بدأت فرنسا تطبيق توجيهات الاتحاد الأوروبي الصادرة قبل 14 شهراً بتمييز منتجات المستوطنات الصهيونية من باب توعية المستهلكين وتعزيز مقاطعتها. وأقرت مفوضية الاتحاد الأوروبي، في 11 نونبر 2015، وسم منتجات المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة بملصقات تدل على المنشأ وتميزها عن تلك الآتية من "إسرائيل". وليس واضحاً هل التحرك الفرنسي هو مجرد صدفة، أم عمل مقصود دفعت إليه السياسات الصهيونية المعطلة للجهود السلمية لإيجاد مخرج للنزاع الفلسطيني – الصهيوني من الطريق المسدود الذي آلت إليه، ولرفض الكيان المشاركة في المؤتمر الدولي لدفع جهود السلام الذي ستستضيفه العاصمة الفرنسية منتصف شهر يناير الجاري. وقالت مصادر دبلوماسية في باريس لصحيفة «الشرق الأوسط»، التي تصدر من لندن، إن توقيت البدء بوضع وسم "صنع في مستوطنات إسرائيلية" يتعين ربطه بالقرار 2334 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في 23 دجنبر الماضي، ويدين الاستيطان. وطالب القرار (2334) الذي تبناه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 دجنبر الماضي، الكيان بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها شرق القدس، وعدم شرعية إنشاء الاحتلال للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967. وهذا أول قرار يُمرر في مجلس الأمن متعلق بالكيان الصهيوني وفلسطين منذ عام 2008. وقد توعدت سلطات الاحتلال بالرد عليه. وتأمل باريس أن يشجع قرارها دول الاتحاد الأوروبي ال 27 الأخرى على أن تحذو حذوها، انسجاماً مع ما أقرته قبل 14 شهراً، ومحاولة للضغط على الكيان الصهيوني، وإن من خلال مبادرة متواضعة لن تؤثر أبداً في التعاون الاقتصادي والعلمي بينها وبين بلدان الاتحاد. ويقضي القرار بوضع ملصق لتحديد منشأ المنتجات القادمة من الأراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني منذ يونيو 1967، وتشمل الضفة الغربيةالمحتلة، والجولان السوري المحتل، وهو ما ردت عليه الكيان الصهيوني بتوبيخ ممثل الاتحاد في تل أبيب. وآنذاك، قال نائب رئيس السلطة التنفيذية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس: "إنها مسألة تقنية، وليست موقفاً سياسياً"، مؤكداً أن "الاتحاد لا يدعم أي شكل من أشكال مقاطعة أو فرض عقوبات على إسرائيل". وقبل سنوات، كانت هناك مطالبات بتمييز البضائع المنتجة في المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، بحيث لا تستطيع الاستفادة من الامتيازات المنصوص عليها في الاتفاق الجمركي التفاضلي الموقع بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل قبل 22 عاماً. وتعكس خطوة فرنسا الإحباط من السياسات الصهيونية المسرّعة بالاستيطان، والتي ترى فيها باريس وسيلة للقضاء على حل الدولتين الذي تتبناه. وتتخوف باريس من التوجهات المستقبلية للسياسة الأمريكية إزاء النزاع الفلسطيني – الصهيوني، بعد وصول الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في 20 يناير الجاري، وعزمه اتباع سياسة داعمة لإسرائيل على كل المستويات. وحرصت الحكومة الفرنسية على عقد المؤتمر الدولي قبل تنصيب ترامب، رغبة منها في تثبيت محددات السلام، وأولها قيام دولة فلسطينية إلى جانب الكيان الصهيوني، وربما السعي كذلك إلى استصدار قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يتبنى المقررات والتوصيات التي ستصدر عن مؤتمر باريس.