أصدرت نقابة المسرحيين المغاربة بيانا اعتبرت فيه أن الهجوم الذي تعرضت له في الأيام الأخيرة "هو جزء من الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الثقافة المغربية، بكل حساسياتها ومرجعياتها المختلفة والمتنوعة". وأضاف البيان أن الذين هاجموا النقابة المذكورة "ظهرت حملتهم المفتعلة واللامبررة على نقابة المسرحيين المغاربة، وزيف خطاباتهم وهشاشة شعاراتهم، وظهر للعيان أن أفقهم ضيق، وأن فهمهم ضيق، وأن تسامحهم إشاعة كاذبة، وأن حداثتهم أصولية استئصالية"، مؤكدا أن الذين يدعون أنهم مع حرية التعبير، "هم الذين يصادرون حق هذه النقابة في الوجود، ويصادرون حقها في التعبير الحر، وهم الذين يصادرون حقها في الاختلاف". واستغرب بيان نقابة المسرحيين "أن تنصب بعض الجهات الغريبة نفسها وصية على الفنانين، وأن يكون فعلها فضولا زائدا وبلا معنى». وفي ما يلي نص البيان: "تعرضت نقابة المسرحيين المغاربة، وما تزال، لعدوان إعلامي ممنهج، وهذا العدوان، هو جزء من الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الثقافة المغربية، بكل حساسياتها ومرجعياتها المختلفة والمتنوعة، وهو أيضا استمرار للعدوان الذي واجه هذا الإطار النقابي الجديد، وذلك منذ الإعلان عن نفسه في السنة الماضية. ويأتي هذا الفعل اللامتسامح، شكلا ومضمونا من الذين يتظاهرون بالتسامح، وهم يضيقون على الحرية التعبيرية والتدبيرية، ومن الذين يرفعون شعار الحرية، ويروجون، صباح مساء، للحق في الوجود، وللحق في التعدد، وفي الاختلاف، ومن الذين يزعمون أنهم ديموقراطيون، حداثيون وعلمانيون، وأنهم من أهل الغيرة على القيم الإنسانية. لقد أظهرت حملتهم المفتعلة واللامبررة على نقابة المسرحيين المغاربة، زيف خطاباتهم وهشاشة شعاراتهم، وظهر للعيان أن أفقهم ضيق، وأن فهمهم ضيق، وأن تسامحهم إشاعة كاذبة، وأن حداثتهم أصولية استئصالية، وأن معاصرتهم جاهلية جهلاء، وأن ثقافتهم ضلالة عمياء، وأن استقلاليتهم المعلنة، تبطن تبعية خفية، وأن (صوتهم) ليس صوتهم، وما هو إلا صدى ما يملى عليهم، وهذا هو ما يجعل غضبة تلك الجرائد المنفعلة غضبة مفتعلة ومصطنعة، وصيحتها صيحة في واد، ويجعلها أيضا استجابة آلية وببغاوية للتعليمات، وتنفيذا للتوصيات، وقفزا بهلوانيا على كل الحقائق الثابتة والمتعارف عليها. لقد أصدرت نقابة المسرحيين المغاربة بيانا، وعممته على الصحافة الوطنية، وكانت له ردود فعل غريبة وعجيبة بلغت حد الغضب المجنون، ولقد ابتدأ هذا الغضب بالنقابة، وامتد ليشمل جهات ومفاهيم واختيارات فكرية وسياسية لا علاقة للنقابة بها، وهكذا تحولت غيرة النقابة على قيم الجمال، والنبل، وعلى مقومات المواطنة (فضيحة)، وهل في هذا ما يمكن أن يزعج جرائد (مستقلة)؟ إننا في نقابة المسرحيين المغاربة، نستغرب أن يكون الذين يزعمون أنهم مع حرية التعبير، هم الذين يصادرون حق هذه النقابة في الوجود، ويصادرون حقها في التعبير الحر، وهم الذين يصادرون حقها في الاختلاف، مع العلم أنها، في بيانها هذا، تكتفي بأن تنبه فقط، وأن تدعو، وأن تحذر، وهي بهذا تستخدم نفس المفردات الموجودة في معجم البيانات المعروفة والمألوفة والمتداولة، وإلا فما معنى العمل النقابي، خارج إطار الاحتجاج المؤسس على مبادئ واضحة ودقيقة. في هذه الهجمة المدبرة، يكمن سوء النية بلا شك، ويكمن سوء الفهم، وسوء التقدير، وسوء التدبير، وفيها أغلاط كثيرة وكبيرة، فهي تتعامل مع بيان ثقافي من منطلق إيديولوجي ضيق، وهي تتوهم وجود معركة بينها وبين النقابة، مع أن الأصل في العمل الصحفي أن يصف الأحداث، بكل أمانة وتجرد، وألا يصل الأمر فيه إلى حد التأويل المرضي المغرض، وإلى درجة الإسقاط، وإلى نقطة التخريجات الكابوسية المرعبة، والتحريض على الفتنة، والدعوة للتفرقة، واللاتسامح، وحدث كل هذا، ردا على نقابة لا تسعى إلا لتصحيح المسار الفني بالمغرب، وجعله في خدمة التنمية البشرية الحقيقية التي هي رهانات المغرب الجديد. إن نقابة المسرحيين المغاربة في بيانها الجديد هذا، تؤكد على الحقائق التالية: أن بياننا الذي فجر كل ذلك الكم الهائل من الانفعال، وبخلاف ما جاء في بعض الكتابات، لم يختر منبرا دون آخر، ولم يتعامل بانتقائية مع الصحف المغربية، ولكنه أرسل إلى كل المنابر، إيمانا بأن المنبر لا يتكلم، وأن الذي يتكلم هو من يقف عليه، وبذلك فقد افترضنا، بحسن نية، حياد المنابر الصحفية المغربية، ورأينا أن المهنة الحقيقية تقتضي النشر أولا، وأن يكون التعليق بعد ذلك لمن يهمهم الأمر، وهو ما تحقق في بعض الصحف الوطنية دون غيرها. أن بياننا، قد وجه إلى كل الصحف اليومية الوطنية، الجادة والمحترمة طبعا، ولقد لمسنا مقدار وطنية كل صحيفة، ومقدار جديتها ومهنيتها، وذلك من خلال نوعية تعاملها مع ذلك البيان، ومن خلال إحساسها بالغيرة التي يحملها في طياته. نستغرب ونتساءل عن العلاقة بين نقابة فنية وتنظيم التوحيد والجهاد وبين ما يقوله البيان وما تقوله التوجهات الأخرى. نستغرب أن يكون تثمين موقف المخرج المغربي محمد العسلي مدعاة للاتهام بالتعصب وبالتخوين وبالتكفير، فهو موقفنا بكل تأكيد، وهو لا يلغي المواقف الأخرى ولا يصادرها، وقابل للنقاش، ولا داعي لهذه الرؤية العدمية والظلامية. إننا نستغرب أن يأتي رد الفعل من غير المعنيين بالشأن المسرحي والسينمائي، وأن تنصب بعض الجهات الغريبة نفسها وصية على الفنانين، وأن يكون فعلها فضولا زائدا وبلا معنى، وأن تنسى بأنها إنما تخاطب نقابة مهنية، وأنها تكلم رموز المسرح المغربي، ورموز السينما المغربية. وعليه فإن إنشائيات كثير من المتكلمين، وبكائيات كثير من الكتبة، ماهي إلا كتابات مدرسية سطحية وساذجة، كتابات لا علاقة لها بطبيعة الصناعة السينمائية، ولا بكنه النظام الثقافي الجديد القديم، ولا بالواقع، ولا بالتاريخ، ولا بالحقيقة، ولهذا فإن معركة النقابة، ليست معركة ضد أشخاص، ذاتيين كانوا أو معنويين، ولكنها معركة وجود وهي معركة من أجل الحق والحقيقة، حقيقة الصورة المغربية، وحقيقة الفن المغربي، وحقيقة الهوية المغربية أولا وثانيا وثالثا. لقد كان على الذين يزعمون الانتساب إلى ثقافة التسامح والاختلاف، أن يدبروا مسألة هذا الاختلاف الفكري بشكل آخر مختلف ومغاير، وأن يكونوا أكثر رصانة ورزانة وأكثر عقلانية، من تلك الصور الكاريكاتورية المهزوزة التي يظهرون بها، وأن يعالجوا هذا الاختلاف بأدوات حضارية، بأساليب فنية راقية، وأن يحتكموا إلى الحوار العاقل، وأن يستندوا إلى المبادئ الإنسانية الدائمة، وليس إلى الشعارات الذاتية الانتهازية العابرة. إننا نسجل المفارقة العجيبة التالية، وهي أن من يشوه صورة المغرب لا اعتراض عليه، انطلاقا من أن الأمر يتعلق بحرية الفن وبالتسامح وبالحداثة وبما بعد الحداثة، أما من يعترض على هذه الصورة، ومن يرفضها ومن يرى أنها ذات أغراض غير فنية، فإنه لا تسامح معه، وبذلك يكون ممنوعا من حرية التعبير، وممنوعا من الحق في الكلام وفي الكتابة، وتكون غيرته على جمالية الفن ونبله وقدسيته جريمة لا تغتفر. يمكن أن نسجل الحقيقة التالية، وهي أن ما جاء في بيان نقابة المسرحيين المغاربة ليس رأيها وحدها، ولكنه رأي كل المغاربة، وقد عبرت عنه كثير من المنابر الإعلامية المسؤولة، وقفت عنده كثير من الأقلام الشريفة التي لها غيرة كبيرة على جمالية الفن، ولها إحساس نبيل بالمواطنة الحقة، ويكفي أن نحيل القارئ الكريم إلى ما جاء في عمود الأخ رشيد نيني في جريدة الصباح، والذي كان عضوا في لجنة التحكيم بمهرجان طنجة الدولي... وإلى ما جاء في الجريدة الأخرى بقلم الأستاذ عبد الإله عديل. وفي ختام هذا البيان، نجدد دعوتنا الصادقة للحوار الهادئ والرصين، وأن يكون هذا الحوار في مستوى الطروحات الفكرية والعلمية، وأن يتحرر من الإيديولوجية الضيقة، ومن الانتهازية السياسية، وأن يخرج من كهوف العهود الغابرة المظلمة، وأن تسود لغة الإنسان الحضارية، وليس لغة التهديد الوحشية. إن الفن إبداع للجمال، أما صناعة القبح، وبهذه الطريقة الفجة، وبكل هذا الكم الهائل من الوقاحة، فإنه لا يمكن أن يندرج ضمن صناعة الفنون الجميلة التي نؤمن ويؤمن بها كل المبدعين الشرفاء في العالم بأسره وعلى اختلاف عقائدهم ودياناتهم. وحتى إذا كان ما يدعو إلى إنتاج مثل هذه الأعمال، فالغرب نفسه أسسوا لها مجالها وسموا الأشياء بمسمياتها. "وإذا كان الفن لا وطن له فإن للفنان وطنا". محمد حسن الجندي عبد الرزاق البدوي محمد عفيفي المسكيني الصغير عبد الكريم برشيد عبد اللطيف الدشراوي بديعة الراضي