القران الكريم يحب رمضان ، ورمضان يحب القران الكريم ، فهما صديقان حبيبان . قال تعالى ()شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: من الآية185). نزل القران الكريم كله إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ في رمضان ، وتشر هذا الشهر بنزول هذا الكتاب فيه ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتدارس القران الكريم مع جبريل عليه السلام في رمضان ، يسمعه ويتدبره ويتلوه ويتأمل عبره ، ويعيش أنداءه ، ويسرح طرف القلب في خمائله، ويطلق كف الحب في كنوزه . إن الصائم للقارئ يؤلف في صيامه بين رمضان وبين القرآن الكريم، فيعيش هذا الشهر مع هذا الكتاب العظيم الذي قال الله فيه (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ29:) (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد24:) (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء82:) القران الكريم في رمضان له طعم ومذاق ، وله إيحاءات خاصة ودلالات من نوع آخر . القرآن الكريم في رمضان مخضل الانداء معطر النسمات شذي الأنفاس . القران الكريم في رمضان يعيد ذكرى نزوله ، وايام تدارسه ، وأوقات اهتمام السلف به . صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ( اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه وقال صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه وقال عليه الصلاة والسلام اقرءوا الزهراوين ، سورة البقرة وآل عمران ، فانهما تأتيان كغمامتين أو غيابتين ، أو كفران من طير صواف تظلان صاحبهما يوم القيامة وقال عليه الصلاة والسلام الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ، والذي قرأ القرآن وهو يتعتع فيه له أجران سمعتك يا قران والليل غافل سريت تهز القلب سبحان من أسرى فتحنا بك الدنيا فاشرق صبحها وطفنا ربوع الكون نملؤها أجرا أسلافنا إذا قدم رمضان فتحوا المصاحف وحلوا وارتحلوا مع القران الكريم . ثبت عن الإمام مالك أنه كان في رمضان لا يتشاغل الا بالقرآن الكريم، وكان يعتزل التدريس والفتيا والجلوس للناس ، ويقول شهر القرآن الكريم. بيوت سلفنا كان لها في رمضان خاصة دوي كدوي النحل ، تشع نورا وتملأ سعادة ، كانوا يرتلون القرآن ترتيلا، يقفون عند عجائبه ويبكون عن عظاته ، ويفرحون ببشارته ويأتمرون بأمره وينتهون بنهيه . صح ان ابن مسعود رضي الله عنه قرأ على رسولنا صلى الله عليه وسلم أول سورة النساء فلما بلغ قوله تعالى فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) (النساء41:) (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) (النساء41:) قال له عليه الصلاة والسلام حسبك الآن قال . فنظرت فإذا عيناه تذرفان، إنه المحب سمع كلام حبيبه فبكى: إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى فاما من بكى فيذوب وجدا لان به من التقوى حراكا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه استمع لأبي موسى رضي الله عنه ثم قال له لو رأيتني وأنا استمع إلى قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود فقال أبو موسى: لو علمت يا رسول الله أنك تستمع لي لحبرته لك تحبيرا. والمعنى لجملت صوتي أكثر وأكثر ، فجعلت القران الكريم به أكثر تأثيرا وروعة وجمالا. كان عمر رضي الله عنه إذا اجتمع الصحابة قال : يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيندفع أبو موسى يقرأ بصوته الجميل وهم يبكون : وإني ليبكيني سماع كلامه فكيف بعيني لو رأت شخصه بدا وتلا ذكره فحن حنينه وشوق قلوب العارفين تجددا لما فسدت أمزجة المتأخرين عن سماع كلام رب العالمين ، ظهرت التربية معوجة ، والفطرة معكوسة ، والافهام سقيمة. لما استبدل القران الكريم بغيره حل الفساد، وكثر البلاء ، واضطربت المفاهيم ، وفشلت العزائم . ـ القران الكريم مهمته هداية الناس إلى طريق الله المستقيم . ـ القران الكريم نور وشفاء لما في الصدور وعلم وثقافة ومعرفة وبرهان. ـ القران الكريم حياة وروح وإنقاذ وسعادة وأجر ومثوبة. ـ القران الكريم تعاليم ربانية ، ودستور إلهي، وحكمة خالدة . فهل لنا ان نعيش مع القران الكريم في رمضان وغير رمضان ، وهل لنا ان نعرف عظمة القران الكريم فنملأ حياتنا سعادة بالقران الكريم ، ونورا بالقران الكريم، وإشراقا مع القران الكريم ، هل لنا أ، نفعل ذلك؟