لاحظ مغربي مدى استغلال جمعية أوروبية لحاجة الصم البكم وتأثيرها على هذه الفئة تحت غطاء اجتماعي، إذ بقدر ما تقدم من مساعدات في تكوين وتأهيل الصم والبكم ومساعدة أسرهم، بقدر ما تشيع وسطهم الدعوة إلى اعتناق المسيحية، وأحس المغربي بالغيرة على أبناء وطنه وملته الذين ينساقون وراء دعوات التبشير تحت ضغط الفقر والحاجة، وعزم في قرارة نفسه على أن يشعل شمعة بدل أن يلعن الظلام. خمرهذا الغيور فكرة تأسيس مركز للصم البكم ووضع أرضية للمشروع واستعان بخبرات متخصصة، ووجد صدى لدعوته من غيورين من بني وطنه الذين وجدوا في اقتراحه حلا عمليا بدل رفع شعارات رنانة. تم اقتراح المشروع كفكرة بسيطة كانت ستكلف مبلغا ماديا باهضا لكن ما إن برزت الفكرة وعلم بها ذوو الأيادي البيضاء حتى سارع كل بما جاد الله عليه، هذا يتبرع بأرض للمشروع وآخر خبير يتبرع بدراسة مجانية للمشروع وهذا يتبرع بمواد البناء والأستاذ يتبرع بتكوينه لتلقين فئات الصم البكم. إن هذه اليد البيضاء هي صلب وروح ما تدعو إليه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تنمية الإنسان في عقله وقدراته وهويته، وحمايته من كل ما يهدد ثوابته ووطنيته حتى يكون مواطنا صالحا مصلحا يفيد ويستفيد، ولا يكون عالة على غيره ينتظر يدا أجنبية تجود بعطاء وتساهم في هدم صرح الهوية. إن أمثال هؤلاء الذين يشعلون الشموع بدل لعن الظلام يستحقون أن يحتفى بهم ويشاع نورهم ليكونوا قدوة لغيرهم وليدركوا هم فعلا أنهم على ثغر ليس بالسهل، وهم أيضا محتاجون إلى من يقف بجانبهم يعضد أفكارهم وينفذ منها ما فيه صالح للفئات المحتاجة لشتى أنواع الرعاية الاجتماعية والمادية والفكرية. هنيئا للصم البكم الذين سيسعدون بيد بيضاء تتركهم على المحجة البيضاء، وهنيئا لصحاب فكرة إنقاذ أبناء بلدته من أطماع الأجانب، وهنيئا لهذا الوطن الحابل بمثل هؤلاء المعطائين.