يعود العديد من السجناء السابقين إلى ارتكاب جرائم مماثلة للجرائم التي قضوا عقوبات بشأنها، أوأفظع منها، وغالبا ما تسجل حالات العود بعد الإفراج عن بعض المعتقلين بالعفو. ومن بين الجرائم في هذا المجال؛ جريمة اهتز لها الرأي العام خلال شهر شتنبر الماضي، حيث أقدم سجين سابق على قتل طبيب بمدينة الدارالبيضاء؛ بعد أن اعترض سبيله محاولا سرقة هاتفه النقال، غير أن مقاومة الطبيب دفعت الجاني إلى طعنه بسكين كان يحملها معه فأرداه قتيلا. هذا السجين لم يمض على مغادرته سجن عكاشة بالدارالبيضاء سوى يوم واحد، بعد أن قضى عقوبة حبسية قدرها ثلاث سنوات بسبب جرائم السرقة والضرب والجرح. هذا مجرد مثال على مئات الحالات التي تسجل؛ على الرغم من أن القانون يشدد العقوبة في حالة العود، غير أن السؤال المثار في هذا الباب هو: ما مدى نجاعة برامج الإصلاح والتهذيب التي تقوم بها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وإسهامها في إعداد سجناء صالحين؟ وفي هذا الصدد؛ أكد الأستاذ حمادي ماني، رئيس المرصد المغربي للسجون، أن السجن يسهم في خلق أعداء للمجتمع؛ بسبب ظروف الاعتقال وأوضاع المؤسسات السجينة، التي تعاني الاكتظاظ وغياب الرعاية النفسية وتتبع المعتقلين. وأضاف ماني بالقول: من خلال تجربتي الخاصة محاميا ورئيسا للمرصد؛ إن الذي يدخل هذه المؤسسات السجنية لا يمكن أن يخرج منها طبيعيا، ووصف السجن بـماكينة تنتج مجرمين في حالات العود، حسب تعريف المرصد الدولي للسجون. وأشار رئيس المرصد المغربي للسجون إلى عدم توفر إحصائيات حول حالات العود بالمغرب؛ سواء بالنسبة للمرصد أوبالنسبة لإدارة السجون، بينما تتوفر العديد من الدول على إحصائيات وأرقام مثل فرنسا، التي أثبتت العديد من الأبحاث أن 52 في المائة من الذين يغادرون السجون فيها يرتكبون جرائم جديدة في غضون خمس سنوات الأولى. وأوضح ماني أن هاجس العديد من الدول سواء بأوروبا أو أمريكا هي حالات العود، خاصة في الجرائم الجنسية، مما دفعها إلى إصدار قوانين خاصة بحالة العود كما هو الشأن بفرنسا؛ التي أصدرت قوانين في الموضوع سنة ,2005 أما بريطانيا فسنت عقوبات غير محددة في حالة العود سنة ,2003 يضيف المتحدث نفسه، بالرغم من أن هذه الدول لها نظام قانوني سليم. لكن يبقى الوضع داخل السجن بالمغرب أخطر؛ بالرغم من أن القانون المغربي يعتبر حالة العود تستوجب ظروف التشديد في العقوبة قد تصل إلى الضعف. ويظل الحل الأمثل لمجابهة حالة العود، حسب رئيس المرصد، هو تظافر جهود الجمعيات الحقوقية مع جمعيات أخرى من أجل إصلاح السجناء، وذلك يتطلب من الإدارة الساهرة على حراسة السجون أن تفتح الأبواب أمام المجتمع المدني، وتكون أذنا صاغية من أجل إعداد سجناء دون حقد ولا كراهية.