حسب ما صرح به رئيسها للصحافة فاللجنة لم يبق لها سوى صياغة تقريرها وتقديمه للبرلمان قبل انفضاض دورته الحالية. لكن ما الذي قامت به اللجنة؟ وهل بإمكانها الحديث عن حقائق ما وقع بسيدي إفني؟ وهل سيستجيب تقريريها لتطلعات المواطنين في المدينة؟ في كل المدة التي قضاها أعضاؤها الخمسة عشر في مدينة سيدي إفني لم يتجاوز عمل اللجنة الاستماع إلى شهادات المتضررين وشهادات بعض الفاعلين. فرئيسها صرح للصحافة أن اللجنة تجمع لديها ما يكفي من المعلومات لصياغة تقريرها النهائي بعد الاستماع إلى أكثر من 200 شهادة. والرقم لا شك مهم ولكن الأهم منه أن نعرف لمن كانت تلك الشهادات؟ هل تم الاستماع لكل الأطراف ذات العلاقة بالأحداث؟ أم أننا أمام لجنة جمع شهادات المتضررين فحسب؟ لقد طغى على طبيعة المسؤولين الدين تمت برمجة الاستماع إليهم بعدهم عن أحداث السابع من يونيو، ولا يمكن لإفاداتهم أن تنفع في شيء اللهم فيما يتعلق بإعطاء الانطباع الإعلامي عن شمولية عمل اللجنة، وهي شمولية لم تتجه إلى الضروري المتمثل في الاستماع إلى المسؤولين الأمنيين المباشرين عن الأحداث، أو في بلورة بعض التوصيات التي يمكن أن تخرج بها اللجنة في اقتراحها لحلول تنموية للمدينة على الساكنة أن تنتظر تبنيها وتنزيل بعظها في السنين المقبلة. إن المتتبع لعمل اللجنة ومنهج عملها لا شك سيستنتج أن ما قامت به بعيد كل البعد عن تقصي الحقائق. لقد أظهرت محطات حاسمة في مسار عمل اللجنة خضوعها لتعليمات وزارة الداخلية بصفتها الطرف الرئيسي المعني بأحداث سيدي إفني. وقد تم التعامل مع مسؤولي الوزارة تماما كما أرادت هي. فأول من استمعت له اللجنة، قبل أن تضع يدها على شيء في الملف، هو وزير الداخلية وكان مقررا إتباعه بوالي الجهة وعامل الإقليم ووالي الأمن. وهو من الناحية المنهجية لا يعني إلا شيئا واحدا وهو تجنب مواجهة هؤلاء المسؤولين بالحقائق. كما أن هؤلاء المسؤولين حرصوا، ضدا على القانون وضدا على قرار للجنة اتخذته بالإجماع، أن يحضروا بصفاتهم المعنوية كمسؤولين وليس بصفتهم أشخاصا طبيعيين كما ينص القانون. و جاءت شهاداتهم لا تنفع ولا تضر كما يقول المثل الشعبي. كما أن اللجنة لم تستمع للمسؤولي الأمنيين المباشرين. وقال رئيس اللجنة في هذا الصدد لبعض الصحف إن الأهم ليس هو استدعاء أسماء محددة ما دامت اللجنة استمعت إلى المسؤول الأول عن هذه الأسماء وهو شكيب بن موسى وزير الداخلية وهذا أمر خطير للغاية يكشف انحراف اللجنة عن مفهوم تقصي الحقائق الذي يعني الاستماع إلى كل شخص ظهرت علاقته بملف التقصي ما دامت الحقيقة هي المبحوث عنها لا غيرها. ومن غرائب الأمور أن تدرج اللجنة في لائحة من ستستمع إليهم رئيس المجلس البلدي لكلميم، لا لشيء سوى لورود اسمه ضمن بعض إفادات المستمع إليهم. فلماذا لم تستمع اللجنة إلى كل الذين وردت أسماؤهم من مسؤولي وزارة الداخلية المحليين على عشرات الألسن بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة؟ وليس في برنامج اللجنة، حسب تصريحات رئيسها ، العودة إلى الاستماع إلى وزير الداخلية وباقي المسؤولين الأمنيين لا وطنيين ولا جهويين ولا محليين. فأي استقصاء للحقيقة ستقوم به اللجنة وبأي منطق؟ ماذا سيتضمن تقرير اللجنة غير قال فلان وقال علان؟ ماذا ستقول اللجنة فيما ينتظره أبناء المدينة من الإنصاف لهم؟ لقد قال وزير الداخلية في لقائه باللجنة، في أول جلسة استماع لها، أن قرار التدخل اتخذ مركزيا. لكنه لم يجب عن من اتخذ القرار؟ فهل تستطيع اللجنة تحديد الجهة التي اتخذت القرار أم أن الهدف كان هو وضع اللجنة، منذ البداية، في مواجهة وزارة لا يقدر على مواجهتها إلا الله ؟ كما أن نفس الوزير قد صرح تحت قبة البرلمان أن المداهمات تمت تحت إشراف النيابة العامة. ورغم ذلك لم تستمع اللجنة إلى وكيل الملك المعني ولا لوزير العدل ولا لواحد من هدا الجهاز. فكيف لها أن تتأكد مما صرح به المسؤولون بالداخلية من أن التدخل تم وفق القانون؟ إن الذي يمكن الشهادة به في حق اللجنة البرلمانية أنها استمعت إلى كل المتضررين لكنها تواجه بصورة ضعفها مقارنة مع تقارير منظمات حقوقية لا تملك كل الرصيد المعنوي والإطار القانوني والدعم السياسي الدي تمتعت به اللجنة البرلمانية لتقصي حقائق أحداث سيدي افني.