عرف المغرب في الآونة الأخيرة ارتفاع ظاهرة النصب والاحتيال على جميع المستويات، العقار، عبر الأنترنيت، والهاتف النقال...ظاهرة تجعل الناس يتخوفون من أي معاملة قانونية أو غير قانونية، حيث اكتظت المحاكم بمثل هذه الدعاوى، إلا أن معظم النصابين يستطيعون الإفلات من العقاب سواء بسبب ضعف إثبات عملية النصب، أوبسبب هجرتهم خارج المغرب للتمتع بالثروة التي كسبوها عم طريق النصب و الاحتيال. في قضية اليوم نرصد حالة من آلاف الحالات التي تتعرض للنصب والاحتيال من طرف مقاولين يبيعون البقع الأرضية لأكثر من طرف، ويأخدون من الجميع العربون، ثم يهاجرون لوجهة غير معروفة. لم يتوقع (كركور بوعزة وزوجته) أن المال الذي جنياه من غربتهما في أرض المهجر، وأن كدهما كل تلك السنوات سيسرق منهما في رمشة عين، وهما اللذان طالما حلما بـفيلا صغيرة ببلدهما الأم للاستقرار بها خلال عطلة الصيف مع أبنائهما. لكن شاء القدر أن يضيع المال، ويخرج النصاب الذي احتال عليها من السجن لأسباب يجهلونها، ويعودا إلى فرنسا حيث يقيمان بخيبة أمل في بلد مفروض فيها أن تحميهما. وتتلخص وقائع هذه النازلة فيما يلي: بتاريخ 7/8/1993 تقدم المسمى (ك.ب وزوجته) بشكاية مفادها أنهما يشتغلان عاملين بفرنسا، وفي صيف 1993 اتفقا مع الظنين بصفته مقاولا يبيع الشقق والبقع الأرضية؛ على أن يبيع لهما بقعة أرضية مساحتها 160 مترا مربعا، وحدد ثمنها في 420 ألف درهم، كما حدد ثمن البناء في مبلغ 320 ألف درهم؛ على اعتبار أن المقاول ذاته سيتكلف بالبناء أيضا، ليصير المجموع 740 ألف درهم. أبرم الضحيتان عقدا مصادقا عليه مع المقاول، وسلماه مبلغا مقدما بقيمة 250 ألف درهم مقابل وصل موقع من قبله، واتفقا معه على أن يتولى أداء الباقي، وسلماه وكالة لبيع البقعة مساحتها 250 متر مكعب، وسلماه وكالة خاصة لهذا الغرض. وعند رجوعهما خلال العطلة الصيفية وجدا أنه لم يقم ببيع بقعتهما كما هو متفق عليه، وقام ببناء بعض الشقق على البقعة التي فوتها لهما وباعها لغيرهما، وعند احتجاجهما عليه أبرم معهما عقدا آخر ووعدهما بأن يفوت لهما بقعة أخرى مساحتها 251 مترا مكعبا، مقابل أدائهما لمبلغ إضافي قدره خمسين ألف درهم، وعند رجوعهما في السنة الموالية فوجئا بأنه اعتقل لتورطه في عمليات للنصب والاحتيال على عدد كبير من الضحايا بالطريقة ذاتها التي تعامل معهما بها. محاكمة واعتراف في البحث التمهيدي صرح الظنين أنه فعلا اتفق مع المشتكيين على بناء فيلا لفائدتهما على البقعة الحاملة رقم 343 والبالغة مساحتها 160 مترا مربعا، وتسلم منهما ثمن البقعة ومبلغا آخر، ليصير المجموع 250 ألف درهم، زيادة على توكيل خاص ببيع بقعة أرضية في ملكهما في المقابل. وبناء على ذلك وقعت متابعة الظنين من أجل ارتكابه جنحتي النصب وعدم تنفيذ عقد في حالة عود طبقا للفصول 157 ,551 ,540 من القانون الجنائي وبعد الإجراءات المتبعة من طرف المحكمة الابتدائية بعين السبع الحي المحمدي، اصدرت هذه الأخيرة بتاريخ 1996/12/31 في الملف عدد 1534/96 حكما يقضي بإدانة الظنين (ب.ح) بتهمة النصب، وعدم تنفيذ عقد في حالة عود ومعاقبته من أجلها في الدعوى العمومية بعشرة أشهر حبسا وغرامة ألف درهم، وفي الدعوى المدنية التابعة بأدائه لفائدة المطالب باحق المدني (ك.ب، وزوجته) بثلاثمائة وعشرة آلاف درهم. احتيال وتلاعب في التصميم لم يكن (ك.ب وزوجته) الوحيدين الذين تعرضا للنصب والاحتيال من قبل (أ.ن)، فقد بلغ عدد الشكايات المباشرة المرفوعة لدى محكمة البيضاء ضد المتهم ذاته ستة وستين شكاية، وإتماما للبحث في هاته الشكايات تم انتقال الضابطة القضائية إلى السجن المدني بعكاشة، حيث يوجد الظنين (أ.ن) قصد الاستماع إليه، فصرح حسب محاضر أقواله أنه بالفعل تعامل معاملات عقارية مع جل المشتكين حول بيعه لهم شققا، بإحدى العمارات التي يملكها، مشيرا أن من بين المشترين من سلمه المبلغ كله، ويقطن حاليا بالشقة إلا أن الماء والكهرباء غير متوفرين في الشقق لكون الرسم العقاري تضمن أن التشييد يجب أن يكون مراعيا للنظم والقوانين المنظمة لبناء الفيلات، وليس الشقق ذات الطبقات عمارات. من جهة أخرى صرح أنه كان يماطل المتعاقدين الآخرين بسبب عدم تشييد البناء وفق ما هو متفق عليه، مفيدا أن سبب عدم تشييد البنايات راجع إلى أنه تقدم بطلبات من أجل الترخيص بالبناء إلى الوكالة الحضرية المعنية، وأجابته أن التصميم المرفق بطلبه يتضمن أخطاء، فقام بإصلاح التصميم المرفق بطلبه وبعثه إلى نفس الوكالة أكثر من مرة، ومرت سنتان على تقديم طلباته إلا أنه لم يتلق أي جواب منهم. وعن طريقة تعامله مع الزبائن، قال إنه يوجههم إلى شقة معينة كنموذج للشقة التي سوف يشملها البيع مستقبلا، ويخبرهم بأنها نفس الشكل والهندسة للشقة المذكورة، وأضاف أنه بالرغم من علمه بأن التصميم المقترح من طرفه لم يقبل من طرف الوكالة الحضرية، ورغم عدم توفره على رخص البناء فقد ظل يتعاقد مع المشتكين الجدد حول وعده ببيعه لهم شققا وهمية لم يقم بتشييدها بعد. كما صرح المتهم بأنه باع بعض البقع الارضية والمحلات مرتين، وأنه أخذ اموالا عبارة عن تسبيقات للشقق التي لم تبنى بعد.