كيف نزيل أسباب القلق؟ للداعية الإسلامي الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، عشرات المؤلفات، وآلاف المقالات، ألّفها خدمة لهذا الدين، وفي كتابه جدِّدْ حياتك، وهو كتاب يتناول موضوع معين من مواضيع الإسلام بأسلوب مقنع مدعماً استشهاداته بالأدلة القرآنية والنبوية، وأحياناً أخرى بشيء من كتاب دع القلق وابدأ الحياة لصاحبه الأمريكي ديل كارنيجي ولكل مسلم نورد هذه البطاقة التربوية كشحنة معنوية تهوّن عليه أمور الدنيا ومشاكلها. لا أعرف مظلوماً تواطأ الناس على هضمه وزهدوا في إنصافه كالحقيقة.. ما أقل عارفيها، وما أقل في أولئك العارفين من يقدّرها ويعيش لها، إن الأوهام والظنون هي التي تمرح في جنبات الأرض، وتغدو وتروح بين الألوف المؤلفة من الناس، وجدير بالإنسان في عالم استوحش فيه الحق على هذا النحو أن يجتهد في تحريه، وأن يلتزم الأخذ به، وأن يرجع إليه كلما أبعدته التيارات عنه؛ ولذلك يدعو الإنسان ربه في كل صلاة أن يهديه الصراط المستقيم الذي يلتمس به الصواب بين طرق الضلال ودعوات الباطل.. يقول كارنيجي: الخطوات الثلاث التي يجب اتخاذها لتحليل مشكلة ما والقضاء عليها هي: 1 استخلاص الحقائق. 2 تحليلها. 3 اتخاذ قرار حاسم والعمل بمقتضاه. وجمع الحقائق ليس يسيراً كما يقول كارنيجي إننا قلّما نُعنى بالحقائق، وإذا حدث أن حاول أحدنا استخلاص الحقائق فإنه يتصيد منها ما يعضد الفكرة الراسخة في ذهنه، ولا يبالي بما ينقضها؛ أي أنه يسعى إلى الحقائق التي تسوّغ عمله، وتتسق مع أمانيه، وتتفق مع الحلول السطحية التي يرتجلها.. فما العلاج؟ العلاج هو أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا، وأن نستخلص الحقائق المجردة بطريقة محايدة. والخطوة الثانية بعد جمع الحقائق استشعار السكينة التامة في تلقيها، وضبط النفس أمام ما يظهر محيراً أو مروعاً منها.. وقد يجد المرء نفسه أمام عدة حلول للمشكلة؛ فيجد أن أحلاها مر، وقد يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، وقد يدور حول نفسه ولا يرى طريقاً، أو يرى الطريق فادح التضحية، ومثل هذه الأفكار تتكاثر وتتراكم مع ضعف الثقة بالله وبالنفس. أما المؤمن فهو يختار أقرب الحلول إلى السكينة والرشد، ثم يُقدِم ولا يبالي بما يحدث بعد ذلك، ولسان حاله يقول: (قُل لن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). والخطوة الأخيرة هي التصرف بقوة وحزم؛ فكثير من الناس لا يعوزهم الرأي الصائب؛ فلهم من الفطنة ما يكشف أمامهم خوافي الأمور، لكن يبدو أنهم لا يستفيدون شيئاً من هذه الفطنة؛ لأنهم محرومون من قوة الإقدام، فيبقون في أماكنهم محصورين بين مشاعر الحيرة والارتباك، وقد كره العقلاء هذا الضرب من الخور والإحجام، فقال شاعرهم: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا إن مرحلة المشورة في أمر ما لا يجوز أن تستمر أبداً، بل هي حلقة توصل إلى ما بعدها من عمل واجب، فإذا تقرر العمل فلنمضِ في إتمامه قدماً، ولنقهر علل القعود والخوف، ولنستعن بالله حتى نفرغ منه! من كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي