تطورات مواقف المغرب والجزائر من انقلاب العسكر المدان بموريتانيا تعيد المنطقة إلى أجواء نهاية السبعينيات، والتي تحولت فيها موريتانيا إلى مجال من مجالات التوتر بين المغرب والجزائر، وأصبح حسمها ذا آثار على مجمل ملفات العلاقة بين البلدين؛ وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية. ففي تلك الفترة وقفت الجزائر لصالح الانقلاب على المختار ولد داداه في 10 يوليوز ,1978 وتلاه إيقاف البوليساريو لعملياتها العسكرية ضد موريتانيا بعد يومين من الانقلاب، وبعد أقل من شهر أي في 5 غشت يعلن عن اتفاق الجزائر، والذي قضى بتسليم الانقلابيين آنذاك لإقليم وادي الذهب إلى البوليساريو، وذلك في أجل ستة أشهر، إلا أن المغرب قام بمناورة تاريخية أدت إلى استرجاع الإقليم يوم 14 غشت، ولم تخل مجموع الانقلابات التي حصلت بعد ذلك من حصول دعم مباشر من هذا الطرف أو ذاك؛ سواء انقلاب الضباط الشيوعيون في أبريل 1979 أو أثناء انفراد محمد خونة ولد هيدالة بالحكم في بداية الثمانينيات، وصولا إلى انقلاب ولد الطايع في .1984 وطيلة هذا المسار لم يكن للمبادئ من دور في توجيه مواقف كلا الدولتين، بل خضعتا وبشكل أساسي لمنطق المصالح، خاصة وأن المغرب اكتوى منذ انقلاب ,1978 ورأى كيف هدد بتغيير استراتيجي لمعادلة الصراع على الصحراء المغربية، ويؤدي إلى إفراغ انتصار المسيرة الخضراء من مضمونه. اليوم يتكرر الأمر نفسه، مع فارق أساسي وهو أن الجزائر تجد نفسها خارج معادلة الانقلاب الحاصل في موريتانيا، مما أدى بالرئيس الجزائري إلى رفض استقبال مبعوث الانقلابيين إليه، في الوقت الذي لم يتردد المغرب في إيفاد مبعوث له على نواكشوط، بما عزز من قناعة المراقبين بوجود موقف مؤيد للانقلاب، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل ذهبت يومية الخبرالجزائرية إلى نفض الغبار عن تصريحات سابقة للزعيم السابق للجماعة الإسلامية المسلحة عبد الحق لعيايدة، والتي تفيد وجود مساعي للمغرب لدعم الجماعة؛ مقابل تغيير الموقف الجزائري في قضية الصحراء، وذلك للتأكيد على أن الموقف الحالي للمغرب في موريتانيا له سوابقه في الجزائر. المؤكد أن كلا البلدين وضعا المبادئ على الهامش؛ لتصبح المصالح هي الموجه لسياستهم الخارجية إزاء موريتانيا، وهو موقف رغم مكاسبه العاجلة؛ والتي تناوب عليها هذا الطرف أو ذاك، إلا أنه لم يخدم الاستقرار في موريتانيا ولم يعزز من مبدأ حيادها في النزاع حول الصحراء المغربية، وبدون مراجعة لهذا المنهج ستؤدي موريتانيا ثمن ذلك، ومعها بقية دول المنطقة.