يتعرض الرئيس الفرنسي لحملة إنتقادات شديدة سواء في فرنسا أو خارجها لتهديده بإستخدام السلاح النووي ضد دول أجنبية وقوى تعتبرها فرنسا عدوة. أعنف الإنتقادات الأوروبية كانت في الصحف الألمانية التي هاجمت بشدة تصريحات الرئيس الفرنسي جاك شيراك يوم الخميس الماضي حول إحتمال اللجوء الى السلاح النووي ضد الدول التي تمارس اما سماه الارهاب . وفي معرض تطرقهم الى الازمة الحالية مع طهران حول الملف النووي ، عبر العديد من المحررين الصحافيين عن خشيتهم من ان تساهم تصريحات شيراك في جعل موقف الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اكثر تشددا مما هو عليه . واعتبرت الصحيفة الاقتصادية (هاندلسبلات) ان تصريحات الرئيس الفرنسي في الاجواء الحالية، غير مثمرة اطلاقا . واضافت لا يمكن للرئيس ان يعتقد جديا انه من خلال التلويح بالتهديد النووي ، يمكنه اخفاء فشل الدبلوماسية . من جهتها ، قالت فيست دويتشي تسايتونغ الصادرة في دوسلدورف ان التهديد (الذي لوح به) شيراك ليس في غير محله فحسب بل غير مثمر ايضا، لانه يدفع الى الاعتقاد بان الوسائل الدبلوماسية محدودة جدا في مواجهة الطموحات النووية، ولانه لا يأخذ في الاعتبار تبعات ذلك على الشرق الاوسط والغرب والاقتصاد الغربي. واعتبرت صحيفة فرانكفورتر روندشاو ان مجمل الاستراتيجية التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي تفتقر الى المنطق. وتساءلت الصحيفة ما الذي يمكن ان ننتظره من رئيس في نهاية ولايته لا يكف عن اعتبار الشيء وعكسه كالحقيقة المطلقة؟ . بعض المراقبين أكدوا ان خطاب شيراك استقبل بإرتياح في واشنطن التي ترى أن فرنسا تقترب أكثر فأكثر من المبادئ التي يدافع عنها معسكر المحافظين الجدد، وستسمح لأمريكا بالتلويح بشكل أوضح من السابق بإستخدام السلاح النووي ضد خصومها. وكان شيراك قد أعلن ان بلاده ستكون مستعدة لتوجيه ضربة نووية ضد اى دولة او قوة اقليمية تشن هجوما ارهابيا على الاراضى الفرنسية. ودافع فيه الرئيس الفرنسى عن سياسة الردع النووى المكلفة، وقال ان باريس يجب ان تكون قادرة على ان تضرب بقوة مراكز القوى فى الدولة المعادية وقدرتها على التحرك. وذكر ان فرنسا كيفت قواتها النووية بشكل يسمح لها بالرد بمرونة على تهديد ما، معتبرا ان الامدادات الاستراتيجية والدفاع عن الحلفاء يشكلان مصالح يمكن اعتبارها حيوية وتبرر بالتالى اللجوء الى قوة الردع النووية. وطالب شيراك زعماء الدول الذين يفكرون فى استخدام وسائل ارهابية ضد فرنسا وايضا من يفكر فى استخدام اسلحة دمار شامل بطريقة او اخرى ان يفهموا انهم سيجعلون انفسهم عرضة لرد حازم وموات من جانبها، مشيرا الى أن هذا الرد قد يكون تقليديا او قد يكون بشكل مختلف. وقال شيراك ان كل القوات النووية الفرنسية تضع هذه الاستراتجية فى ذهنها وان عدد الرؤوس النووية الموجودة فى الغواصات النووية الفرنسية يسمح بالقيام بضربات موجهة. وهذه هى المرة الاولى التى يربط فيها الرئيس الفرنسى بهذا الوضوح بين الرد النووى والهجمات الارهابية لكنه لم يتحدث عن وجود خطر محدد يستهدف فرنسا. الا ان الرئيس الفرنسى اضاف انه يعود الى رئيس الجمهورية تقدير حجم والنتائج المحتملة لتهديد او ابتزاز يمس بهذه المصالح. وتابع ان مكافحة الارهاب هى بالتاكيد من اولوياتنا، مضيفا سنواصل على هذه الطريق بحزم وتصميم.