هل تعتقد أن سياسة اللاعقاب تعمق من الفساد وتشجع على نهب المال العام؟ أولا لا بد أن أذكر أن اليوم الوطني لحماية المال العام تقرر الاحتفال به سنة ,2005 ووافق يوم تأسيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام سنة ,2001 فيما يخص سؤالكم، أنا أؤكد أن الدولة بمختلف أجهزتها المتعددة ليس لها إرادة سياسية للحد من الجرائم الاقتصادية، وأن سياسة اللاعقاب أو عدم الردع المنتهجة ليست فعالة بالشكل الكافي، مما يعطي لناهبي المال العام، فرصة لتكرار جرائمهم، والدليل هو أن الملفات التي انفجرت في 2001 ما زالت متواجدة أمام المحاكم، بالإضافة إلى ما شاهدناه مؤخرا من أحكام بالبراءة في حق بعض المشتبه فيهم سابقا، وبالتالي هذه السياسة، وكذا تخلف الترسانة القانونية للمغرب في هذا المجال، وهو ما نعتبره يحمي أو يشجع المزيد من الجرائم الاقتصادية. ألا ترون أن الامتياز القضائي الذي تتمتع به بعض الفئات يشكل غطاء لنهب المال العام؟ نحن في مطالب عريضة المليون توقيع، طالبنا بحذف الامتيار القضائي لأنه يضرب مبدأ سواسية المواطنين أمام القانون، ويجعل القضاء في حيرة من أمره، هذا بالإضافة إلى أن القضاء في المغرب ليس مستقلا كما أن نزاهته محل طعن من كثيرين، ونحن طالبنا مرارا بحذف الامتياز القضائي، وبجعل القانون فوق الجميع، حتى تأخذ المحاكمة العادلة مداها، ونحن نعتقد أن حذف الامتياز القضائي هو من بين شروط المحاكمة العادلة المتعارف عليها دوليا، كما أنه يشكل عقبة أمام محاكمة المفسدين ببلادنا. لنهب المال العام آثار اقتصادية واجتماعية، بكم تقدر تكلفته في بلادنا؟ ولماذا لم تتحول بعد هذه القضية إلى ملف لدى الفاعلين السياسيين؟ في المغرب، الانعكاسات واضحة جدا، فالتكلفة تبدأ من الارتفاع المتوالي للأسعار وانعكاسات ذلك على المواطنين، كما ينعكس على مستوى حجم البطالة، فضلا عن آثاره الواضحة في المناطق النائية التي تفتقر للبنيات التحتية والخدمات الأساسية، وأيضا غياب أقطاب اقتصادية وصناعية، ثم تكريس غياب الشفافية، من الناحية الرقمية هناك 5 ملايين مغربي يعيشون بأقل من 10 دراهم في اليوم، نصفهم تحت خط الفقر، وبالتالي هذه كلها انعكاسات تجعل الشعب المغربي في وضعية اقتصادية متأزمة، وهذا ما تترجمه الأصوات المرتفعة ضد الزيادة في الأسعار، فإذا قمنا بعملية حسابية نجد أن الزيادة بالملموس المالي هي بسيطة، ولكنها على مستوى القدرة الشرائية للمواطنين فهي مرتفعة جدا، وبالتالي يمكننا أن نقول أن هناك في المغرب اليوم طبقتين، واحدة غنية وفاحشة الثراء، وهي قليلة جدا، وهناك طبقة واسعة تتشكل من عامة الشعب، وتعاني من الفقر ومن غياب الخدمات الاجتماعية، التي هي بالأساس نتيجة للفساد ولنهب المال العام. وكما أنه لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية فاعلة، فإن فعاليتها رهينة باشتغالها في مجال حماية المال العام، ذلك أن الهيئة بمختلف مكوناتها هي ذات دور مساعد ولا يمكنها لوحدها حل المشكل، بل ذلك يتطلب تضافر مجهودات الدولة بمصداقية وبجرأة، إضافة إلى مجهودات فعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات. وبمناسبة هذا اليوم فهي دعوة مفتوحة للقوى السياسية الحية والديمقراطية والنقابات لفتح هذا الملف لأنه سيعفينا من الكثير من التأخر على مستوى التنمية، وعلى مستوى تحسين عيش الشعب المغربي.