية، اختلف الاتحاديون إلى حدّ كبير، وتضاربت آراؤهم، غير أنهم رأوا في مطلب ملكية برلمانية، كما وردت في مشروع الأرضية للبيان السياسي مخرجا من تيه الاتحاد، وهي كلمة وردت على لسان أكثر من واحد من المؤتمرين، وهو ما تلقفه محمد الأشعري، معد الأرضية المذكورة من داخل المكتب السياسي، ليرد عليها بأن تاريخ الاتحاد هو تاريخ الصراع ضد الانفراد في الحكم، وضد الاستبداد. لكن اللافت أن هذا المطلب، أي الملكية البرلمانية، لم يحظ بتدقيق أكبر في كلمات المرشحين لموقع الكاتب الأول، فخلال مداخلاتهم مساء يوم الجمعة الماضية، لتقديم تصوراتهم لمستقبل الحزب، أشار إليها الراضي ضمنا، في كلمته المرتجلة، من خلال حديثه عن إصلاحات دستورية ومؤسساتية، وهو نفس ما فعله ولعلو والمالكي، وحدهما إدريس لشكر ونصر حجي الذين ذكرا أن ملكية برلمانية هي الضمانة الوحيدة من أجل المرور نحو انتقال ديمقراطي حقيقي. أما فيما يخص الخروج من الحكومة فلا الراضي ولا لشكر ولا ولعلو ولا المالكي تحدثا عنها، باستثناء نصر حجي الذي دعا صراحة إلى الخروج منها إسماعيل حمودي