بعد مرور 15 سنة على انطلاق الخوصصة بالمغرب، ما تقييمك لهذه العملية؟ لقد جاءت عمليات الخوصصة في سياق موجة عالمية، وهناك مستويين لتقييمها: المالي والاقتصادي الاستراتيجي، أما الأول فإنه بالرغم من الانتقادات التي وجهت للحكومة من أن خوصصة بعض المؤسسات بأقل من قيمتها الحقيقية، إلا أن العائدات التي حصلت عليها مكنت من تحقيق التوازن لمالية الدولة، ومكنت من استثمار تلك المداخيل في العديد من القطاعات. ولكن من الناحية الاستراتيجية أفقدت الخوصصة الدولة آلية مهمة والقوة التي كانت تمتلك للتدخل في السياسة الاقتصادية، والدليل على ذلك أن جميع القطاعات التي تخوصصت المؤسسات العمومية العاملة بها لم يعد للدولة فيها أي دور، وهو ما كان له تأثير سلبي على القدرة الشرائية. مؤشر آخر هو أن انعكاسات الأزمة المالية العالمية التي ستظهر على الاقتصاد الحقيقيبالمغرب ستكون أقل حدة لو كان للدولة آلية للتدخل لضبط الاقتصاد. في نظرك هل تم توظيف عائدات الخوصصة بشكل ناجع، علما أن نصف تلك العائدات كانت توجه لصندوق الحسن الثاني؟ الحقيقة أن هذا الصندوق قام بدور مهم في عدد من المبادرات والمشاريع، ورغم كل ما يمكن قوله حول مدى صوابية خوصصة هذه المؤسسة أو تلك وبأي ثمن، فأظن أن أحسن ما تم إنجازه هو إحداث ذلك الصندوق والذي ساهم في عدد من المبادرات، وهذا معطى إيجابي. وإذا كان توظيف باقي العائدات فيه نظر فإن الصندوق كان آلية جيدة، ولا يمكن الآن الحكم على المبادرات التي أسهم في تمويلها لأن نتائجها ستظهر على المدى البعيد والمتوسط. في نظرك هل الخوصصة هي البديل الوحيد لكيفية التعامل مع مؤسسات الدولة في سبيل تحرير الميادين الاقتصادية والرفع من الإنتاجية وحفز القطاع الخاص على الاستثمار أكثر؟ لقد نشأت الخوصصة في آخر الثمانينات وبداية التسعينيات في المحيط الاقتصادي والسياسي في الدول الغربية، وقد انصب النقاش في المغرب حول الخوصصة حول إذا من الضروري اعتماد الخوصصة أو إعادة هيكلة المقاولات العمومية، لأن القطاع الخاص يهتم فقط بالمقاولات المربحة. وأظن أن الخوصصة بنسبة 100 % ليست هي السبيل الوحيد للرفع من الإنتاجية، والدليل هو أن أطروحات تدعو الآن في ظل الأزمة العالمية إلى ضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد، ولقد تدخلت بالفعل دول غربية، سيما في القطاعين المالي والبنكي لأنه يمس جوانب أساسية كالعملة والتضخم. وأظن أن الأولى أن يتم المزاوجة بين خوصصة مؤسسات وإعادة هيكلة المؤسسات القابلة لهذه العملية حتى تحافظ الدولة على آلية للتدخل في الاقتصاد الوطني. فيصل الزعراوي هو أستاذ للاقتصاد بالمحمدية