يكفي لكل سائح خليجي أن يوفر احتياطا ماليا من خمسة آلاف درهم قبل مجيئه للمغرب من أجل متعة السياحة الجنسية وهتك عرض فتيات مغربيات يعشن تحت وطأة الحرمان المالي، وهو المبلغ أوالكفالة القانونية التي قدمها كل واحد من السعوديين الثلات، المحرحلون من مراكش مؤخرا، كتعويض للإفلات من العقاب، بعدما ضبطوا متلبسين في ملف الدعارة رفقة فتيات مغربيات يقبعن الآن في السجن، كان هذا تعليق لمصدر قانوني على الواقعة حين سألته التجديد عن تمييز الأجانب خاصة الخليجيين عن المغاربة في إطار متابعتهم في ملفات الفساد أوالدعارة، وكأن الأمر رسائل غير مشفرة ترسلها المحكمة الابتدائية بمراكش لكل سائح خليجي تورط في قضايا الفساد، في حين تقضي بالسجن في حق المغربيات اللواتي ضبطن في نفس الملف، بل الغريب في الأمر أن يطلق سراح السعوديين في ملف بذاته، والحكم عليهم بالسجن شهرا بعد رحيلهم ولا ندري أين سيقضون مدته، ولا كيف سيؤدون غرامة 5000 درهم. وزاد مصدر قانوني آخر فضل عدم الكشف عن إسمه لحساسية الموضوع، إن نظام الكفالة معروف في المغرب، وتبقى السلطة التقديرية لدى المحكمة التي ترى أنه لا مانع في متابعة هؤلاء في حالة سراح، لكنها لا تقدم الضمانات الكافية من أجل إحضارهم أثناء المحاكمة، بل تعطيهم الفرصة الكاملة للمغادرة بدون عقاب. وتعتبر قضية مراكش حالة بسيطة من بين الحالات الكثيرة التي يرحل فيها الأجانب، سيما الخليجيين المتورطين في قضايا الدعارة، في حين تحاكم الفتيات في القضية ذاتها ويحكم عليهن بالسجن، وتتابع المحكمة مراحل الحكم دون حضور الطرف الثاني لأنها سمحت له بمغادرة التراب الوطني ولهذه الأسباب آثرنا أن نثير موضوعا لا يزال محط تساؤل الكثير من المتتبعين . تعامل قانوني غير متكافئ عبر خالد الشرقاوي السموني رئيس الائتلاف المغربي ضد السياحة الجنسية والاعتداءات الجنسية على الأطفال، وسفير النوايا الحسنة، عن استغرابه من التعامل غير المتكافئ بين المغاربة والأجانب في ملفات الدعارة، وقال في تصريح لـالتجديد إنه راسل وزير العدل في هذا الشأن منتصف الشهر الجاري، حيث أشارت رسالة الائتلاف، بعد التذكير بتورط سعوديين في ملف الدعارة مع فتيات مغربيات إحداهن قاصر، إلى إدانتها الشديدة إلى كل الأعمال الحاطة بالكرامة الإنسانية، والتي تمس جوهر السياحة المسؤولة والمحترمة، وأعلنت عن رفضها التام لإطلاق سراح المتهمين السعوديين، ودعت إلى متابعتهم قضائيا وإنزال أشد العقوبة بهم. وعلمت التجديد أيضا أن الائتلاف المغربي ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال ينوي مراسلة منظمات دولية تعنى بالسياحة الجنسية وتبلغيها بمجريات الأحداث لتراسل وزير العدل هي أيضا، خاصة بعد صدور الأحكام في السابع عشر من فبراير الجاري ومغادرة السعوديين للمغرب دون عقاب. وكان التحالف الدولي للسياحة المسؤولة والمحترمة قد نشر تقريرا حول انتشار صناعة السياحة الجنسية في المغرب، وكشف عن مختلف أسباب هذه الظاهرة واقترح حلولا لها، كانت فيه إشارة واضحة إلى أن السياحة الجنسية تعتبر خرقا للاتفاقيات الدولية القائمة التي صادق عليها المغرب، وخاصة معاهدة 1949 ضد الاستغلال الجنسي للنساء، ومعاهدة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة والمعاهدة الخاصة بحقوق الطفل. برلمان ومعارضة.. ولكن؟ وعلى اعتبار أن ظاهرة الدعارة صارت تشكل معضلة بشعة تنخر جسم المجتمع سيما خلال السنين الأخيرة، وعلى اعتبار أن التساهل في العقاب من شأنه أن يشجع الفاعل على إعادة ارتكابها، طالب فريق العدالة والتنمية ومنذ 2006 بمعاملة المتورطين في فضائح السياحة الجنسية على قدم المساواة، في إطار الاحترام التام للقانون وسيادة الدولة، وأكد الفريق خلال سؤاله الموجه لوزير العدل المرحوم محمد بوزوبع، حول تعاطي قطاع العدل مع منتهكي أعراض بعض المغاربة أن ترحيل الأجانب إلى دولهم بدل متابعتهم قضائيا إسوة بشركائهم المغاربة يعد إجراء خاطئا يمس بمصداقية الجهود الأمنية المبذولة في مجال محاربة السياحة غير النظيفة، كما يمس بالجانب النفسي والمعنوي والاجتماعي للمواطنين المغاربة عموما، وبالنسبة لمن لهم علاقة بهذه القضايا على وجه التحديد سواء المتورطين بشكل مباشر أوعائلاتهم وذويهم . أوضح النائب عبد الجبار القسطلاني في تعقيب له، أن لأسلوب ترحيل المتورطين الأجانب تأثير سلبي على الجهود الأمنية التي تبذلها المصالح المختصة مشكورة، حيث أنه لا معنى بعد هذه الترحيلات لكل تلك الجهود المبذولة، وأنها تفرغها من مضمونها وقيمتها وتصبح مجرد تلاعبات وعبث غير مجدي، وأنها تشكك في مصداقية الحكومة وشعاراتها الداعية لتصحيح الأوضاع وإصلاحها .كما أن ترحيل العناصر الأجنبية المتورطة في جرائم أخلاقية، ومتابعة المغاربة المتورطين وحدهم أمام القضاء يطرح مشكل الإخلال بمبدأ المساواة بين هؤلاء المخالفين للقانون، ومبدأ عدم التمييز في العقوبة تجاه الجرائم المرتكبة، ومبدأ سيادة الدولة واحترام القانون. إلا أن بوزوبع رحمة الله عليه، وفي معرض جوابه كان قد ذكر بالمادة 704 من المسطرة الجنائية التتي تنص على أن المحاكم المغربية تختص بالنظر في كل جريمة ترتكب في الأراضي المغربية أيا كان جنسية مرتكبها، مشيرا إلى أن الاستثناءات على هذا التحديد تتعلق فقط بالاتفاقات الثنائية التي يوقعها المغرب مع بعض الدول، ومؤكدا على أن للنيابة العامة كامل الصلاحية في تطبيق مبدأ قانوني موجود في المسطرة الجنائية، ويتعلق الأمر بمبدأ مناسبة ومشروعية المتابعة، وأوضح أن القانون المغربي يأخد بمبدأ مناسبة المتابعة ويعطيها الأسبقية مشددا على أنه لا يمكن أن نتدخل في هذه السلطة التقديرية للنيابة العامة عندما تدرس الملف وترى هل من المناسب ألا تقع المتابعة من عدمها قضاء ومصالح ليس من السهل على أحد أن يتصور محاكمة عادلة بدون كل الأطراف المتورطة والشهود..، ومهما كانت التبريرات فالأمر فيه مساس وحيف للطرف الذي سيقاضى دون سواه، فالوزير السابق للعدل يعتبر موضوع الكفالة التي يؤديها المعتقل الذي تقدمه مصالح الضابطة القضائية إلى النيابة العامة سواء بمحكمة الدرجة الأولى الابتدائية، أومحكمة الدرجة الثانية الاستئنافية يرجع إلى شطارة محامي المعتقل الذي يتقدم بملتمس للقضاء الواقف ، حول تمتعيه بالسراح المؤقت أوما يصطلح عليه الإفراج المؤقت وذلك على مقاييس، كون المعتقل له كافة الضمانات ويتواجد بتراب نفوذ المحكمة سواء الابتدائية أوالاستئنافية ومحاميه يحضره متى طلب منه القضاء ذلك للجلسة، وهذه الكفالة لها ضوابط ومعايير من حيث مبالغها، وهذا الإجراء هو بين دفتي القانون الجنائي المغربي المعمول به في المغرب، ويؤكد أنه ليس فيه استثناء هذا مغربي أوهذا أجنبي اللهم ما كان يتعلق بالاتفاقيات التي تبرم بين بلادنا والدول الأخرى نحو هذا الإجراء، إلا أن الواقع غير ذلك فهناك حالات وماأكثرها يحاكم فيها المغاربة ويرحل الأجانب حتى قبل وصول الملف للقضاء. وفي الوقت الذي أكدت مصادر أمنية لـالتجديد أن ملف المتورطين في قضايا الفساد والدعارة يوضع لدى العديد من المصالح الخارجية، حيث يمنعون من دخول المغرب مرة أخرى أومزاولة أي نشاط به، علق مصدر قانوني فضل عدم ذكر إسمه أن الأمر لايعدو أن يكون شكليا، مضيفا أن الأمر تتدخل فيه علاقات دبلوماسية وحسابات اقتصادية بين المغرب وهذه الدول، يكون لها دور كبير في مثل هذا الملف، وتفضي إلى إطلاق سراح المتهمين كما حدث في قضايا سابقة مماثلة خاصة تلك القضية المشهورة التي كتبت عنها الصحافة صيف 2005 بعد شن السلطات المغربية أكبر حملة لمتابعة دور الدعارة المنتشرة في بعض المدن المغربية، والتي يعتبر بعض السياح الخليجيين من روادها، وتم في غشت من السنة نفسها ترحيل 22 سائحا خليجيا من جنسية سعودية إلى بلادهم عبر مطار محمد الخامس بعد ضبطهم بمراكش في حالة تلبس بتهمة الفساد وممارسة الدعارة صحبة فتيات قدمن من مدن مغربية مختلفة، وأضاف أن هؤلاء لن يمنعوا من دخول المغرب مادام أنه لم تصدر مذكرة خاصة بهذا الشأن بل ولم ترسل أي مذكرة إلى الجهات الأمنية السعودية من أجل عمل اللازم تلبس وسراح وقضية مراكش خير دليل على ضرورة الالتفات بشكل جدي إلى هذا النوع من القضايا فقد قضت المحكمة الابتدائية بمراكش، يوم الاثنين 171 فبراير 2008، بالسجن النافذ شهرا واحدا وغرامة 5000 درهم لكل واحد منهم على ثلاثة سعوديين (صديق.خ، وطلعت. ج، وعبد الرحمان. ب)، ضبطوا في ملف دعارة بشقق مفروشة، كما قضت بالأحكام نفسها على (مريم- م)، (هند- ن)، (سعيدة- غ) الفتيات المغربيات المتهمات في الملف نفسه، بعد متابعة الجميع وفق فصول المتابعة بتهمة الفساد والتحريض على الدعارة طبقا للفصل 502 من القانون الجنائي.وعلمت التجديد أن السعوديين منهم مضيفا طيران قد غادروا المغرب منذ إطلاق سراحهم بكفالة الحضور قدرها 5000 درهم، فيما توبعت الفتيات المغربيات في حالة اعتقال مما يعني قضاءهن للعقوبة في السجن وإن استأنفن الحكم.وقالت مصادر قانونية إن الكفالة لا تعني ضمان حضور المتهمين بقدر ما تعني عدم إرجاعها لهم في حالة التغيب. وحول تمييز الخليجيين عن المغاربة بالكفالة، قالت المصادر ذاتها إن ذلك يدخل في إطار السلطة التقديرية للمحكمة، فيما لاحظت أن جميع المعتقلين الخليجيين الذين يعتقلون في ملفات دعارة يطلق سراحهم بكفالة.يذكر أن رجال الأمن كانوا قد داهموا شققا مفروشة بإقامة نور النخيل بداية الشهر الجاري، لكن القضية حسب مصادر أمنية تعود إلى شهر مارس من سنة ,2007 حيث تقدم ثلاث نساء من سكان الإقامة بعين إيطي بشكاية حول وجود شقتين معدتين للدعارة تملكهما نفس السيدة والتي سبق أن حذرنها ومنة معها من ذلك وأجمعن القول إنهن متضررات بشكل كبير. وكشف التحريات الأولية أن الفتيات المغربيات ليس لهن سوابق ومنهن من فقدت عذريتها وقد لجأن إلى ممارسة البغاء من أجل المال للظروف الصعبة التي يعشنها خاصة وأن منهن مطلقة ولها ولد. كما كشفت التحريات عن لجوء السعوديين إلى أسواق مرجان للقاء بهؤلاء الفتيات وشراء كمية من الخمور قبل أن يأتوا بهن إلى تلك الشقق المعدة للدعارة. وجدير بالذكر أن هذه القضية الجديدة تأتي أياما بعد قضية أخرى مماثلة، ذهبت فيها خمس فتيات إلى السجن بتهمة الفساد فيما عاد الخليجيون إلى بلادهم سالمين. ترحيل أبيض هل هناك جهات تسعى بطريقة خفية لطمأنة بعض الأجانب لممارسة الدعارة بالمغرب مادامت ليست هناك أحكام صارمة للحد منها ؟ سؤال يطرح نفسه بقوة خاصة حين يتعلق الامر بما يمكن وصفه بالترحيل الأبيض حيث يرحل الجاني دون ملف قضائي يدون سوبقه في المغرب. كيف يعقل، مثلا، أن تقوم الضابطة القضائية بعملها خلال شهر يوليوز 2005 بمدينة أكادير، وتضبط أشخاصا يمارسون الدعارة في حالة تلبس، وتتم الإجراءات القانونية، و ينجز الملف ليشير إلى المتورطين في الملف بتهم الفساد، ومنهم الخليجيون الكويتيون والسعوديون، بيد أنه وبعد الاطلاع على الحكم رقم 926 ملف جنحي تلبسي رقم 892/05 الصادر بتاريخ 02 غشت 2005 ، عن المحكمة الابتدائية بأكادير، الخاص بنفس القضية، يتبين أن الملف تضمن فقط أسماء المتورطين في هذا الملف الجنحي الحاملين للجنسية المغربية، ولم تذكر أسماء المتورطين الحاملين للجنسيتين السعودية والكويتية، وبعد البحث في حيثيات الموضوع، علمنا حسب مصادر مطلعة أن الأظناء الخليجيين المذكورين تم إطلاق سراحهم وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية بقرار إداري من ولاية أكادير وبأمر من وزارة الداخلية، وهذا ما يعد خرقا للأعراف القانونية التي يتم العمل بها في هذا الإطار، والقاضية بكون المتورطين الأجانب في ملف من ملفات الفساد يتم محاكمتهم في البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة، إلا أن الذي يقع أن بعض الملفات ينال المتورطون فيها من الخليجيين بالخصوص حريتهم، ويطلق سراحهم مقابل كفالة تقدر في الغالب الأعم بـ 10 آلاف درهم مغربية .