تقفز إلى عينيك وأنت مار بالشوارع الرئيسية في المدن الكبرى بالمغرب أغلفة بعض الصحف والمجلات التي لاتختلف عن مثيلاتها في الغرب، حيث الأجساد العارية والأحاديث الساخنة والأخبار والحوادث الجنسية. وأمامك طريقان، أحدهما أن تشيح بوجهك إلى الوجهة الأخرى، أو تنجذب بالصور المغرية وتقترب من لهيبها، وهنا أيضا أمامك سبيلان، إما أن تحملق مليا بعينيك في هاته الصحف والمجلات، أو تمد يدك إلى جيبك لتقتنيها، فتصير مساهما في طابور الإثارة الإعلامية التي وجدت في المشهد الصحفي المغربي أرضا خصبة للتناسل والتوالد لجني مزيدا من الأرباح الكبيرة.. دعوة إلى الفاحشة هناك نوعان من صحافة هذا المسلك الذي يمجه كل ذي ذوق فطري سليم. أولهما: صحافة مغربية محلية تتغذى على الإثارة في شتى الأجناس الصحفية من أخبار وتحقيقات واستطلاعات وصور وحوارات مثيرة تسعى للإثارة، هدفها تجاري محض، وصحافة أجنبية (غربية وعربية) تدخل إلى المغرب، ومرخص لها من طرف الدولة المغربية ممثلة في وزارة الاتصال، وهذه الجرائد والمجلات خاصة لاتخف أهدافها على أحد. فهناك مجلات وجرائد عربية أضحت تتصدر رفوف الأكشاك المغربية تبرز في صفحاتها الأولى صورا جنسية مثيرة ومغرية، بل بلغ الأمر إلى أن تفرد صحيفة لبنانية معروفة عند هواة مطالعة الصحف بالمغرب صفحات خاصة لعاهرات أمريكيات بأسمائهن وأرقام هواتفهن وصفاتهن وأمزجتهن الجنسية. الانقسام الإعلامي نشرت إحدى المجلات المغربية إعلانا مقنعا على صدر صفحتها الأولى لموقع إلكتروني لقناة إباحية. ولم تكتف المجلة بذلك بل ضمنت الإعلان عنوانا مفاده: فتيات مغربيات في قنوات إباحية، بينما الموضوع المنشور في الصفحة 22 من مجلة الأحداث تي في لا يخص الفتيات المغربيات لامن قريب أو بعيد، وإنما يتحدث عن القنوات الجنسية بصفة عامة ومدى إقبال المشاهد العربي عليها. ولقد عالجت بعض الصحف المغربية هذه الظاهرة، فانقسمت بين مؤيد بدعوى حرية النشر والصحافة وعولمة الجسد، وأخرى ناقمة رافضة لأن للصحافة أخلاقيات وحدود. فكتبت إحدى هاته الجرائد الأخيرة تصف عشرات المجلات الفاضحة الواردة إلى المغرب التي تتضمن مئات الصور الخادشة للحياء والعفة والتي تصل في أحايين كثيرة إلى صور إباحية، ولعل الصور الخليعة التي تدرجها مجلة (شوك) الفرنسية تعد جزءا من الابتذال الإعلامي الذي تروج له كثير من المجلات والصحف التي توزع بالمغرب، فهذه المجلة تروج للشذوذ الجنسي ونشر الرذيلة، وقد خصصت بمناسبة اليوم العالمي للطفل ملفا حول البيدوفيليا وعوض أن تقدم مقاربة للموضوع، أدرجت صورا من التعاطي الجنسي بين الرجال والأطفال في غاية الامتهان، وبسطت على ظهر غلاف العدد 38 صورا لامرأة سحاقية تجهر بقولها وأخيرا عثرت على فتاة تناسب ذوقي. ضررها أكبر من نفعها الروبيو أحد أشهر باعة الجرائد بساحة محمد الخامس بالرباط يعتبر أن هذه المجلات ضرها أكثر من نفعها على جميع الأصعدة، بحيث يقول الروبيو أنا لا أستقبل مثل هذه المجلات لأنها لا تفيد في أي شيء حتى أنا لا أستفيد منها. الروبيو الذي يعرف بدرايته لسوق المجلات والصحف والكتب متذمر مما تزخر به السوق من مجلات لا تخدم القارئ، وتتشكل خارطة قرائها من بعض المراهقين وبعض أتباع الغريزة. السبب بسيط بالنسبة لصديق الصحفيين كما يصطلح عليه هنا بالرباط، في عدم استقباله لمنتوجات سوش بريس التي توزع مثل هذه المجالات من قبيل ليك هيت ووفيتنس ميسكل التي تظهر نساء ورجال بملابسهم الداخلية مصورين عضلاتهم القوية والمفتولة لاتكاد تميز فيها بين بنية المرأة المعروفة بالليونة والرقة وخشونة الرجل وعظمته، بالنسبة للروبيو أن هذه المجلات مدخولها قليل ولا يفيد في شيء، فقط كتجمع علي الناس هناك كيبداو يتصفحوا قدامي ويدركوا لي السلعة. فاطمة الزهراء الودغيري واحدة من المعطلات المعتصمات هنا بالرباط للمطالبة بحقها في الشغل، ترى أن هذه المجلات دخيلة على عالمنا الثقافي والاعلامي. في الوقت الذي يجب أن تحضر وتغرم الجرائد الجادة، كحال المساء التي غرمت بأزيد من 600 مليون سنتيم حكروا غير على المساء وبعض الصحف المغربية الأخرى. هذه الصور المشينة والمجلات الدخيلة بالنسبلة لفاطمة الزهراء القادمة من مراكش هي شكل من أشكال الغزو والتبعية للعولمة الغربية. غير بعيد عن ساحة محمد الخامس حيث يوجد الروبيو وتعتصم فاطمة الزهراء، يعرض محمد الأسمر بباب الأحد منتوجه الثقافي والسياسي المثمتل في الكتب والمجلات بكل مجالاتها وتخصصاتها، حول سؤال هل يجد حرجا في بيعها أو تضييقا من طرف السلطة الأمنية؟ نفى محمد أن تكون السلطة تقوم بمراقبة في هذا الصدد مع أنني لاأقدر على عرض مثل هذه الكتب والمجلات المخلة بالحياء الخاص والعام، يقول محمد. يشير محمد إلى أحد الأكشاك بالقرب من ليسي ديكارت بأكدال الذي يعرض مجلات وجرائد تضم صور فتيات عاريات وحركات جنسية، تصدم مشاعر المغاربة المسلمين في العمق. سلطة الفعل غائبة في حضور سلطة الضمير شخصيا لم أر رجل سلطة يقوم بمراقبة المجلات أو سألني عن مثل هذه المجلات، هذا ما قاله عبد الرحيم أحد أشهر باعة الجرئد بالرباط، عندما سألناه عن مدى قيام رجال الأمن والسلطة عموما بمراقبة طبيعة المجلات التي يعرضها. نفس الأمر ينطبق على الحاج إبراهيم الذي استبعد أن تكون السلطة تقوم بهذا الأمر لكنني يقول الحاجد إبراهيم لم أر منذ أن بدأت في بيع المجلات والجرائد أي رجل سلطة يقوم بمراقبة المعروضات اللهمّ إن كانوا يقومون بهذه المهمة سرا. التجديد حاولت الاتصال بولاية أمن الرباط لمعرفة إن كانت تقوم بهذه المهمة لكن إدارة الاستقبال أكدت عدم الاختصاص في الموضوع لتحيلنا بعد ذلك على وزارة الاتصال التي قالت إن وزارة الداخلية هي المنوط لها بدور مراقبة وحجز المجلات المخلة بالحياء. وهكذا تهنا بين وزارة الداخلية ووزارة الاتصال.