يقول المثل الوقاية خير من العلاج، وأنا أتوجه إلى هذا المنبر لعلي أساهم في الوقاية من مشكل يكاد يستفحل، وأرجو أن تدلوني على الطريقة المثلى لتفادي وقوع هوة بين أمي وأبي... أنا طالبة في السنة الأولى من التعليم العالي، أعيش في أسرة مستقرة ولله الحمد لي أخ يكبرني وأخت تصغرني، لقينا الرعاية اللائقة بنا من والدينا ولا ينقصنا شيء من النعم. منذ سنة مضت انخرطت أسرتنا في صفوف المشاركين من خدمات الهاتف الثابت المحدودة قيمة الاشتراك به شهريا على أن يستفيد المشترك من مكالمات هاتفية لأرقام الهواتف الثابتة من الثامنة ليلا إلى الثمنة صباحا، استفدنا من هذه الخدمة في التواصل العائلي والتواصل مع الأصدقاء، لكن خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بدأت بعض مكالمات أمي تطول مع صديقاتها وبدأت أنا ألاحظ أن والدي منزعج من كثرة هذه المكالمات التي قد تصل مدة بعضها إلى ما بين ساعة ونصف الساعة، وإذا جمعت المكالمات قد تكون بالساعات.. صراحة أنا خائفة أن يزعزع الهاتف الثابت علاقة أمي بوالدي التي عهدناها دائما مستقرة لا يشوبها إلا بعض الشوائب العابرة والخفيفة التي لا يخلو منها بيت.. أنا حائرة في أمري هل أحدث أبي لكي لا يلقي بالا للموضوع أم أكلم أمي لتخفف من اتصالاتها أم أسكت حتى يقع ما يقع. أريد منكم أن تنصحوني لأحسن الحلول وسأكون لكم شاكرة. أ . ج بني ملال فاتحي الوالدة بكل تقدير ابنتي العزيزة: أولا أحيي فيك هذه الغيرة وحرصك على استقرار أسرتك الصغيرة ولا شك أن هذا الأمر هو نتيجة تربية إيجابية متوازنة تلقيتها من الأب والأم وأتمنى لك ولأمثالك السير في هذا الاتجاه. لقد طرحت قضية ومشكلة في غاية من الأهمية وهي مرتبطة بالتطورات التكنولوجية التواصلية التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا الشخصية والاجتماعية بتأثيراتها السلبية والإيجابية. والهاتف بمختلف أنواعه يدخل في هذا الإطار. هذه الخدمة التي تحدثت عنها بطبيعة الحال لها جوانبها الإيجابية كما لها جوانبها السلبية ومنها ما تحدثت عنه في رسالتك. ومن خلال الاستشارات التي نتلقاها يتضح أن الإدمان المرضي على الهاتف شكل ويشكل مشاكل أسرية وزواجية عديدة أقلها انشغال الأم أو الأب عن أطفاله وعن أسرته. وتواجده بهذه الحالة تواجد جسدي فقط. كما ينتج عن هذا الإدمان حواجز تواصلية بين أفراد الأسرة، فهذا مشتغل في الهاتف وذاك مشتغل على الأنترنت والآخر مشتغل في أمور أخرى. واذا كان التلفزيون في الماضي مشكلا وعائقا تواصليا فإن هذه الطفرات التكنولوجية اصبحت أصعب وأكثر تأثيرا في هذا الجانب من التلفزيون. ولهذا، على الأزواج خاصة والآباء منهم عامة أن ينتبهوا إلى هذه الأمراض المرتبطة بالعصر وأن يتجنبوا ما أمكن عوائق الاتصال والتواصل العائلي وعودة إلى رسالتك فرأيي أن تفاتحي الوالدة في الموضوع بكل حب وتقدير وتواصل إيجابي من باب الحرص والغيرة على استمرار الفضاء والجو الأسري الذي تحدثت عنه. لكن تنبهي أن هذه النصيحة يجب أن تراعي فيها ظروفها وجوها وطريقتها حتى يمكن أن تؤتي أكلها. مثلا أن لا تحدثيها في الموضوع وهي على الخط الهاتفي وأن لا تحدثيها في الموضوع وهي في جماعة من صديقاتها أو أمام والدك. لكن حاولي أن تستفردي بها وتفتحي معها الموضوع بالشكل الذي تحدثنا عنه من قبل. ومرة أخرى أحييك على مبادرتك وأتمنى أن نسمع عنك كل خير.