إن الطفل أو القاصر بسبب النقص الذي يعتري نضوجه الجسدي و الفكري يحتاج إلى حماية خاصة وإلى عناية مميزة لأنه يظل لقمة سهلة وفريسة طيعة تسقط بسرعة في فخاخ الجريمة و الجنوح، ويعد مجال الخمور حقلا ملغما حرص المشرع حرصا غير شديد على إبعاد القاصرين عنه وصرفهم عن مغرياته، فأول ما يلفت الأنظار إليه في هذا الإطار هو الحظر الذي فرضه المشرع على المؤسسات الخمرية، من خلال منع استغلال مكان لبيع المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول بجوار المؤسسات المدرسية التي يقصدها عادة الأطفال القاصرين و يتعلمون فيها أصول التربية و الأخلاق الحميدة، وقد ورد هذا المقتضى القانوني في الفصل الرابع من القرار الديواني لسنة 1967 الذي أشار إلى المؤسسات المدرسية إلى جانب أماكن أخرى دينية، وعسكرية، واستشفائية..يمنع بيع الخمور بالقرب منها تفاديا للتأثير الذي قد ينتج عن هذا القرب غير المرغوب فيه. ومن جانب آخر عاقب المشرع بعقوبات مالية مستغل كل مؤسسة خمرية يستقبل في مؤسسته قاصرين بالغين من العمر ستة عشر سنة، إذا كانوا غير مرفقين بآبائهم أو أمهاتهم أو كل شخص راشد هم في كفالته، أي بمفهوم المخالفة إذا كانوا مرفقين بالأشخاص المذكورين فلا مانع من دخولهم المؤسسات الخمرية، وهذه ثغرة كبيرة تثبتت أن المشرع لا يتوفر على نظرة شمولية بخصوص فرض حماية تشريعية للقاصرين ووقايتهم من الآثار السيئة للخمور، فما الفائدة التي سيجني المجتمع من السماح للقاصر الصغير من الدخول للحانات و الخمارات إذا كان مرفقا بوالديه أو أحدهما أو شخص راشد؟ فإذا كان الأب و الأم أو الشخص الراشد قد دخل الخمارة أصلا من أجل تناول المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول، فما فائدة حضور القاصر هناك؟ ثم ألا يناقض المشرع نفسه حينما يسمح بذلك وفي نفس الوقت يعاقب الأبوين إذا تسببا في إلحاق ضرر بأطفالهم من خلال إعطاء القدوة السيئة في السكر أو سوء السلوك(الفصل 482 من القانون الجنائي). ورصدا لمظاهر الحماية التشريعية للقاصرين من المسكرات يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى الفصل 30 من القرار الديواني لسنة 1967 الذي نص على جريمة البيع أو التقديم المجاني للمشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول إلى القاصرين الذين يبلغون من العمر 16 سنة، وعاقب مستغل كل مؤسسة تتوقف على رخصة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وشهرين وبغرامة يتراوح قدرها بين 24 و360 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين إن هو اقترف هذه الجريمة. وإن كان هذا التجريم و العقاب يعني فقط مستغلي المؤسسات الخمرية، فإن المشرع وسع دائرة التجريم و العقاب لتشمل كل شخص كيفما كانت صفته يناول قاصرا يبلغ سنه ستة عشرة عاما خمرا إلى درجة السكر، ويصل الحد الأقصى للعقوبة بالنسبة لهذه الجنحة إلى ستة أشهر حبسا نافذا. عن كتاب خمريات القانون المغربي للأستاذ يوسف وهابي