حين تذكر جريدة العلم يذكر معها الرصيد الكبير في الدفاع عن القيم والتموقع في الخط الأول لمواجهة كل مس بثوابت الأمة. ذلك الرصيد التاريخي الضخم الذي يطلب من المؤتمنين عليه اليوم أن يجعلوه نصب أعينهم، بل وأن يكون الموجه والدافع الذي يضمن لهذا المنبر تميزه ويوضح خطه كما رسمه الأستاذ المجدد علال الفاسي رحمه الله. مناسبة هذا الكلام، الانعطافة المفاجئة بنشر العلم لوجهة نظر في صفحتها الأولى حول أحداث القصر الكبير، وهي تعلق على التقرير الصادر عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان حول أحداث القصر الكبير، إذ لم تكلف نفسها عناء النظر بإمعان وترو في المعطيات التي اعتمدها التقرير للخروج بتلك الخلاصات التي قالت العلم بأنه يجب الاعتراف لها بالمصداقية إذ أنه - التقرير - اعتمد المنهجية العلمية في التحري من خلال الاستجواب وتعدد المصادر والمعاينة. كان يكفي كاتب افتاحية العلم أن يرجع إلى التقرير لينظر إلى كثير من الأخطاء العلمية والمنهجية التي تطعن في مصداقيته، ونكتفي هنا في هذه العجالة بثلاثة أخطاء قاصمة: 1 - الخطأ الأول: ذكر التقرير أن منظمات سياسية وحقوقية بعد تنظيم الحفل قدمت شكاية إلى السلطات العمومية لفتح تحقيق، واتخاذ الإجراءات الضرورية في حق الشواذ من طرف الهيئات السياسية والجمعوية في حين أن الهيئات المذكورة في التقرير طالبت في رسالتها إلى السيد الوكيل العام للملك كما هو منشور في جريدة المساء عدد 30/11/2007 بفتح تحقيق في الموضوع فقط، ولم تدع السيد وكيل الملك إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية في حق الشواذ. وهذا بدون شك خطأ في المعطيات يطعن في مصداقية التقرير. 2 الخطأ الثاني: ذكر التقرير في استنتاجاته أن السؤال الشفوي لحزب العدالة والتنمية جاء متزامنا مع خطبة الإمامين، وهو ما تؤكد جلسات الأسئلة الشفوية في البرلمان خطأه، إذ قدم السؤال يوم 28 نونبر 2007 أي ثلاثة أيام بعد الأحداث، وهو ما ينفي صفة التزامن التي حرص التقرير على إثباتها لاستنتاج قضية تهييج الرأي العام مما يشكل طعنا في مصداقيته. الخطأ الثالث: أن لجنة التقصي بادرت إلى الاتصال بعدد من المسؤولين من بينهم نائب وكيل الملك وباشا المدينة ومدير الأمن بالإقليم ورئيس قسم الشؤون العامة و رئيس المجلس البلديوذكرت أنها عقدت عددا من الجلسات مع محامين وممثلي الجمعيات غير الحكومية وأسر معتقلي الأحداث، لكنها لم تتصل بعموم الناس الذين وبالصحافة التي كال لها التقرير العديد من الاتهامات والجهات التي أكدت أن الأمر يتعلق بعرس للشواذ. وهو خطأ منهجي يبين الصفة الانتقائية التي اعتمدها التقرير . صاحب وجهة نظر بدل أن يتعاطى مع التقرير بمهنية، ركب بطريقة فجة على خلاصاته، وبدأ يفترض بشكل مرتبك السيناريوهات الحالمة لما بعد التقرير، ويتكهن بالموقف الذي يمكن أن تتخذه ما أسماه بالجهات المعنية بالنقد الذاتي مستعملا في ذلك أساليب غير معهودة في رصيد العلم الأخلاقي والمهني فضلا عن رصيدها القيمي. ما نسيه صاحب وجهة نظر في احتمالاتها، أنه ليس القضاء فقط هو الذي يمكن أن يتأثر بالإعلام وضغط الرأي العام، بل يمكن للمنظمات الحقوقية نفسها أن ترتكب أخطاء بقصد أو غيره، إما في المعطيات بحيث تعتمد معلومات غير صحيحة أو في طريقة بناء الاستنتاجات كما ألمحنا إلى ذلك في الخطأ الثاني، أو في المنهجية الانتقائية في عمل لجنة التقصي.