كشف مصدر رسمي صيني أمس الأربعاء أن السلطات الصينية أغلقت خلال العام44 ,2007 ألف ما بين موقع إلكتروني ومدونات شخصية إباحية، وقامت باعتقال 868 شخصا، وفتحت تحقيقات جنائية وصلت إلى 524 تحقيق، وذلك في إطار حملتها لمحاربة الإباحية والإخلال بالأخلاق العامة. يبدو أن الصين تشعر جيدا بخطورة المشكلة على نسيجها المجتمعي، وتقوم بالإجراءات الصارمة من أجل تحصين المجتمع من هذه الكارثة الأخلاقية والتربوية. طبعا التقرير الصيني الرسمي لا يشير إلا للبعد القانوني والزجري، وإلا فالمنظومة التربوية الصينية والنظام التعليمي الصيني يضع ضمن أولوياته تحصين المجتمع وبث الفضائل والقيم التي من شأنها أن تصد هذه الكارثة الأخلاقية التي تهدد كل المجتمعات بدون استثناء. في بلدنا المغرب الذي يفترض فيه، بحكم إسلامية دولته ومجتمعه، أن يكون بمنأى عن هذه الظاهرة أو على الأقل يفترض فيه أن يكون ملقحا تربويا ومحصنا قانونيا منها، لا تكاد تجد أي جهد مبذول في هذا الاتجاه، فالمواقع الإباحية منكشفة تماما، والدخول إليها عبر الانترنت في غاية اليسر، بل إن أشخاصا مغاربة ينشئون مواقع ومدونات إباحية دون أن يشعروا بأن جهة قضائية تطاردهم أو صرامة قانونية يمكن أن تلحق بهم العقوبات الضرورية. لا تنقصنا في المغرب القوانين التي تدين هذا الفعل الإجرامي الذي يهدد الأخلاق العامة وينشر الخلاعة والإباحية في المجتمع، ولا ينقص الشعب التقزز من هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد مستقبل الناشئة التربوي، وإنما الذي ينقص هو الإرداة التربوية والسياسية. الإرادة التربوية التي تضع هذه المشكلة في صلب المعالجة التربوية وتكثف من البرامج القيمية في نظامنا التعليمي، والإرادة السياسية التي تفعل القوانين الزجرية للضرب بيد قوية على مدمري الأخلاق. مقاربتان لا تفترق أحدهما عن الأخرى، تعتمد الأولى البعد التربوي والتعليمي، وتنتهج الثانية البعد الزجري والقانوني. هكذا تشتغل كل البلدان التي تريد أن تحمي مجتمعها وتريد منه أن ينخرط بوعي في تقدمها. تعطيل البعد التربوي، وتجميد القوانين الزجرية بهذا الخصوص ليس له إلا نتيجة واحدة، هي تناسل ظاهرة تشكيل المواقع الإباحية في المغرب وتهديد النسيج التربوي المجتمعي. وزارة الداخلية المغربية مطالبة بأن تأخذ الدرس من الصين ومن كل البلدان التي تحترم قيم مجتمعاتها، وأن تبذل جهدها من أجل محاربة هذه الكارثة، وأن تبرهن - التزاما منها بالشفافية التي طالما تؤكدها في خطاباتهخا الرسمية - للرأي العام على أدائها من خلال نشر الأرقام التي تثبت عدد المواقع التي تم إغلاقها، وعدد الأشخاص الذين أحيلوا على المحاكمة على خلفية إنشائهم لهذه المواقع. هذا أقل ما يمكن أن تفعله وزارة الداخلية حتى تظهر البلد في صورة مشابهة لما هو عليه الحال في الصين أو غيره من البلدان، وإلا فصفة البلد الإسلامية تتطلب جهدا أكبر من ذلك.