أكدت رجاء ناجي مكاوي على أن أبرز إشكال واجه الفكر الحداثي في بنائه للحرية الفردية هو الاصطدام ما بين حرية الفرد وما بين الإرادة الجماعية وما بين المصلحة العامة، بحيث أنه في منطلقاته ومرتكزاته لا يوجد معيار يمكن به الفصل بين الاثنين أو التوفيق بينهما لذلك فإنه في نهاية المطاف حتى وإن أعطى للفرد قداسة لكن على مستوى الممارسة القانونية فإن الدولة هي التي استوعبت وامتصت كلا من الفرد والإرادة الجماعية. كما أشارت ناجي في المحاضرة التي ألقتها في مؤسسة دار الحديث الحسنية أول أمس الأربعاء بعنوانحرية التعبير بين الشريعة والقانون على أن الفكر الإسلامي لم يُنتج مؤسسات قادرة على تمثل تلك المبادئ والقيم الموجودة في الشريعة الإسلامية كالشورى وغيرها، داعية إلى فتح باب الاجتهاد لأن مؤشر تراجع حرية التعبير ناتج عن تراجع حرية الاجتهاد، لذلك لابد من المراجعة والتصحيح في الأفكار والتوجهات خاصة ونحن نملك الأدوات القادرة على صيانة حرية التعبير. وحول استغلال البعض لهامش الحريات الفردية لتبرير إيديولوجيات معينة صرحت رجاء مكاوي لـالتجديد قائلة: الحرية الفردية إذا زادت من الفرد تؤدي إلى الفوضى، وإذا زادت سلطة الدولة فهي تؤدي إلى الشطط والاستبداد، فالفكر القانوني كله يدور حول هذا التوفيق ما بين الحرية الفردية بالشكل الذي يمنعها من أن تنفلت إلى تسيب وفوضى وما بين سلطة الدولة بالشكل الذي يمنعها من الاستبداد والاستغلال والسقوط في نفس المنزلقات التاريخية التي مرت منها المجتمعات الغربية. ومن جهة أخرى نبهت رجاء مكاوي على أن الحرية في الغرب ليس كما يسوق لها في وسائل الإعلام؛ لأن هذه الوسائل أصلا هي خادمة لإيديولوجية الأوثان ولا أدل على ذلك صدور قوانين تجرم الإساءة إلى الهولوكست أو التنقيص لشعب الأرمن، لذلك اعتبرت أن الشريعة الإسلامية هي الكفيلة بضمان حرية التعبير لأنها تتوفر على عدة ضوابط، وبما أن الضابط لحرية الفكر و التعبير هي قيم متعالية وخالدة ليست نابعة من هوى إنسان ولا من بيولوجيته، وما دامت كذلك فهي القادرة على تحقيق العدل والأنصاف بين الناس.