عتبر المغرب والأردن بلدين شقيقين وصديقين يجمعهما تاريخ عريق مشترك على كافة المستويات، وتربطهما علاقات اقتصادية تعد بمستقبل واعد بفضل إرادة قائدي البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وجلالة الملك عبد الله الثاني، إعطاء دفعة جديدة وحقيقية للتعاون الثنائي. وتعكس الروابط التاريخية، التي تجمع البلدين، العلاقات الدبلوماسية والسياسية الجيدة التي قامت، على مدى العقود الماضية، على رؤية ثاقبة ومقاربة واقعية تعتمد سياسة خارجية متوازنة مبنية على مبدأ الاعتدال ومنهج الحوار والالتزام باحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ومن شأن الزيارة الرسمية التي بدأها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء للمغرب، أن تعطي دفعة قوية للعلاقات بين المملكتين، والتي ما فتئت تتعزز في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات. وتربط البلدين علاقات منظمة في إطار 60 اتفاق تعاون وبروتوكول ومذكرات تفاهم، في مختلف المجالات، حيث وقع الطرفان في مجال الاقتصاد والمبادلات التجارية مجموعة من الاتفاقات الثنائية ومتعددة الأطراف، خاصة تلك المتصلة بالمنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر (اتفاق أكادير)، والاتفاق العربي لتيسير المبادلات التجارية، واتفاقات التعاون والتبادل الحر التي تجمع من جهة المغرب والأردن، ومن جهة ثانية، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وعلى الصعيد الثنائي، توجت اجتماعات اللجنة المختلطة العليا المغربية الأردنية، التي انعقدت لأول مرة في يونيو 1998 بالرباط، بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات في مجالات مختلفة. كما عزز المغرب والأردن علاقاتهما التجارية في إطار اتفاق التبادل الحر الموقع في يونيو 1998، علاوة على اتفاق أكادير الذي دخل حيز التنفيذ في يوليوز 2006 والاتفاقية المتعلقة بإحداث منطقة للتبادل الحر، التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر 1999. وبالنسبة لعلاقات التعاون على مستوى القطاع الخاص بالبلدين، تم تأسيس مجلس لرجال الأعمال المغاربة والأردنيين سنة 1998 من طرف جمعية رجال الأعمال الأردنيين والاتحاد العام لمقاولات المغرب. وعقد هذا المجلس مجموعة من اللقاءات التي توجت بتوصيات ترمي إلى تفعيل دور هذا المجلس وتوسيع مجالات التعاون بين رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم الأردنيين. كما تم مؤخرا التوقيع في الدارالبيضاء على اتفاقية لتأسيس مجلس أعمال يضم الأردن والمغرب ومصر وتونس، من شأنه المساهمة في زيادة التبادل التجاري وتفعيل الحركة الاقتصادية بين هذه الدول وزيادة تراكمية شهادة المنشأ للدخول إلى الأسواق الأوروبية مجتمعين. وجاءت اجتماعات الدورة الخامسة للجنة العليا الأردنية المغربية المشتركة، التي انعقدت بالرباط في 22 أبريل 2016، لتجسد عمق وتميز العلاقات التي تربط البلدين ويرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،وجلالة الملك عبد الله الثاني . وتميزت هذه الدورة بالتوقيع على 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي، همت على الخصوص قطاعات التجارة والصناعة والتنمية المستدامة والحرف التقليدية والإعلام والتربية والتعليم والتشغيل، علاوة على المجال الثقافي والرياضي والسياحي. وتروم هذه الاتفاقيات التي شملت مختلف المجالات، تعزيز العلاقات بين البلدين وإعطائها زخما جديدا للارتقاء بها على المستوى الاقتصادي والتجاري والاستثماري، خدمة لمصالح البلدين والشعبين، وانسجاما مع العلاقة المتميزة التي تجمع قائدي البلدين. وبالرغم من إرادة البلدين الراسخة للنهوض بصفة أكبر بعلاقاتهما الاقتصادية التي من شأنها فتح آفاق واسعة وواعدة للتنمية، فإن المبادلات التجارية بين المغرب والأردن ضعيفة ولا تزال دون المستوى المطلوب والإمكانات المتوفرة لدى البلدين. ويطمح البلدان في أن تواكب العلاقات الاقتصادية والتجارية مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين والتنسيق والتشاور المستمرين بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه جلالة الملك عبد الله الثاني. وقد شكلت اللجنة العليا المشتركة في دورتها الخامسة مناسبة لدعوة الحكومتين المغربية والأردنية لإزالة العقبات وتسهيل الإجراءات لضمان قيام القطاع الخاص في البلدين بدوره المأمول في تعزيز التبادل التجاري الذي لا يتجاوز ال 45 مليون دولار. كما أكد الجانبان بالمناسبة على أهمية استمرارية التواصل بين مسؤولي البلدين وعقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بشكل دوري منتظم سيما وأن اجتماعات الدورة الرابعة عقدت في عمان في عام 2008 . ومما يشجع تطوير المبادلات التجارية بين البلدين توفرهما على موقعين استراتيجيين ينبغي استثمارهما والاستفادة منهما كبوابتين للأسواق الخارجية خاصة في تسهيل ولوج الأردن إلى الأسواق الإفريقية ودخول المغرب إلى أسواق المشرق العربي .