أكد الدكتور صلاح البردويل عضو المجلس التشريعي أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تأمل في تشكيل حكومة ائتلاف وطني تعتمد على الشراكة السياسية بين فصائل العمل الوطني. وأوضح النائب البردويل في لقاء مع الصحافيين أن حركة "حماس" ستكون جاهزة لتشكيل الحكومة عندما يتم تكليفها من محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، منوهاً إلى أن لدى حركته فلسفة في تشكيل الحكومة تقوم على الشراكة السياسية مع كافة الفصائل الفلسطينية. وشدد البردويل على أن حركة "حماس" ستلجأ إلى أسلوب الحوار مع كافة الفصائل لإقناعها بالمشاركة في الحكومة القادمة، مشيراً إلى أنه في حالة عدم وجود تجاوب وخاصة مع حركة "فتح" ستنجح الحركة في تشكيل الحكومة التي سيكون معظم وزرائها من خارج المجلس التشريعي، ليتمكن من أداء وظيفته بكل شفافية في مراقبة ومحاسبة الحكومة على أدائها. وقال: "إن حركة حماس لن تكرّس الأخطاء التي وقع فيها المجلس السابق الذي كان أكثر من 50 بالمائة من أعضائه وزراء في الحكومة، الأمر الذي صعّب من مهمته الرقابية، مؤكدا أن "شعبنا لديه الكثير من الطاقات وأصحاب الكفاءة العالية الذين سيكون على سلّم أولوياتهم النهوض بالحالة الاقتصادية والاجتماعية لشعبنا الذي عانى كثيرا من البطالة وقهر الاحتلال". وأكد أن الحكومة القادمة ستُراعي مصالح الشعب ومنجزاته الوطنية بما لا يتعارض مع الثوابت الوطنية، مشدداً على أن "الكثير من التحديات تواجه شعبنا الفلسطيني، ولكنه لن يكترث بها طالما بقي متمسكا بحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف". وأشار النائب البردويل إلى أن حركة "حماس" ليست وحدها، بل تستمد قوتها من عمقها العربي والإسلامي وثقة الشعب الفلسطيني الذي اختارها لتمثله في مواصلة مشوار التحرر والاستقلال، منوها إلى أن الشعب الفلسطيني انتخب هذه الحركة وهو يعرف بأنها ليست معزولة عن العالم. وطمأن البردويل الموظفين بعدم الخوف من عدم توفير رواتبهم خلال الأشهر القادمة، مؤكدا أن لديهم تطمينات من عدة دول عربية وإسلامية. وشدد النائب البردويل على أن الأوروبيين والأمريكيين تسرعوا في إطلاق التصريحات والتهديدات بوقف المساعدات التي كانت تقدم للشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني وقرارات الأممالمتحدة التي نصت على حقه في الحرية والاستقلال تجعل للقضية الفلسطينية خصوصيتها، كما أنها تعتبر عصب الأمة العربية والإسلامية، وفي حالة المساس بهذا العصب ستحدث ثورة ضد المصالح الأوروبية والأمريكية التي تعتبر مسؤولة عن معاناة الشعب الفلسطيني الذي لا زال يرضخ تحت الاحتلال. وأضاف أن الشعب الفلسطيني أثبت للعالم مرتين بأنه يستحق العيش بكرامة، مرة من خلال مقاومة الاحتلال التي كفلتها له الشرائع والمواثيق الدولية، والثانية من خلال الانتخابات التي تمت بكل نزاهة وشفافية لم تشهدها دولة من دول العالم الثالث ولا الديمقراطية (الإسرائيلية) التي يتغنون بها، وهذا بشهادة كافة المراقبين الدوليين والمحليين. وأكد أن فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة لن يخلق أزمة اقتصادية في الداخل الفلسطيني، مشدداً على قدرة حركته على القيام بمسؤولياتها بكل ثقة واقتدار. ودعا البردويل كافة القطاعات وخاصة الموظفين سواء المدنيين أو العسكريين إلى عدم القلق بخصوص الرواتب، مؤكداً وجود تطمينات وضمانات عربية وإسلامية لدى حركته بألا تواجه أية إشكالية في هذا المجال، مبدداً بذلك المخاوف التي تتردد بأن حركة "حماس" ستعجز عن توفير الرواتب للموظفين بعد توليها الحكومة. واعتبر أن الحديث في هذا الموضوع من قِبل بعض الأطراف إنما يأتي من باب التشكيك في قدرة حركته على تحمل مسؤولياتها. وقال: "إن حركة حماس لم تقطع الأمل بوقف المساعدات الأوروبية. وأشار إلى أن الحركة وجّهت رسالة إلى اجتماع اللجنة الرباعية المنعقد في "دافوس" رغبة منها في مدّ جسور الثقة، والتعاون الإنساني والحضاري مع كافة شعوب ومؤسسات العالم الحرّ، والحوار المفتوح الخالي من الشروط المسبقة، لافتاً إلى أن هذه الرسالة تضمنت دعوة اللجنة الرباعية إلى احترام نتائج الديمقراطية، واحترام إرادة الشعب الفلسطيني التي برزت عبر صناديق الاقتراع والتعامل مع الشعب الفلسطيني على هذا الأساس وعدم التعجل بفرض شروط ومطالب تتجاهل هذا الواقع وتطالب بتفهم أولويات شعبنا الفلسطيني في هذه المرحلة، ومواصلة الدعم المعنوي والمادي لهذه الخطوة من أجل الدفع بالمنطقة إلى الاستقرار بديلاً عن الضغط و التوتر. وشدد على المطالبة بضرورة أن تدخل كافة المعونات والإيرادات إلى خزينة وزارة المالية الفلسطينية من أجل صرفها بما يتناسب مع أولويات بناء وتطوير وتنمية الواقع الفلسطيني مشيراً إلى أن المعونات الأوروبية في السابق لم تدخل ضمن أجندة التنمية الفلسطينية. وقال: "نحن مصممون على رفض أي شروط، ولن نتهالك على المساعدات لأن هذا التهالك أوقعنا في ورطة لأن أوروبا هي التي حددت أجندة صرف هذه الأموال ومجالاتها. وشدد على أن أوروبا هي المسؤولة أخلاقياً عن معاناة شعبنا، وبالتالي عليها أن تتحمل المسؤولية، مذكراً بأن الأراضي الفلسطينية لا تزال تخضع للاحتلال عملياً وتنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة، وغيرها من القوانين الدولية التي لا يمكن أن تتجاوز واقع الاحتلال وتتجاهل القضايا الإنسانية والطبيعية لشعبنا الفلسطيني". وأضاف: إن تحدي المساعدات سابق لفوز"حماس"، مذكراً بأن الدول الأوروبية جمّدت مؤخراً صرف 400 مليون دولار بسبب الشك في قدرات السلطة على إدارتها بشكل شفّاف، مؤكداً أن الحكومة المقبلة ستتعامل بشافية وكفاءة. وشدد على أن "حماس" ليست في مأزق، "فلديها عمق شعبي فلسطيني انتخبها وفق برنامج معلن وواضح، فيما يتعلق بالتمسك بالثوابت ورفض الابتزاز كما أن حركته ليست معزولة بل يوجد خلفها عمق شعبي وعربي وإسلامي كبير". وأكد أن حركته ستعمل على حل المعضلة الاقتصادية في حال توقفت أوروبا عن تقديم مساعداتها من خلال توجهين اثنين أولهما، ترشيد الاستهلاك واعتماد سياسة التقشف في الإنفاق الحكومي، مع ضبط الهدر والسرقة والفوضى في صرف الأموال وهو الأمر الذي يعني حتماً توفيرا كبيرا، أما التوجه الثاني فقد بدأ فعلياً من خلال الشروع في مشاورات مع دول عربية وإسلامية من أجل أن يكون هناك مساعدات، مشيراً إلى تلقيهم ضمانات أكيدة في هذا المجال. وأضاف أننا "نقبل تعاوناً وسنعمل على توسيع منافذنا العربية والإسلامية وسنبني الاقتصاد على أساس إنتاجي نوعاً ما، والأهم سيكون هناك شفافية عالية في الإدارة المالية. وقال: "لن تكون هناك عقبة في إيجاد نوع من الهدوء والاستقرار دون التخلي عن ثقافة المقاومة لاسترجاع حقوقنا، مشيراً إلى استعداد حركته للتوصل لهدنة طويلة تستمر عشرة وحتى عشرين عاماً في حال أقرت حكومة الاحتلال بحقوق الشعب الفلسطيني وفي ظل عدم التفريط في الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، وأضاف: "لن نبث ثقافة الاستسلام والتنديد"، معتبراً أن غلبة الخطاب المقاوم واستحضار الحق التاريخي في كامل فلسطين ببيانات بعض المجموعات هو بمثابة انتصار لرؤية الحركة في مشروع المقاومة كحق واستراتيجية لا يمكن التفريط أو التخلي عنه بأي حال من الأحوال، مشدداً على أن برنامج المقاومة سيحظى بالدعم والمساندة من حركة "حماس". وحول اللغط الذي يجري حول موقف الحركة مما يدور عن نقل مسؤولية الأجهزة الأمنية إلى مؤسسة الرئاسة، أوضح البردويل، أنه يثق بأن رئيس السلطة "أبو مازن" ليس ديكتاتوراً، وأنه هو الذي كان يطالب بالإصلاح وسعى لنقل الصلاحيات للحكومة، وأنه لن يقوم بخطوات معاكسة، وذكر أن أي إجراءات يمكن أن تتم ستجري بموجب قرارات وتوافق عام. وبدد النائب البردويل المخاوف التي يحاول البعض أن يطلقها على مصير الأجهزة في ظل فوز"حماس"، مشيراً إلى أن حركته تناست الماضي وصفحت عنه وهي تفتح صفحة جديدة بحق ما جرى معها. وشدد على أن الأولوية ستنصبّ على استعادة هذه الأجهزة لهيبتها واحترامها بما يمكنها من القيام بدورها كمؤسسة وطنية غير حزبية وغير تابعة لفرد ما، وقال: "هذه المؤسسة إنجاز فلسطيني مهم جداً لا يمكن المساس بها وستُولى باهتمام كبير نظراً لأن دورها في المرحلة القادمة سينصب في اتجاهين: الأول تقوية دورها وتفعيله في مواجهة العدوان الصهيوني والثاني في مواجهة الانفلات الأمني". وشدد على أن القانون والقضاء المستقل سيكون الحكم في ملاحقة الفساد والذين سرقوا ونهبوا أموال الشعب، بغض النظر عن انتماءاتهم ومكانتهم. وأكد أن قائمة "التغيير والإصلاح" تسعى لفتح ديوان للمظالم في خانيونس كما سائر المحافظات، لتلقي الشكاوي من المواطنين بحيث يكون الديوان وعبر نواب المجلس التشريعي حلقة الوصل بين المواطنين والحكومة القادمة. وأوضح أن الديوان سيفتتح ويتم تنظيم آلية لتلقي الشكاوى وفق نوعيتها ومن ثم يتم متابعتها مع الجهات المعنية بما يضمن توفر حلول حقيقية لها انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية وأداءً للواجب الذي تم انتخاب النواب من أجله.