أطل علينا شهر عظيم عند الله شهر الصيام والقيام؛ فكيف أكون فيه فاعلا ومؤثرا فيمن حولي؟ ذكرتني هذه الاستشارة وغيرها، بأسئلة وهموم وقضايا كان الصحابة رضوان الله عليهم نساء ورجالا يطرحونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما يجيبهم يعملون ويتمسكون بما سمعوا منه، وكان ذلك من علامات صدق إيمانهم ومن أسباب سلامتهم وعزهم وسؤددهم، ونسأل الله كما وفقنا للإقتداء بهم أن نوفق في العمل والتنفيذ، وأما الفاعلية في رمضان فتكون كالآتي: أولا: استحضار فضائله وخصائصه؛ فهو شهر نزول القران وليلة القدر، وشهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين رواه البخاري ومسلم. إذا كانت الشياطين تغل غفلتنا وتسلسلنا بالشهوات في غير رمضان، فلنستغل تقيدها فيه بهذا الشهر العظيم ولنقبل على إصلاح أنفسنا وتزكيتها قال تعالى(قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها). ثانيا: علينا أن نقبل على رمضان إقبال المكروب على منقذه، والعطشان الذي كاد يقتله العطش على الماء العذب الزلل، وينبغي أن نتعامل مع رمضان على أنه الفرصة الأخيرة في حياتنا، لتوثيق الصلة بالله وتجديد التوبة إليه و تصحيح مسار حياتنا، والتزود من دنيانا لآخرتنا، والتحقق بالتقوى التي هي أكبر مقاصد فرض الصيام في الإسلام. ثالثا: أما الفاعلية في شهر رمضان فتكون بأن يحرص المسلم على أن يكون صيامه باطنا وظاهرا، بالإضافة إلى الإمساك عن المفطرات المادية والطعام والشراب والجماع، يكف عن المفطرات المعنوية والسلوكية مثل الأفكار المنحرفة، وخواطر السوء والحسد والكبر وسوء الظن، ويمتنع عن الكذب والزور والغيبة والنميمة والظلم والرشوة؛ ويقبل على الطاعات بصدق وشغف، ويحافظ على الصلوات الخمسة في خشوع وفي جماعة، وعلى قيام الليل وقراءة القران، ومدارسته والعمل به، وطلب العلم ومجالسة الصالحين، ومن الأفضل أن يضمن كل هذا في برنامج فردي خاص به يتابعه مع نفسه كل ليلة من رمضان. رابعا: الجزء الثاني من الفاعلية يتمثل في حرصه على دعوة أسرته إلى الخير والاجتهاد في الطاعات تقربا إلى الله في رمضان وغيره مدى الحياة، فيتعاون مع المجدين من أفراد أسرته في أعمال البر الكثيرة؛ ولينسقوا جهودهم لاستيعاب المقصرين منهم، وهو ما يطلب سلوكه مع جيرانه وأصدقائه، وبهذا يشكلون جوا إيجابيا مشجعا على المنافسة في الخير والصلاح، مثل التصدق على الفقراء والمحتاجين، والإصلاح بين المتشاجرين، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، خاصة دعوة الغافلين والعصاة ليكون رمضان فرصتهم للتوبة والاستغفار؛ فيبرز لهم عظمة الإسلام والحاجة للإيمان ومزايا الاستقامة وآثارها على الفرد والأسرة والمجتمع وأخطار الانحراف بجميع أنواعه، ويترك لهم فرصة البوح بآلامهم وأمالهم ، وبهذا وغيره تتم الفاعلية في رمضان. وندعو الله كما أمرنا ونقول ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، ويارب وفقنا لصيام ما تبقي من رمضان، وتبتنا بعد رمضان، وأحينا إلى رمضان المقبل حتى نلقاك وأنت علينا راض.