أكدت «ورقة حول الاستيطان» مقدمة إلى الدورة 12 لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقدة في القاهرة من 2 إلى 7 فبراير الحالي، أن الاستيطان «مشكلة استراتيجية في الصراع يهدد مستقبل القضية الفلسطينية من جذورها»، حيث يهدف إلى إحداث تغيير الوضع الديمغرافي على الأرض لصالح تحقيق عملية الضم الفعلي لما يزيد عن 50 بالمائة من الضفة الغربية لإسرائيل، والتحكم في تنقل الفلسطينيين والإبقاء على تبعية الضفة الغربية المطلقة للاقتصاد الإسرائيلي، وعزل مدينة القدسالمحتلة وضواحيها عن محيطها الفلسطيني وخلق أغلبية ديمغرافية يهودية فيها. وأضافت أنه يجري حاليا تنفيذ مخطط 2020، الذي يترجم قرارات حكومة الاحتلال وسياساتها الممنهجة تجاه عزل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني، وإنشاء أحياء يهودية جديدة وزيادة كثافة الأحياء القائمة وتوسيعها، حيث تخطط لإنشاء 38949 وحدة استيطانية جديدة بزيادة نسبتها 80 بالمائة عن الوضع القائم ليصل مجمل عدد المستوطنات إلى 87666 وحدة استيطانية لليهود في القدسالشرقية بحلول 2020. وتابعت الوثيقة أن إسرائيل، وفي إطار سعيها للتغيير الديمغرافي باتجاه إحداث أغلبية يهودية في مدينة القدس قامت منذ 1967 بهدم ما يقارب 3200 منزلا فلسطينيا في القدسالشرقية، وسحبت حق الإقامة من 14084 مواطنا فلسطينيا وعزلت 80 ألف فلسطيني خارج جدار العزل العنصري الذي تقيمه حول القدسالشرقية منبهة إلى أن إسرائيل تخطط لزيادة عدد المستوطنين في القدس ليصل إلى 600 ألف مستوطن، بحلول 2020 مقابل خفض نسبة المواطنين الفلسطينيين في القدسالشرقية لتصل إلى 30 بالمائة حتى لا يتجاوز عددهم 380 ألف مواطن. ويسيطر الكيان الصهيوني حاليا على 62.9 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، وخصصت منذ احتلالها عام 1967 ما نسبته 46 بالمائة منها لتوسيع المستوطنات، مما زاد عدد المستوطنين الإسرائيليين من 5 آلاف في 1968 إلى 650 ألف مستوطن في العام 2012، يعيش 35 ألف منهم في 145 مستوطنة وكذلك 125 بؤرة استيطانية عشوائية مقامة جميعها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدسالشرقية بالإضافة إلى 300 ألف مستوطن يقيمون في 16 مستوطنة أخرى في محيط القدس وداخل الأحياء العربية في القدسالشرقية. واعتبرت الوثيقة أن الجدار العازل الذي تقوم سلطة الاحتلال الإسرائيلية ببنائه منذ سنة 2000 بطول 703 كلم وبارتفاع 9 أمتار، من أخطر أشكال الاستيطان وأكبرها، لكونه يترجم سياسة مصادرة الأرض الفلسطينية ويتوغل فيها إلى عمق 22 كلم ويعزل 125 ألف فلسطيني داخل 28 تجمعا سكانيا عن بقية التجمعات الفلسطينية، ويحول دون وصول 12.4 بالمائة من الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية، كما يدمر كذلك ما يقارب ألف بيت من بيوت الفلسطينيين ويقتلع ما يزيد عن مليون شجرة عند إكماله، كما من المتوقع أن يؤدي إلى إلحاق الأراضي الفلسطينية التي تقوم عليها 109 مستوطنة إلى إسرائيل. وكانت الأممالمتحدة قد تبنت قرار بالتصويت بعدم شرعية الجدار العنصري بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية في 9 يوليوز 2004، رأيا استشاريا يقضي بعدم قانونية الجدار. وبشأن التأثير الاقتصادي للاستيطان، أشارت الوثيقة إلى أن الخسائر الفلسطينية الناتجة عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي تقدر ب6 مليار و897 مليون دولار سنويا، نتيجة نهب الموارد الطبيعية وإحداث التدهور البيئي وإضعاف القدرة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، مع استغلال الأراضي وفرض تبعية الاقتصاد الفلسطيني لسلطة الاحتلال. كما أن سلطة الاحتلال تسيطر على معظم المياه الجوفية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تقدر ب734 مليون متر مكعب، حيث يستغل الفلسطينيون ما نسبته 32 بالمائة فيما تسيطر إسرائيل على الباقي سواء لصالح المستوطنات أو بسحبه إلى داخل إسرائيل. وقدمت الوثيقة مجموعة من التوصيات للدورة، تحث على تكثيف التحرك لمواجهة سياسة الاستيطان من خلال استثمار الموقف السياسي الدولي المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني في الأوساط والمحافل الدولية، من أجل كبح جماح سلطة الاحتلال الصهيوني في ضم الأراضي الفلسطينية. كما طلبت بتنسيق العمل مع دول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي لاتخاذ مواقف موحدة تجاه سياسة الاستيطان الصهيونية، ولتفعيل مقاطعة منتجات المستوطنات ووقف شتى أنواع الدعم للكيان الصهيوني، وكذا الاتجاه للفاتيكان واتحاد الكنائس العالمي من أجل إدانة الاستيطان والتأكيد على عدم شرعية بناء المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية.