أفادت دراسة ميدانية حول المسلمون بإسبانيا، تركزت على المهاجرين المغاربة بهذا البلد، بأن المغاربة لا يديرون ظهورهم لدينهم عند انتقالهم إلى بلد آخر بل يتشبثون به وبممارسة شعائره، وأضافت الدراسة التي أشرفت عليها الباحثة الإسبانية خيما مارتين مونيوت وترجمتها للعربية الباحثة المغربية كنزة الغالي بداية سنة 2008، بأن ممارسة الشعائر الدينية من لدن المغاربة تتسم أحيانا بالمرونة، وتتم بطريقة عصرية تتماشى والمحيط الجديد الذي يستقرون فيه. وبهذا الخصوص، أوضحت الدراسة بأن من بين النساء اللائي شملتهن الدراسة من لم يتخلوا عن الدين الإسلامي وممارسة الشعائر الدينية، والمظاهر الثقافية المتعلقة بالوطن الأصل، بدليل أن عددا كبير منهن يصررن على لبس غطاء الرأس مع التحرر والانفتاح، الذي لا يعني ـ حسب الدراسة ذاتها ـ التمرد على الدين ولا على ممارسة الشعائر الدينية. وأبرزت الدراسة بأن عددا من المغاربة عبروا عن رفضهم لما يصدر من الإسبان من ردود فعل سلبية إزاء بعض الممارسات كارتداء الحجاب لدى المغربيات، مما يضطر بعضهن لنزعه حتى لا يتعرضن للمضايقة. واعتبرت الدراسة بأن هذا النوع من المعاملات مؤشر على جهل المجتمع الإسباني بحقيقة الإسلام، مما يدفع بفئة من النساء إلى الانطواء على أنفسهن، واللجوء للمساجد كفضاء ومتنفس، والانشغال بالدين كوسيلة للهروب من الرفض والتهميش الاجتماعي الذي يطالهن. من جانب آخر، ظهر من خلال الدراسة بأن المجتمع الإسباني يترصد هفوات المغاربة، ويتتبع كل ما يمكن أن يستغل إعلاميا ويروج ضدهم، سيما سلوك الآباء إزاء أبنائهم وخصوصا تجاه بناتهم وزوجاتهم، دون فهم أو إدراك من جانب المجتمع الاسباني بأن هؤلاء الذين استقروا في المجتمع الاسباني يحملون معهم المكونات الثقافية لمجتمعه الأصلي الذي تربوا فيه، وبأنه يجب فهم تصرفهم سوسيولوجياً وليس كحالة لصيقة بالإسلام. وخلصت الدراسة ذاتها إلى أنه بالرغم من التنوع المتزايد في مجموعة المهاجرين المغاربة بإسبانيا، فإن الصورة السلبية التي يروجها الإعلام عن المهاجر المغربي لصيقة به ما زالت مستمرة. وأكدت الوثيقة نفسه بأن اتصال المغاربة بالإسبان يظل ضعيفا رغم استفادة المهاجرين من بعض الخدمات في قطاعات الصحة، والتعليم والمجال الاجتماعي، مشيرة إلى أن الاستقرار في الشغل يبقى من بين العوامل المحفزة على ذلك.