بموازاة الاستعدادات الجارية لتنظيم منتدى المستقبل تجري استعدادات حثيثة لتنظيم اجتماع خاص بالمنظمات المدنية، وذلك يومي 8 و9 دجنبر الجاري، كمحطة تمهيدية لبلورة اقتراحات وتوصيات تقدم لمنتدى المستقبل المقرر تنظيمه يومي 10 و11 من الشهر نفسه، الهدف المعلن لهذا المؤتمر حسب نشرة وكالة الإعلام الأمريكية تنظيم الجزء الخاص بحقوق الإنسان في اجتماع منتدى المستقبل وسيكون على المشاركين مناقشة قضايا الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان في المنطقة، وقد جاءت مبادرة تأطير هذا المؤتمر من لدن أربع هيئات حقوقية ضمنها هيئة مغربية هي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وهيئة مصرية هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ثم هيئتين ذات طابع فدرالي ممثلة في كل من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأوروبية-المتوسطية لحقوق الإنسان، أما تمويل المؤتمر فقد تكلف به كل من البنك الدولي والمفوضية الأوروبية. البيان الذي أصدره معهد القاهرة لحقوق الإنسان نهاية نونبر الماضي حول هذا المؤتمر تحدث عن وجود ستين مشاركا من منظمات المجتمع المدني غير الحكومية وفعاليات من خمس عشرة دولة عربية وتسع منظمات دولية وممثلون عن أربع منظمات آسيوية وأوروبية غير حكومية، وذلك بهدف إطلاق آلية جديدة للتقدم في عملية الإصلاح وتعزيز حقوق الإنسان في المنطقة، والدور المفترض للمجتمع المدني في تلك الآلية، ومناقشة الحصيلة الحقوقية والسياسية لسنة ,2004 ومما سوغ به المركز هذه الخطوة هو أن المؤتمر سيمكن من فرض حوار مع عدد الحكومات العربية الحاضرة في المنتدى والتي ترفض أن تجري هذا الحوار في بلدانها أو في إطار الجامعة العربية، ولم يكن الانخراط في هذه الخطوة وليد اللحظة بل ربطه معهد القاهرة بما أسماه بالمنتدى المدني الأول الذي نظم في بيروت في 22-19 مارس الماضي وشاركت فيه 52 منظمة غير حكومية من 13 دولة عربية، بالإضافة إلى 13 مراقباً من عشر دول، ثم تلاه مؤتمر القاهرة في 15 يوليوز الماضي. أما بخصوص المغرب فإن الهيئات المشاركة تتمثل في كل من الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب، وجمعية آفاق، وجمعية جسور، جمعية بدائل، ومجموعة الديموقراطية والحداثة، ومنتدى المواطنة، فضلا عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والتي هي جزء من الهيئات المنظمة للمؤتمر، كما عبرت عدد من الهيئات عن رفضها لدعوة المشاركة وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتي تلقت دعوة لمناقشة الموضوع في لقاء نظم يوم أمس الثلاثاء 7دجنبر حيث أعلنت بوضوح في ذلك اللقاء رفضها للمشاركة في المنتدى كما وجهت رسالة استيضاح لكل من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية حول أسباب انخراطهما في تنظيم المؤتمر دون العودة إلى الهيئات المكونة لكل من الفدرالية والشبكة والتي توجد ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ما هي دلالات عقد هذا المؤتمر الذي اعتبر من ضمن الاجتماعات الخاصة بمنتدى المستقبل؟ لقد أثارت هذه الخطوة عدة قراءات حول أبعادها والدواعي الفعلية لها وآثارها على حركية المجتمع المدني في المنطقة ككل وليس المغرب فقط، ذلك أن الحركية التي ولدتها عملية المناهضة لمنتدى المستقبل بالمغرب تمكنت من استقطاب هيئات مدنية متعددة شبابية وحقوقية وجمعوية وتنموية، بما أدى لعملية فرز حاد أصبحت معه المجموعة المحدودة من الجمعيات التي قبلت المشاركة في المؤتمر المدني في وضعية عزلة انعكست بشدة على مصداقيتها وعلاقاتها، خاصة وأن بعض الجمعيات عرفت نقاشا داخليا حادا حول المشاركة من عدمها، ورفض بعضها عن مواكبة هذا المشروع، ولعل من المفيد تسجيل قلة الجمعيات المشاركة من جهة والتداخل الشديد القائم بين عدد منها بفعل الانتماء المتعدد لعدد من قياداتها ورموزها إلى هذه الجمعيات من ناحية أولى، كما أن ما يجري ليس وليد اللحظة أو مجرد استجابة عادية لدعوة وجهت من طرف رعاة منتدى المستقبل بل هي نتاج مسار كشف جزءا منه بيان معهد القاهرة عندما تحدث عن المؤتمرات السابقة، مما يجعل من هذا المؤتمر المدني مجرد محطة من محطات التعامل مع المشروع الأمريكي الأوروبي من ناحية ثانية، وهي عناصر تفسر صعوبة توقع مقاومة أو رفض من لدن هذه الهيئات لهذا المشروع، إلا أن الدلالة العميقة لما يجري هو أن إشكالية مناهضة منتدى المستقبل ليست مجرد إشكالية سياسية مرتبطة بالعلاقة مع الحكومات والدول، بل اصبحت إشكالية تمتد لتطال فئات من النخبة والمجتمع، ذلك أن الحكومات والدول قد تكون لها إكراهاتها وظروفها التي تجعل الإنسان يتفهم هذا الموقف أوذاك، أما في الحالة الثانية فيصعب وجود تفسير لتلك المواقف. بقي أن نشير أن مسؤولية القوى الرافضة لاستحقاقات الزمن الأمريكي تصبح مضاعفة فالمستقبل حامل لمفاجآت كبيرة. مصطفى الخلفي فعاليات حقوقية تصرح على هامش اجتماع المنظمات المدنية عبرت العديد من الفاعليات عن رفضها لتنظيم المنتدى المدني اليوم وهو المنتدى الموازي للمنتدى الأمريكي من أجل المسقبل، كما عبرت عن استيائها لمشاركة جمعيات ومنظمات محسوبة على المجتمع المدني المغربي فيه، معتبرة ذلك تزكية للمشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة المسمى بمشروعالشرق الاوسط الكبير وشمال إفريقيا ودعما للاستعمار الجديد الذي يعتبر المشروع المذكور وجهه السياسي وفيما يلي تصريح كل من خالد السفياني وعبد الصمد بلكبير وعبد الحميد أمين. خالد السفياني (منسق مجموعة العمل الوطنية لمساندة فلسطين والعراق): تبرير المنتدى المدني بتقديم مقترحات لمنتدى المسقبل تغليط للرأي العام وتكريس للهيمنة الاستعمارية الجديدة هذا الموقف غريب ولا ينسجم مع الإجماع الذي حصل حول رفض مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا ويعتبر تنظيم هذا المنتدى انخراطا في منتدى المستقبل ومحاولة لإكسابه الشرعية، وهو موقف مرفوض بقوة ولا يمكن إلا أن يفسر على أنه خضوع للإملاءات الأمريكية من طرف بعض المكونات التي كان من المفروض أن تكون في مقدمة من يرفضون ما يسمى بمنتدى المستقبل وفي مواجهته عوض أن يكونوا داعمين له بشكل مباشر أو غير مباشر، ذلك أن الادعاء بأن هؤلاء سيقدمون مقترحات للاجتماع الأول للمنتدى المذكور هو ادعاء فيه تغليط للرأي العام وانخراط في هذا المنتدى نظرا لأن الإشكال لا يطرح بالنسبة لما سيتمخض عن المنتدى من نتائج ولكن الإشكال يتعلق به كآلية من آليات الهيمنة الاستعمارية الجديدة في المنطقة العربية الإسلامية، ورفضه يأتي في هذا الجانب الجوهري وليس من جانب ما سينمق من كلام ومن قرارات نعرف مسبقا أهدافها والغاية الحقيقية منها، فهو إذا دعم للاستعمار ودعم للعدوان على الشعب الفلسطيني والعراقي ودعم لكل الجوانب المتعلقة بجوانب المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة مادام هذا المنتدى ليس إلا الوجه السياسي للعدوان العسكري لذلك نناشد كل أبناء الوطن أن يتخول بأي شكل من الأشكال عن هذه الفكرة أيا كان الإطار الذي توضع فيه. والمجتمع المدني في غالبية مكوناته أعلن موقفه من هذا المنتدى سواء في إطار جمعيات حقوقية أونقابية أو هيئات سياسية، ولذلك فموقف المجتمع المدني الحقيقي واضح من خلال الانخراط في الخلية المغربية لمناهضة منتدى المستقبل، ولا أعتقد أن يكون هناك أي لبس بل إن موقف بعض الجمعيات سيخلق فرزا في الساحة بالنسبة لمن هم مع المشروع الأمريكي الصهيوني ولمن هم ضده. عبد الصمد بلكبير(عضو المؤتمر القومي الإسلامي):اختلط المغرضون بالمناضلين والأتباع والمرتزقة الجدد بالمنبثقين حقا وصدقا عن مجتمعاتهم ماينسحب على الكل ينسحب على الجزء وحيث إننا جوهريا واستراتيجيا ضد الأهداف البعيدة والمتوسطة وربما حتى القريبة لمنتدى المستقبل فإننا لا يمكن إلا أن نكون متحفظين من أي تزكية وسعي لإنجاحه على مستوى مايسمى بالمجتمع بالمدني ، ونحن نعرف أن هذه الأكذوبة وأغلوطة الحديث عن جمعيات المجتمع المدني في العالم العربي والإسلامي للأسف يختلط فيها المغرضون بالمناضلين ويختلط فيها الأتباع والمرتزقة الجدد بالمنبثقين حقا وصدقا عن مجتمعاتهم ومعبرين فعلا عن طموحاتها ومستجيبين لتحدياتها ولهذا يجب العمل على مناهضة وفضح هذه المبادرة لأنها كما قلت جزء من كل. عبد الحميد أمين (رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان):نحن ضد المنتدى الرسمي والمنتدى المدني لأن الهدف واحد نحن في الجمعية المغربية لحقوق الانسان لسنا فقط ضد تنظيم منتدى المستقبل كإطار له اهداف استعمارية وتطبيعية مع وضعية الاحتلال على مستوى العالم العربي والإسلامي، ولكننا كذلك ضد عقد منتدى مدني موازي على اعتبار أنه سيزكي المنتدى الرسمي وقد فوجئنا بمشاركة بعض الجمعيات مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورو متوسطية لحقوق الانسان اللتين لنا عضوية بهما، بحيث لم تتم استشارتنا في القرار، وسنناقش معهما الأمر في أول اجتماع (مساء أمس) وكذلك مع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة للدراسات حول حقوق الانسان. لكي نوضح أسباب موقفنا الرافض للمنتدى المدني والمنتدى الرسمي ولا أعتقد أن مشاركة بعض الجمعيات في المنتدى الموازي المذكورستضر بسمعة المجتمع المدني لأن جزء أساسي من هذا الأخير رافض للمنتديين وكان سباقا لانتقاد منتدى المسقبل، خاصة وأن الجميع يعرف أن المنظمات المؤطرة للمجتمع المدني المغربي أنواع منها منظمات جادة و صاحبة مواقف جادة ومنها منظمات لها أراؤها الخاصة وبالتالي لا يمكن أن تتحمل الأولى هفوات الثانية وأخطاءها.