نشرت جريدة le soir يوم الجمعة 28 مارس في قصاصة خبرية أن السيدة نزهة الصقلي تساءلت أمام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية هل من الضروري أن يتعالى صوت أذان صلاة الفجر قرب الإقامات والمركبات السياحية؟قصاصة خبرية خرجت من المطبخ الداخلي للمجلس الحكومي، وجعلت السيدة وزيرة التنمية الاجتماعية تستغرب في عدد أمس في نفس الجريدة أن يخرج الأمر من طرف أحد الوزراء الذين حضروا المجلس إذ لم يحضر غيرهم. الأشغال في المجلس كانت مغلقة، ولم يحضر إلا الوزراء، ويصعب علي أن أصدق أن وزيرا يشوه إلى هذه الدرجة المقترحات التي سادت داخل المجلس، دون أن توضح من يكون وراء ذلك. نعود إلى التوضيح الذي ذكرته الوزيرة نزهة الصقلي في جريدةle soir لعدد أمس، حين قالت إن سؤالها لوزير الأوقاف كان يتعلق فقط بتوقيت الأذان (وبخاصة أذان الفجر) ومدته والقواعد التقنية المتعلقة به ، إذ لاحظت تفاوتا بين مدد الأذان بين المساجد.وزير الأوقاف حسب السيدة نزهة الصقلي أجابها بأن هناك اختلافا وتفاوتا بين المناطق في ضبط مستوى صوت الأذان وألا وجود لضوابط وقواعد تقنية تحدد ذلك. السيدة وزيرة التنمية الاجتماعية، أرادت من خلال كشفها بالتفصيل عما دار في المجلس الحكومي من تفاصيل في هذه القضية أن تضرب عصفورين بحجر واحد، الأول أن تصرف الرأي العام عن تساؤلها الغريب والذي لم تشر إليه في معرض توضيحها لمٌ ْىَُّ بحيث جعلت قضية النقاش بينها وبين السيد وزير الأوقاف في حدود القواعد التقنية التي تضبط مدة الأذان وحجم صوته، وفي نفس الوقت أرسلت اتهاما ضمنيا لوزير من الوزراء بتسريب ما دار في المجلس على نحو مشوه. لكن ليس هذا هو وجه التعليق على الخبر والتوضيح الذي استدركت به لسيدة نزهة الصقلي، فليس المهم مناقشة مدى قانونية طرح اقتراح خارج المسطرة التي يعمل بها المجلس الحكومي كما هو موقف وزير الأوقاف الذي استغرب أن تدلي السيدة الوزيرة باقتراح دون أن تحترم جدول أعمال المجلس الحكومي، فليس المهم هو مناقشة مسألة سرية اللقاءات داخل المجلس الحكومي، ومسؤولية من يسرب الأخبار بشكل صحيح او مشوه إلى الصحافة، وإنما المهم في هذا كله هو مضمون المقترح أو التساؤل الذي تقدمت به السيدة الوزيرة، إذ يفترض ممن يشغل منصب التنمية الاجتماعية والتضامن أن تكون العلاقة التي تربطه بوزراة الأوقاف علاقة متقدمة فالشأن الديني ليس بعيدا عن التنمية الاجتماعية، ودوره لا يخفى على أحد في دعم ثقافة التضامن في المجتمع، والمؤسسات المندرجة ضمن وزارة الأوقاف وبخاصة المساجد والمجالس العلمية وكذا التعليم العتيق والتي من المفروض أن تجد لها الموقع الفعال في التنمية الاجتماعية والتضامن.المفترض أن يكون أداء السيدة نزهة الصقلي في علاقتها بوزراة الأوقاف محكوما بهذا الإطار وبهذه الرؤية، لكن ما الذي يصرفها كلية عن هذا المنحى، ويوجه مركز تفكيرها نحو الأذان. ما الذي يقلق الوزيرة في الأذان؟ وما يضرها في أن يكون الأذان في بعض المساجد يدوم خمس دقائق وفي بعضها الآخر يستغرق ثمانية دقائق أو أقل من ذلك أو أكثر؟ وهل بلغ إلى علمها أن المغاربة يوما اشتكوا من الأذان ومن تعالي صوته؟ بل وهل تملك معطيات تشير إلى أن المقيمين والسياح في الإقامات والمركبات السياحية انزعجوا من تعالي صوت الأذان؟ المشكلة أن السيدة نزهة الصقلي لا تميز بين شعيرة الأذان، وما تعارف المغاربة تاريخيا على تسميته بالتهليل والذي يكون عند صلاة الفجر، ولذلك أخطأت بسب خلطها بين الأذان والتهليل حين قالت إن الأذان في بعض المساجد تصل مدته إلى ساعة!!ما الخلفية التي تحرك السيدة نزهة الصقلي وهي تطرح للنقاش مدة الأذان والضوابط التقنية التي تحدد حجم الصوت فيه؟ خاصة وأن المغاربة على مدار أربعة عشر قرنا لم يطرحوا هذا التساؤل، بل إن الأذان كشعيرة إسلامية كان يشكل بالنسبة إليهم مرجعية للتوقيت ليس فقط الشخصي، وإنما التوقيت الإداري والتعليمي، وكان في نفس الوقت محطة للتذوق الجمالي بالنسبة إلى كل السياح الذين يزرون المغرب. لعل السيدة نزهة الصقلي لا تفقه من هذا التاريخ ومن هذه الاعتبارات الجمالية شيئا بدليل أنها لا تميز بين الأذان والتهليل، إذ لو كانت تفهم هذه الاعتبارات البالغة الحساسية والارتباط بخصوصية المغرب الثقافية والحضارية، لما أقدمت على هذا التساؤلات؟ نتمنى أن تدرك السيدة نزهة الصقلي هذه الأبعاد، وهي وزيرة في حكومة أمير المؤمنين، وأن تستوعب ما يعنيه الأذان في المغرب كشعيرة إسلامية وكخصوصية مغربية، وأن لا يتعدى تساؤلها حدود المدد والقواعد التقنية للأذان، وأن أي ترتيب متوقع بناؤه على مثل هذه التساؤلات حتى ولو تذرع براحة السياح لن تكون له إلا نتائج عكسية لا تخدم بحال جهود تأهيل الحقل الديني.