بكل صفاقة وجرأة شكا بعض المتطرفين المحسوبين على الحركة الأمازيغية إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بلادهم وسعوا في الوشاية بها والاستعداء عليها ب تل أبيب في فلسطينالمحتلة . وبكل وقاحة تفاخر أولئك المتطرفون بأنهم استحقوا الدعوة من تلك المنظمة نظرا ل : خطاب التسامح والتعايش السلمي الذي يؤطر الحركة الأمازيغية بالمغرب بخلاف العديد من الحركات والتيارات السياسية المتواجدة في المنطقة كالقوميين العرب وبين أعتاب هذه المنظمة التي عقدت اجتماعها تحت شعار باطل هو التسامح ونبذ العنصرية ونشر ثقافة الحوار والاحترام المتبادل والتفاهم حرصت بعض الوجوه الأمازيغاوية المتصهينة على دغدغة عواطف بعض الأوروبيين المسكونين بعقدة الذنب التي أفلحت الدعاية الصهيونية في ترسيخها في الضمير الأوروبي تجاه اليهود، فركزت في مداخلاتها خلال أوراش الندوة على ما سمته ب التمييز الذي يطال الهوية والإنسان الأمازيغي واليهودي في الإعلام ، وأشكال الميز والعنصرية التي تتعرض لها المرأة الأمازيغية واليهودية في المغرب ، وكذا حرمانها من اعتلاء بعض المسؤوليات في الدولة ، دون أن ينسوا رفع شكايتهم ضد دولتهم لدى سفراء الدول الحاضرة في العديد من الجلسات التي عقدت على هامش اللقاء . كما لم ينسوا إطلاق تحذيرات من مخاطر ما سموه مظاهر العنصرية والتمييز تجاه الأمازيغ وغيرهم من الشعوب ، وأن الكتب الدراسية التي أنتجتها وزارة التربية الوطنية حبلى بها . وبطبيعة الحال فقد حظي أعضاء الوفد المغربي ب شرف استقبال من جنابة وزيرة الخارجية الصهيوينة في مقر وزارتها بالقدس وحظوا بضيافتها في حفل عشاء . محاولة تماهي هؤلاء مع اليهودي المضطهد في تاريخ أوروبا مع العلم أن اليهود لم يعيشوا في تاريخهم أوضاعا أحسن من تلك التي عاشوها في ظل الحضارة الإسلامية ودغدغة مشاعر الأوروبيين باستخدام مصطلحات التسامح ونبذ العنصرية ونشر الحوار والاستظلال بمظلة ندوة تلك هي شعاراتها،لا يمكن أن تجعلنا ننخدع بالتماسيح المتباكية وبالثعالب الخادعة خاصة مع استحضار نوعية المضيف ودار الضيافة وحقيقة علاقته بلغة السلام والتسامح ونبذ العنصرية والتمييز. كما لا يمكن أن تجعلنا ننخدع ببريقها ونذهل عن أنه يوجد بينها وبين الحقيقة ما بين السماء والأرض . وكان يكفي أن يطل هؤلاء وهم معلقين بين السماء وارض من شرفة الطائرة وهي تستعد للهبوط كي يلمحوا جدار الفصل العنصري وقبة الصخرة التي تضرب فيها أشعة الشمس فتعكس في عين الرائي مأساة الاحتلال والمعاناة من أبشع رصيد من الكراهية في تاريخ الإنسانية . إن لقاء يدعي تعزيز الحوار والتسامح ، في استضافة كيان بني منذ اليوم على الإجرام والقتل والتهجير الجماعي الذي قامت به عصابات الهاجاناه، وعلى اغتصاب أرض وتهجير شعب بكامله ليستوطن على تلك الأرض شواذ الآفاق بناء على أساطير من قبيل شعب الله المختار ، وعلى خطاب تنضح كلماته بكل توابل العنصرية والكراهية والتمييز ، وعلى فكر ديني موغل في التطرف والحقد واستحلال دماء الأميين والتأكيد أنه ليس على اليهود المتصهينين في الأميين سبيل ، إن لقاء من قبيل هذا وفي استضافة دولة هي تلك جدير بأن يقاطع وأن يحذر من أغراضه وأهدافه. وبما أن الطيور على أمثالها تقع، فمن الطبيعي أن يهرع عتاة الأمازيغاويين وهم يلتقون في الجوهر مع الرؤية الصهيونية العرقية الشوفينية لطلب رضى إسرائيل . من الطبيعي أن يقع ذلك، ولم لا وهم يلتقون في الجوهر مع تلك الرؤية التي تتحدث هي الأخرى عن هوية ثقافية عرقية خالصة . طبيعي أن يستخدموا خطاب التسامح والأولى أن نصفه بخطاب التماسح ( من التمساح أي البكاء أثناء الإجرام ) . طبيعي أن يتبجحوا بخطاب الحداثة والديمقراطية وأن يدعوا وصلا بها وهي لا تشهد لهم بذلك تماما كما تتبجح إسرائيل بكونها واحة الديمقراطية في صحراء الاستبداد وجزيرة الحضارة في محيط الهمجية . لكن الأكثر إثارة للاستغراب هو أن تنظم منظمة الأمن والتعاون ندوة تحت الشعارات المذكورة في ضيافة أكبر دولة إرهابية في العالم . ومع هذا الاستغراب نقول إن غسيل الدماغ الذي أفلحت فيه الحركة الصهيوينة لدى كثير من الأوساط الأوربية لن يفلح في عالمنا العربي والإسلامي أن يجعل من الأفاعي السامة والثعالب الخادعة حمائم سلام أو من الذئاب حملانا وديعة . وإذا كانت ذاكرة الأمازيغاويين على غرار بعض الأوروبيين ملساء فإن الشعوب العربية ترى بأعينها كل يوم مآسي الشعب الفلسطيني وتسمع في كل يوم أنات مرضاه وزفرات أياماه وأنين ثكالاه . وعلى الحركة الأمازيغية الوطنية ومناضليها الصادقين أن يتخذوا موقفا واضحا وصريحا من هذا التماهي ، ومن هذه الأمازغاوية المتصهينة التي هي أبعد ما تكون عن الأمازيغ الأحرار بعد السماء عن الأرض .