دعت دراسة حديثة أصدرها معهد بترسون للاقتصاد العالمي (مركز دراسات أمريكي) إلى إنشاء أنابيب متعددة الاستعمالات بين الجزائر والمغرب، ليس فقط لمواجهة الطلب الداخلي ولكن للحد من انتشار تهريب الغاز والبترول بينهما، وكذا الرفع من القدرة الاستيعابية لأنبوب الغاز الجزائري الذي يمر عبر المغرب متجهاً إلى إسبانيا. كما حددت الوثيقة نفسها 4 ميادين حيوية لإحداث الاندماج الاقتصادي بين بلدان المغرب العربي هي: الطاقة والنقل والقطاع البنكي والصناعة الغذائية، ففي مجال النقل اعتبرت الدراسة أن أهم إجراء هو إعادة تشغيل المسالك الطرقية والنقل السككي بين المغرب والجزائر، وبناء طرق سيارة تربط بين بلدان المنطقة لتنشيط حركة التجارة والاستثمار. وفي القطاع المالي اقترح الدراسة إنشاء سوق مالية مشتركة لاستيعاب السيولة الكبيرة غير المستعملة لدى بلدان المنطقة، وعلى صعيد الصناعة الغذائية اعتبرت الدراسة أن هذا القطاع يمنح فرص عديدة للتعاون بين بلدان المغرب العربي، بفعل تشابه أنماط الإنتاج والاستهلاك وعامل القرب الجغرافي، وأضافت أنه يمكن الاعتماد في عملية الاندماج العمودي بين اقتصاديات المنطقة على التكامل في المزايا النسبية لكل بلد على حدة: الماء في المغرب، والطاقة في الجزائر، ومسارات الإنتاج الغذائي في تونس... وتوقعت الدراسة أن يؤدي اندماج بلدان المغرب العربي إلى الرفع من حجم العلاقات التجارية بينها بما بين 4 و9 مليار دولار سنويا (32 إلى 72 مليار درهم مغربي)، وبأن يرتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة لبلدان المنطقة بـ 8,5 مليار دولار (زيادة بنسبة 75 %). واعتبر معدا الدراسة غاري كليد وكلير برونيل تحت عنوان منطقة المغرب العربي والاندماج الشامل: الحلم المنشود أن المعدل السنوي للنمو لبلدان المنطقة بين سنتي 2001 و2005 غير مشجع إذ بلغ 5,2 %، ويعد ويبقى من أضعف المعدلات في العالم كله. وأضافت الدراسة أن بلدان المنطقة لا تنظر لبعضها البعض كأسواق اقتصادية ومنافذ للتموين، وذلك بفعل التوترات السياسية القائمة بين المغرب والجزائر، واللذان يضمان 77 % من ساكنة المنطقة ويحققان 66 % من نموها السنوي، والتي تعد أبرز عائق أمام التعاون الاقتصادي لبلدان المغرب العربي. وفي المقابل بإمكان تلك البلدان تحقيق فوائد كثيرة ـ حسب الدراسة دائما ـ إذا ما ركزت على مطلب الاندماج، سواء على صعيد المبادلات فيما بينها أو في علاقتها بالاقتصاد العالمي. مشيرة إلى فشل كل المحاولات السياسية لتحقيق الاندماج المنشود، وذلك بسبب التوترات السياسية بين تلك البلدان والمقاومة الداخلية لمسار تحرير الاقتصاد. إلا أن معوقات مشابهة تم تجاوزها في مناطق أخرى استطاعت تحقيق اندماج إقليمي كما وقع في أمريكا الوسطى وجنوب آسيا، وسيكون من الضروري ـ يضيف معدي الدراسة ـ تقديم دعم تقني دولي لدول المغرب العربي للوصول إلى الاندماج كما حصل في المنطقتين المذكورتين.