مرسوم حكومي جديد يُحوّل "منطقة التصدير الحرة طنجة تيك" إلى "منطقة التسريع الصناعي" ويوسّع نطاقها الجغرافي    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية    طنجة تحتضن النسخة الحادية عشرة من الدوري الدولي "مولاي الحسن" بمشاركة أندية مغربية وإسبانية    الشيبي يسهم في تأهل بيراميدز    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    وليد الركراكي: نهجنا التواصل وعرض مشاريعنا على اللاعبين مزدوجي الجنسية... نحترم قراراتهم    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    أسبوع المغرب في موريتانيا".. منصة لتعزيز الشراكة جنوب-جنوب وتوسيع آفاق التعاون الثنائي    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    باحثون: "الإقلاع عن السجائر الإلكترونية ممكن بفضل حبوب التوقف عن التدخين"    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    "البيجيدي" يعلن غياب وفد "حماس" عن مؤتمره    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    المغرب استورد أزيد من 820 ألف طن من النفايات والمواد القابلة لإعادة التدوير خلال 2024    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    اتفاقية تدعم مقاولات الصناعة الغذائية    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    المعرض الدولي للفلاحة بمكناس: مجموعة القرض الفلاحي للمغرب توحّد جهود الفاعلين في مجال الزراعة الذكية    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة قلب المجتمع وأساس في استمرار الحياة
نشر في العلم يوم 12 - 03 - 2010

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» وروي أن عمرو بن العاص دخل على معاوية وعنده ابنته عائشة فقال من هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال هذه تفاحة القلب فقال انبذها عنك قال ولم ؟قال لأنهن يلدن الأعداء ويقربن البعداء ويورثن الضغائن. فقال لا تقل ذاك يا عمرو فو الله ما مرض المرضى ولا ندب الموتى ولا أعان على الأحزان مثلهن .وإنك لواجد خالا قد نفعه بنو أخته فقال عمرو ما أعلمك إلا حببتهن إلي.
انطلاقا من هذاالحديث وهذا الأثريحسن بنا أن نتحدث عن المرأة لنسهم في تقدمها وتأهيلها ولنواكب حركة توفقها في أداء رسالتها ولنؤكد على أهميتها في التربية والتوعية الدينية والتنمية الإجتماعية إذ بدونها لا تستقيم الحياة ولا تشق طريقها إلى الأمام ولا تستقر الأوضاع ولا يحصل التوازن ولا يسعد العباد ولهذا شدد الإسلام على ضرورة احترام المرأة وحمايتها وصيانتها وضمان حقوقها وعدم تهميشها واحتقارها أو استصغارها أو الحط من كرامتها وقيمتها . وهي الأم والمربية والمرضعة والحامل ومسوية البيت والحاضنة للأسرة والقابلة لعيوب الزوج ومدبرةالبيت والمنشئة للأطفال وهي الحنون الرءوف والمدرسة المكونة للأجيال على الأخلاق والحس الوطني والمتعهدة للأبناء بالتنظيف والإلباس والتنويم والإيقاظ والتقبيل والرعاية والتطبيب والتمريض وهي التي تناولهم الطعام والشراب وتسبل عليهم بانسياب من حنانها وعطفها ورحمتها وحبها ووداعتها ورشاقتها ما يسعدهم وينميهم وينعشهم وينشطهم وما يحسسهم بحلاوة نعمة الأمومة وفيض فضل الرعاية الأبوية وتسهر على راحتهم إلى أن تشتد سواعدهم ويكبروا ليكونوا جاهزين قادرين على العطاء والبناء والتشييد لإقامة المجتمع الفاضل ويشاركها في أداء هذه المأمورية النبيلة والحقوق الواجبة أخوها الرجل الذي هو الأب وهو من يوفر بتعاون معها تكاليف العيش فالأب والأم خطان متوازيان ورفيقا الحياة لا يستغني أحدهما عن الآخر كيف لا وبهما استمرت الحياة منذ أن خلق الله آدم وحواء إلى الآن وإلى أن تقوم الساعة .وذلك أن الأب والأم هما النواة الأولى لتكوين الأسرة، والأسرة هي النواة الأولى لتكوين المجتمع الكبير الذي عليه مدار الحياة ، وهويتكون من الصغار والكبار والشباب والشيوخ والكهول. وبالكل يتقدم الوطن الذي يحتضن الجميع وكلما ذهب أحد عوض بآخرين بفضل تلاقح المرأة والرجل وكلما هرم أحد أو شاخ قوي وشب آخرون ويبقى الشباب هم عمدة المستقبل ولولا الأم ما كانوا فهي كما قال شوقي:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
ولا يخفى على أحد أن المرأة لها دور بارز في الحياة العامة بصفتها عنصرا فاعلا في هذه الحياة ولها ذكر في الكتاب والسنة ففي القرءان الكريم سورة النساء وسورة مريم وسورة الطلاق بالإضافة إلى سور أخرى تناولت قضايا المرأة آمرة بالإحسان إليها والرفق بها وإعطائها حقها وتمكينها من أداء خدماتها ووظائفها مثل أخيها الرجل في إطار جو من التفاهم والإنسجام والتعايش و الإحترام حتى لا يطغى الرجل على المرأة ولا تطغى المرأة على الرجل وحتى لا يزا حمها ولا تزا حمه وحتى لا يطمع فيما لها ولا تطمع هي فيما له خصوصا وأن كل واحد منهما قد عرف ماله وما عليه فما للمرأة هو للمرأة وما للرجل هو للرجل فهي لا تطمع في أن تكون إماما في الصلوات ولا أن تكون إماما أعظم لأن هذا ليس من حقها ولا أن تكون مساوية
له في الميراث ولكن من حقها أن تكون معلمة وأستاذة وطبيبة وممرضة ورئيسة جماعة وبرلمان ووزيرة لها نفس الحقوق في هذا المجال تنتخب وتنتخب تصوت ويصوت عليها وتسوق السيارة وتترأس الإجتماعات السياسية وتنخرط في الأحزاب والجمعيات والنقابات لكن بمراعاة الضوابط والشروط اللازمة ومن حقها أن تعظ الناس في المساجد والبيوت وتلقي الدروس وتؤطر الحجاج وتعلم الناس أمر دينهم ودنياهم إذا كانت في المستوى المطلوب وتوفرت فيها شروط الوعظ والإرشاد. إذا فا لمرأة لها نفس الدور الذي يؤديه الرجل في مجال الحياة العامة لكن في إطار الحشمة والمروءة والحياء ومراعاة قواعد الشرع . وكم كانت المرأة في الجاهلية مهضومة الحقوق ومسلوبة الحرية ومعتدى عليها وكانت بمثابة بضاعة تباع وتشترى مشكلة عليهم حسب زعمهم واعتقادهم وصمة عار في جبين مجتمعها حتى كان بعضهم يجهز على مولوده إذا كان أنثى بمجرد ما أن يرى نور الحياة . قال تعالى: «وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء مابشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء مايحكمون» [النحل]. فكان الرجل منهم يدفن بنته في الحياة ليتخلص من العار كما يدعون فلما جاء الإسلام حارب هذه الجريمة ليرفع من قيمة المرأة وكان لها فضل السبق إلى الدخول في الإسلام كما كان لها دور بارز في نصرته ورفع راية لاإله إلا الله محمد رسول الله.فكانت المرأة عضوا في أول خلية دعت إلى دين الإسلام وهي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة عالمة شريفة تأكل من عرق جبينها وعلى الصدق في مزاولة التجارة التقت بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي تزوجها بالزواج الذي أبقى عليه الإسلام فلما نبيء النبي صلى الله عليه وسلم بإقرأ وأرسل بالمدثر آمنت به خديجة من النساء وآمن به أبو بكر من الرجال وآمن به علي بن أبي طالب من الأطفال. وليس هذا فقط بل إن خديجة هدأت من روع النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبرها بخبر غار حراء وما رأى من أمر جبريل وهو يبلغه بأمر أول ما نزل عليه من كتاب الله من سورة اقرأ إذ جاء من غار حراء يرجف بها فؤاده وهو يقول: «زملوني زملوني» فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة « مالي»وأخبرها الخبر« لقد خشيت على نفسي» فقالت خديجة كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. ومن أراد المزيد من العلم في هذا الباب فليقرأ مؤلفات السيرة ..وفي فضل خديجة أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما في باب المناقب من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «يارسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب »وكان حضور المرأة ثابتا في كل المشاهد وكان لها رأي صائب وكانت تشيرعلى الرجال وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ برأيها ويرجحه ويعمل به كما وقع في قصة الحديبية وكانت سنة ست للهجرة لما منع المشركون رسول الله ومن معه من المؤمنين من أداء العمرة حيث انتهى الأمر بعقد صلح مع قريش على أساس أن لا يعتمر هذه السنة ويرجيء ذلك إلى سنة قادمة فلما كتبت بنود الصلح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه المعتمرين «قوموا فانحروا ثم ا حلقوا» فوالله ما قام منهم رجل وا حد حتى قال ذلك ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة« يارسول الله أتحب ذلك ا خرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحربدنك وتدعو حالقك فيحلقك» فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما وكانت أم سلمة هي صاحبة هذا الرأي السديد. وكان للمرأة في أكثر من مناسبة الشجاعة والإقدام والقدرة على المشاكسة والقتال أقوى من الرجل ونسجل للمرأة هذه الشجاعة في غزوة الأحزاب التي كانت سنة خمس للهجرة قال ابن إسحاق كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت وكان حسان فيه مع الصبيان قالت صفية فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في غور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت قالت فقلت «يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من ورائنا من يهود وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله»
قال «والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا» قالت «فاحتجزت ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته ثم رجعت إلى الحصن وقلت يا حسان انزل إليه فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل» قال« مالي بسلبه من حاجة» وفي غزوة بني المصطلق التي كانت سنة ست أعتق المسلمون مائة من أهل بيت بني المصطلق بسبب تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بجويرية بنت الحارث سيد القوم وقد أسلموا وكانت جويرية ضمن السبي فوقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبها فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها وكانت المرأة حاضرة في الهجرة وفي الغزوات وكانت تنشد الشعر لتحميس الرجال على القتال وكانت تداوي الجرحى وتؤدي أدوارا بطولية ومهمة لنصرة الإسلام .وفي بيعة العقبة بمنى كان حضورالمرأة بارزا من خلال أم عمارة نسيبة بنت كعب وأسماء بنت عمرو بن عدي . ومن منا لا يتذكر خدمات أسماء بنت أبي بكروأختها عائشة في تهييء ظروف رحلة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق.قالت عائشة أختها رضي الله عنهما «وجهزناهما أحث الجهاز ووضعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب وقطعت الأخرى فصيرتها عصاما لفم القربة فلذلك لقبت ذات النطاقين»ومن من الناس من لم يأخذ الفقه والتفسير من أم المؤمنين عائشة حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» ولذلك كان الصحابة يسألونها في أمورالدين وهي التي روت الكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم . كما أن المرأة كانت تنظم الشعر مثل السيدة الخنساء التي لها ديوان وكانت امرأة صابرة استشهد أولادها في معركة القادسية فقالت «الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة»كما بكت في شعرها أخويها فقالت في أخيها صخر الذي كان يتحلى بالشجاعة والكرم والوفاء وعلو الهمة
فلا والله ما أنساك حتى أفارق مهجتي ويشق رمسي
فقد ودعت يوم فراق صخر أبي حسان لذاتي وأنسي
فيا لهفي عليه ولهف أمي أيصبح في الضريح وفيه يمسي
يذكرني طلوع الشمس صخرا وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
ومن العاقلات العربيات المفكات للألغاز والكنايات هند بنت النعمان التي كانت تأبى الظلم والاستبداد والاستعباد وكانت ذات حسن وجمال وقد تزوجها الحجاج بن يوسف الثقفي طاغية العراق في عصره وكان هو الآخر خطيبا مصقعا وداهية من دهاة العرب ولكنه كان سفاكا للدماء، دخل يوما على هند بنت النعمان وهي تنظر في المرآة وتقول:
وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل
فإن ولدت فحلا فلله درها وإن ولدت بغلا فجاء به البغل
فانصرف الحجاج راجعا ولم يدخل عليها ولم تكن علمت به فأراد الحجاج طلاقها فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم وهي التي كانت لها عليه وقال :«يا ابن طاهر طلقها بكلمتين ولا تزد عليهما» فدخل عبد الله بن طاهر عليها فقال لها :« يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك عليه» فقالت : «اعلم يا ابن طاهر إنا والله كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب بني ثقيف»، وقيل بعد طلاقها تزوجها عبد الملك بن مروان فلما أرسل إليها يخطبها أرسلت إليه بعد الثناء كتابا تقول فيه« اعلم يا أمير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب»فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول :«إذاولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب فاغسلي الإناء يحل الإستعمال». ومن شجاعة المرأة نذكر نسيبة بنت كعب التي قاتلت قتالا شديدا في غزوة أحد قال الرسول فيها«ما التفت يمينا أو شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني»ومر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة استشهد زوجها وأبوها وأخوها في أحد وقد أخبرت بذلك فقالت «إني أسال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» فلما علمت بسلامته قالت«كل مصيبة بعده جلل» .والنماذج في هذا الباب كثيرة
.وكانت المرأة إلى جانب هذا تحفظ القرءان وتقوم بأعمال مختلفة والله عز وجل كان يبارك خطواتها ويوجهها وكما نادى المؤمنين نادى المؤمنات وكما أمر المؤمنين أمر المؤمنات وكما خاطب المؤمنين خاطب المؤمنات
ولذلك يخطئ من ينتقص من قيمة المرأة أومن يظن أن المرأة لا دورلها في الحياة إلا ما يتعلق بالمعاشرة الزوجية والإنجاب .
وفي بلدنا المغرب كانت المرأة عنصرا بارزا في الحركة الوطنية للدفاع عن مقدسات الوطن ومنهن من وقعن على وثيقة المطالبة بالإستقلال في وقت كانت هذه المطالبة في مفهوم المستعمر تعني الموت والإعدام والسجن والتعذيب والتنكيل. ولكن المرأة أبت في شخصية مليكة الفاسي إلا أن تكون مع إخوانها الرجال .وفي المسيرة الخضراء المظفرة لتحرير الأقاليم الصحراوية المغربية كانت حاضرة كذلك وهي الآن تمارس حقها الدستوري بكل جدارة واستحقاق مسجلة حضورها في كل الميادين في التعليم والصحة والإسكان وفي كل المجالات. فانا هناك لم أخض في موضوع حجاب المرأة وخمارها و هل تظهر وجهها و كفيها وعينيها أو إحدى عينيها وهل يلزمها لبس النقاب و القفازين إلا في حالة الإحرام و حتى في الإحرام تسدل خمارها إذا حاذت الرجال وهل صوتها يعد عورة أو ليس بعورة وهل ترخي قميصها أو جلبابها تحت قدميها شبرا أو شبرين فمثل هذه الأمور كما قال الأستاذ عبد الله البقالي تناولها ا جتهاد الفقهاء بالدرس والتحليل والشرح ولهم فيها أقوال وآراء بناء على الأحاديث والآيات القرءانية يتعذر علي استعراضها أو إلقاء نظرة عليها وقد تعمدت عدم الخوض فيها تجنبا للتطويل ولكون هذا لا يتناسب مع موضوعنا الآن وإذا اقتضى المقام التحدث في هذا المجال فسنعرض له في مناسبة قادمة فخلاصة ما نتوخاه من إعداد هذه الورقة هو أن الإسلام عني بموضوع المرأة عناية واضحة حيث بوأها مكانة مرموقة وأحاطها بسياج من الكرامة والعفة والوقاروهذا لا يخفى على ذوي البصيرة . والمغرب من بين الدول التي المسلمة التي انفتحت على المرأة ومكنتها من تصريف أمورأمتها ومن القيام بخدمات تحفظ لها كرامتها وتصون حقوقها وتحسسها بأنها عنصر فاعل في المجتمع مما حفزها على العطاء والابتكاروالإبداع والمساهمة في التنمية ونهض بها خطوات إلى الأمام
وبالله التوفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.