يوجد بالقانون الجنائي نصوص قانونية تجرم التسول، في نظركم؛ هل هذه النصوص ناجعة لمحاربة هذه الظاهرة؟ يتناول القانون الجنائي المغربي التسول كجريمة في الفصول من 623 إلى 333, وتبدأ العقوبة من شهر إلى ثلاث سنوات سجنا حسب الحالات، فيما إذا كان وحده أو باستعمال أطفال، أو باستعمال العنف والتهديد بالأسلحة، والمتسول هو من له وسيلة عيش، أو بإمكانه الحصول على عمل، لكنه يختار التسول مهنة، والعقوبة تنتقل من الحد الأقصى الذي هو 6 أشهر إلى سنة؛ إذا اقترن التسول باستعمال التهديد، أو ادعاء عاهة أو مرض، أو استصحاب طفل من غير فروع المتسول، وتصل العقوبة إلى ثلاث سنوات إذا اقترن بالأسلحة، مهما كان نوعها. إلا أن الملاحظ أن هذه النصوص لا يمكنها أن تعالج أو تحد من هذه الظاهرة، لأن شروط بقائها ونموها توجد في الواقع، وناذرا ما نرى شخصا تقدم للمحكمة من أجل جريمة التسول. هل هناك نصوص خاصة بتجريم التسول الاحترافي، وبسرقة الأطفال و التسول بهم؟ يعتبر التسول بالأطفال ظرفا تشديدا، وينص عليه الفصل 723 و033, حيث تصل العقوبة إلى سنتين، فالفصل 723 يبحث عن استصحاب طفل أو أكثر، من غير فروع المتسول، أي الأبناء والأحفاد، بمعنى أن المتسول إذا استصحب أبناءه وأحفاده فلا يعاقب، والطفل هنا هو من يقل سنه عن 81 سنة، فهذا الشخص يعاقب بعقوبة حبسية تصل إلى سنتين. أما بالنسبة لسرقة الأطفال؛ فالأمر يختلف، لأننا ننتقل إلى جناية خطف الأطفال، خاصة عندما يتم استعمال العنف أو التدليس في الخطف، فالعقوبة تصل إلى عشر سنوات، وإذا كان عمر الطفل يقل عن 31 سنة؛ فالعقوبة تصل إلى عشرين سنة، والأشخاص الذين يرتكبون هذه الجرائم من أجل استخدام الأطفال في التسول، وإبعادهم عن أسرهم نهائيا؛ هم مجرمون خطيرون، على أكثر من صعيد، والواجب محاربتهم بنهج سياسة دقيقة وصارمة، تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الاجتماعية، الناشئة عن هذه الجرائم، كما أن هؤلاء لا يمكن أن يشتغلوا إلا داخل شبكات منظمة، تصنع الجريمة و تدمر المجتمع. كمحامي ماذا تقترح على هذا المستوى للحد من الظاهرة؟ من الصعب أن أقترح مقترحات عملية ناجعة، لكون الأمر معقدا حقيقة، فالنصوص القانونية لا يمكن أن تحد من الظاهرة، وحتى المقاربة القانونية لن تؤتي أكلها نهائيا، وأعتقد أن ما يمكن أن يقلل من حدتها على الأقل في مستوياتها الخطيرة؛ هي المقاربة الاقتصادية، بما هي مقاربة تنموية واجتماعية، تضع نصب أعينها الرفع من مستوى عيش الطبقات الفقيرة، وإيجاد الشغل للناس، والقضاء على دور الصفيح، وضرب معالم التهميش والبؤس، وبالتالي فمشكلة الأطفال المتسولين أو المتسول بهم ليست قانونية فحسب، بل هي مشكلة مركبة بين ما هو قانوني، وما هو تربوي، واقتصادي. محامي بهيئة تطوان