من إخطارات للهدم مرورًا بتدمير المنازل بالجرافات وصولا إلى إجبار الفلسطينيين على هدم منازلهم بأيديهم خشية الغرامات المالية الباهظة، يواصل الاحتلال الصهيوني حربه اليومية على منازل المقدسيين هدما وتدميرا وإتلافا وسط صمت عربي ودولي وحتى فلسطيني رسمي مريب، في سياق مخطط صهيوني يستهدف إفراغ القدس من سكانها الأصليين بتهجيرهم بقوة الإكراه البدني وإحلال قطعان المستوطنين مكانهم. بالموازاة، أشارت دراسة فلسطينية في القدسالمحتلة إلى أن الاحتلال هدم حوالي 1000 مسكن خلال 10 أعوام الأخيرة. إلى ذلك، وقّع حاخامات يهود في كيان العدو على ''فتوى دينية'' تمنع الصهاينة من تأجير أو بيع المباني السكنية للفلسطينيين. وتصاحب عمليات الهدم قوات كبيرة من الشرطة وأفراد حرس الحدود والقوات الخاصة والخيالة وتمنع المواطنين من الاقتراب من المنزل المهدد بالهدم للشروع بهدمه في محاولة متكررة لتهويد وطرد المقدسيين. الأمين العام للجبهة الإسلامية المسيحية الدكتور حسن خاطر أشار في تقرير صدر عنه، إلى أن ازدياد الاستيطان يرتبط بارتفاع وتيرة هدم المنازل العربية في المدينة، عدا عن الغرامات المالية الباهظة ومخالفات البناء. هجمة استيطانية مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية دعت، من جانبها في بيان، العالم الإسلامي والعربي إلى مزيد من الدعم لمدينة القدس وأهلها. وقالت المؤسسة: ''إن المؤسسة الإسرائيلية تشدد تضييقها على مدينة القدس وأهلها، فتهدم بيوتهم، وتضيق عليهم سبيل العيش بهدف ترحيلهم وتفريغ القدس من أهلها العرب والمسلمين''. ودعت المؤسسة كل الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني إلى الوقوف إلى جانب أهل القدس بكل ما يملكون لدعم صمودهم وثباتهم في بيوتهم وليظلوا الدرع الواقي للمسجد الأقصى ولمدينة القدس. وفي التقرير الحادي عشر للدكتور خاطر حول أوضاع القدس والمقدسات، وتحت عنوان لافت ''القدس بين تجميد السلام وتنشيط الاستيطان''، بين أنه ومنذ عقد مؤتمر ''أنابوليس'' في نونبر من 2007 إلى يومنا هذا، والعالم يشهد تفاصيل أكبر هجمة استيطانية على القدس منذ عام .1967 وأكد التقرير أنه ومن خلال تتبع المشاريع الاستيطانية الأخيرة، لوحظ أنها جاءت موزعة على جميع أجزاء المدينة المقدسة دون استثناء، وإن كانت تتفاوت في عدد الوحدات الاستيطانية من مكان إلى آخر. وبين أن هذه المشاريع تسعى بشكل مباشر إلى إكمال عزل القدس عن امتدادها العربي من الناحيتين الشمالية والجنوبية وذلك إكمالا للطوق الاستيطاني الذي بات يلفها من كل جانب. وقال: ''كان يفترض خلال المدة التي أعقبت أنابوليس تجميد الاستيطان بصورة تامة بما في ذلك ما يسمى ''النمو الطبيعي'' للمستوطنات والامتناع عن تقديم أية حوافز للمستوطنين، واستعداد (إسرائيل) لتفكيك المستوطنات تمهيدًا للدخول في المرحلة الأخيرة من المفاوضات، إلا أن ما جرى ويجري على الأرض كان مناقضًا تمامًا لهذه الفرضية''. وأضاف التقرير أن الاستيطان متواصل في كل من جبل أبو غنيم وجبل المكبر وجنوب القدس بالقرب من الولجة ومستوطنات (جيلو، وتل بيوت، ومعاليه أدوميم)، ورأس العمود، والشيخ جراح وسلوان ووادي حلوة، وشمال القدس بالقرب من مطار قلنديا. وأوضح أن هناك أطرافًا صهيونية داخلية تؤكد أن البناء مستمر في كل المستوطنات في القدس والضفة الغربية، وعلى رأس هؤلاء حركة ''السلام الآن''. ''تقنين'' الاستيطان وذكر تقرير أصدره مركز أبحاث الأراضي في جمعية الدراسات العربية بالقدس أن اعتداءات الاحتلال على المساكن الفلسطينيةبالمدينة المقدسة تتخذ ''شكلًا قانونيًا''، كالهدم بحجة عدم الترخيص بهدف تضليل الرأي العام الدولي، إلا أن جوهر الاعتداءات يكمن في مستواه السياسي، حيث تسعى حكومة الاحتلال إلى تطبيق مخططاتها الهيكلية الرامية إلى تهجير المقدسيين وإحلال المستوطنين مكانهم. وأشار التقرير إلى المخطط الهيكلي 2020 المعلن عنه عام ,2000 والذي تسعى حكومة الاحتلال من خلاله إلى الحفاظ على معادلة ديموغرافية قوامها 22% مقابل 78% لصالح الصهاينة داخل القدس. وفي سياق تطبيق هذا المخطط الهيكلي العنصري، تقوم حكومة الاحتلال باستكمال بناء جدار الضم والتوسع العنصري حول المدينةالمحتلة ومصادرة الأراضي. وناشد المركز المؤسسات العربية والدولية الصديقة الوقوف إلى جانب شعب فلسطين وهو يواجه أبشع هجمة اقتلاعية لأسس الحياة وتعزيز صموده على أرضه وحقه، مؤكدًا في الوقت ذاته أهمية التلاحم الفلسطيني، والتوحد في وجه الاحتلال، والخروج من حالة الانقسام فورًا. توثيق ''المذبحة'' في السياق ذاته، ولتوثيق ''مذبحة'' الاحتلال لمساكن الفلسطينيين، كشفت إحصائيات نشرها مركز أبحاث الأراضي جمعية الدراسات العربية، بخصوص الهدم والبناء الفلسطيني في مدينة القدسالمحتلة أنه منذ بداية العام ,2000 وحتى تاريخ اليوم تم هدم 995 مسكن وتشريد 5783 شخص منها 3109 طفل دون سن 18 عامًا. وبموجب هذه الإحصائيات، فإنه في بلدية الاحتلال هناك 42 ألف ملف مخالف في البناء منها 17 ألف مخالفة في رخصة البناء و25 ألف بناء دون ترخيص وأن مخالفة البناء تصل إلى آلاف الدولارات الأمريكية عن كل متر مربع. وقد وردت هذه الإحصائيات في كتاب وزعه المركز بعنوان: ''القدس تحت الاحتلال''، الاثنين الماضي، في سياق مؤتمر صحفي عقده في القدسالمحتلة. ويشتمل الكتاب على خمسة فصول وهي: ''القدس عبر الاحتلالات، وأهم المخططات الاستيطانية في القدس، وسياسة مصادرة وابتلاع الأراضي، وجدار العزل والضم العنصري، وانتهاك الحق في السكن''. وقال الباحث وليد حباس أحد فريق العمل في الكتاب إن الهدم في غربي القدسالمحتلة يقتصر على غير المساكن مثل سور وكوخ وكراج، مؤكدًا أنه عام 1967 وحتى العام 1984 لم تصدر أي رخصة بناء سكنية للفلسطينيين في القدسالمحتلة وأنه بعد عام 1984 صدرت رخص بناء بوتيرة منخفضة جدًا فمثلا عام 2008 صدرت 15 رخصة بناء وعام 2009 صدرت 18 رخصة بناء فقط. وتطرق حباس إلى عدد المغتصبات داخل القدس، مشيرًا إلى أن هناك 34 مغتصبة تم بناؤها منذ عام 67 حتى اليوم وصل عدد سكانها إلى حوالي 220 ألف نسمة في عام .2009 وأكد أن ما تبقى من أراضي المقدسيين في القدسالشرقيةالمحتلة ما نسبته 12% من أراضيهم للبناء، إذ أن 38% من أراضي المقدسيين مصادرة لصالح المغتصبات و50% منها أراضي خضراء (احتياطي استراتيجي للمغتصبات). وقدم حباس نبذه تاريخية عن الهدم، موضحا أنه عام 1948 تم احتلال 16 كم مربع من أصل 5,19 كم مربع هي مساحة القدس في نهاية الاحتلال البريطاني وتم تدمير 39 قرية فلسطينية وتهجير 98 الف مقدسي. وفي عام 67 تم تدمير 3 قرى أخرى بالإضافة إلى حي الشرف بالبلدة القديمة وضم 71 كم مربع أخرى إلى ما بات يعرف بحدود بلدية الاحتلال. ''فتوى'' يهودية من جانب آخر، وقّع عشرات الحاخامات اليهود في الكيان العبري، على ''فتوى دينية'' تحظر تأجير أو بيع المباني السكنية للمواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة ,1948 ''حفاظاً على قدسية البلاد''، حسب ادعائهم. وأفادت مصادر إعلامية صهيونية، أول أمس، أن مجموعة من ''الصهيونية الدينية'' شرعت خلال الأسابيع الأخيرة بجمع تواقيع حاخامات على مطالبة مماثلة لما جاء في الفتوى التي صدرت عن حاخام مدينة صفد (شمال أراضي 48)، والتي طالب فيها اليهود بالامتناع عن تأجير الشقق السكنية لفلسطينيي الداخل، ذلك أن هذا الإجراء ''محظور في التوراة''، وفق زعمه. كما يسعى الحاخامات الخمسون، الذين وقعوا على ''الفتوى اليهودية''، إلى دعم حاخام صفد والحيلولة دون استخدام الإجراءات القضائية والجنائية ضدّه، على خلفية اتهامه ب''التحريض على العنصرية''. من جانبه دعا النائب العربي في ''الكنيست'' الصهيوني، أحمد الطيبي، إلى تقديم كافّة الحاخامات الموقّعين على ''الفتوى'' إلى المحاكمة بتهمة ''التحريض على العنصرية''، في حين طالب رئيس كتلة ''ميرتص'' الإسرائيلية، ايلان غلؤون، المستشار القانوني للحكومة ورئيس ديوان الخدمة المدنية في تل أبيب بالشروع في إجراءات لتنحية الحاخامات من مناصبهم.