أصبح موضوع المخدرات يستأثر باهتمام جميع الأطراف المجتمعية، من أسر ومؤسسات تعليمية، وجمعيات المجتمع المدني، وأحزاب، وجهات رسمية، نظرا للخطر الذي بدأ يهدد المجتمع برمته، والانعكاسات السلبية على العلاقات الاجتماعية، والتكلفة الصحية والاقتصادية، وتنامي ظاهرة العنف والإجرام المصاحبة له. بيد أن عدد المرتمين في أحضان المخدرات بدأ يتزايد، حسب معطيات الواقع الذي ينم على خطورة الوضع، لتنضاف أسئلة جديدة إلى الموجودة سابقا، حول الأسباب التي أسهمت في استفحال الوضعية، وتحديد المسؤوليات، وكيفية الخروج من النفق المظلم للمخدرات. إن العدد الكبير للعمليات التي تضبطها الجمارك في الحدود مجرد الظاهر من الجبل الثلجي، على اعتبار أن إلقاء القبض على بعض بارونات المخدرات، أظهر دخول جهات نافذة في الدولة في هذه المتاهة. كما أن اقتران اسم المخدرات ببعض مناطق شمال المغرب، بات يشكل وصمة عار، ليس على أهل المنطقة والمغرب فحسب، بل على المستوى العالمي. وإن ضعف المراكز المخصصة لعلاج مدمني المخدرات، ومحدودية الميزانية المحددة لهذا الملف من طرف الجهات المعنية، يسهم في تكريس الوضعية، وبقائها مفتوحة على جميع الاحتمالات. وقد أظهرت بعض تجارب الشباب الذين ارتموا في أحضان المخدرات سهولة دخول هذا الباب، ولكن الصعوبة تكتنف في الخروج منه، لتبقى شريحة كبيرة من الشباب المغربي تتخبط في معترك المخدرات بشتى أنواعها، على اعتبار غياب المراقبة الأسرية، وضعف المؤسسات التعليمية في التأطير، فضلا عن أسباب أخرى. وتمس آفة الإدمان كل الطبقات الاجتماعية، فالأرقام تضاعف المخاوف، وبالرغم من أن سعة مشكلة الإدمان لا يمكن تقييمها بدقة، لكون أغلبية التصرفات الإدمانية، و بالخصوص غير شرعية منها، تتميز بالسرية وتحدث في أماكن خاصة، ولذلك تقتصر الأرقام المصرحة لعدد المدمنين على أولئك الذين كانت لديهم علاقة بالمؤسسات الصحية أوالأمنية.