استأثرت مداخلة الشاعر والباحث السينغالي امادو اليمان حول الأدب، الذاكرة والنهضة الإفريقية خلال الندوة التحضيرية للمهرجان الدولي للفنون الزنجية التي نظمت مؤخرا بالرباط، باهتمام جل الحاضرين؛ ذلك أن المتحدث ركز على دور الإبداع الأدبي في تحقيق التقارب بين المجتمعات الإفريقية وعكس صورتها الحقيقية من جهة، والوصول الى النهضة الإفريقية الشاملة من جهة أخرى . وقد جعل الباحث مجموعة من المتدخلين ينخرطون في مشروعه مع التفكير في السبل الناجعة والعصرية لإنزاله على ارض الواقع. وقياسا ، فإن ذلك يصدق على الإبداع السينمائي الذي يعتبر من بين الوسائل الكفيلة لتحقيق مبتغى الوحدة والنهضة. ألم توحد السينما الامريكية ملايين من الأمريكيين القاطنين في جغرافية شاسعة؟ ألم تساهم السينما الأوروبية في بلورة الثقافة الأوروبية والحفاظ على خصائصها؟ فلماذا لا تكون لإفريقيا أعمالا سينمائية موحدة تعكس واقع وثقافة وذاكرة الشعوب الإفريقية؟ اننا نلاحظ اليوم ومع كل أسف أن اغلبيه المخرجين الأفارقة وخصوصا المغاربيين يتجهون في إبداعاتهم السينمائية صوب أوروبا عوض إفريقيا في إطار دول جنوب ـ جنوب. وبالتالي يكرسون التبعية الفكرية لأوروبا وهيمنتها على الانتاجات السينمائية الإفريقية. مع العلم أن القارة السمراء تتوفر على مؤهلات ثقافية وبشرية وطبيعية تجعلها محط أعين الجميع. وإلا كيف نفسر اهتمام المخرجين العالميين بإفريقيا؟ ومن ذلك فيلم أوت أوف أفريكا (ما وراء إفريقيا) للمخرج الأمريكي سيدني بولاك، الذي كان له الفضل في إثارة فضول العديدين لاكتشاف طبيعة وثقافة إفريقيا. لقد اصبحنا في حاجة الى سينما إفريقية تستفيد من جل سينمائييها ومبدعيها، منافسة بذلك السينما الدولية. واعتقد أن المهرجان الدولي للفنون الزنجية هو فرصة عظيمة في وجه السينمائيين الإفريقيين للتعاون فيما بينهم قصد حل كل المشاكل التقنية والفنية التي قد تعيق ميلاد سينما افريقية. ولئن كان مهرجان خريبكة للفيلم الإفريقي قد يعتبر سباقا في هذا المجال، إلا أنه يظل حبيس اعتبارات موسمية وظرفية، ذلك انه مهرجان يتوج أفضل الأفلام الإفريقية ولا يسعى الى توحيد الجهود من اجل إحداث سينما افريقية بخصائص ثقافية افريقية محضة بدل سينما أوروبية بأجسام افريقية. إن من بين الأمور الحتمية اليوم في ميدان الاقتصاد هو تعاون بلدان الجنوب فيما بينهم، لان الهوة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية تزداد بين الشمال والجنوب، و من هنا لابد من العمل على إيجاد سينما افريقية تبرز التعدد الثقافي لقارتنا، وتطرح مشاكلها المتمثلة في الفقر والحروب واستغلال الاجنبيي لتراثها الطبيعية و تدخله في سياسة بلدانها. واعتقد أن السينمائيين المغاربة يمكن أن يبادروا الى هذا المشروع الإبداعي والنهضوي (تنمويا) لما للمغرب من علاقة طيبة مع جل البلدان الإفريقية، ولما يتوفر على سينمائيين ذوي تجارب رائدة. فمتى نلتفت الى الجنوب؟