أكد الأستاذ محمد هلال، دفاع أحد معتقلي مغاربة غوانتنامو، أن متابعة مغاربة غوانتنامو الخمسة لا ترتكز على أي سند قانوني، وأن مصيرهم الحكم بالبراءة بعدما سلمتهم أمريكا للمغرب. وأضاف هلال أن المغرب لا يمكن أن يعاقب هؤلاء المعتقلين ما دامت أمريكا لم تثبت في حقهم أي تهمة، وسيرا على نهج سائر الدول التي أطلقت سراح مواطنيها الذين كانوا معتقلين بغوانتنامو بعدما تسلمتهم. وأوضح هلال، في حوار لالتجديد، أن كل الضمانات القانونية لحد الساعة متوفرة بالنسبة للمعتقلين ولم يتعرضوا لأي انتهاكات أو ضغوطات منذ مجيئهم للمغرب، وفي ما يلي نص الحوار: ما مدى قانونية متابعة مغاربة غوانتنامو خاصة أنهم كانوا خارج أرض الوطن؟ هذا إشكال قانوني كبير تسببت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالقانون الداخلي لأي دولة استضافت مواطنيها الذين سبقوا أن اعتقلوا بغوانتنامو أو الذي مازالوا يوجدون بالجزيرة الكوبية، لا يسمح يأن يبقى هؤلاء معتقلين، وبالتالي فالمعضلات القانونية الموجودة حاليا هي: الأولى: وجود أشخاص يتابعون في محاكم أمريكية، ويخضعون للقانون وللضمانات القانونية الأمريكية، وهم الذين كانت تعتقد أمريكا أنهم وراء تفجيرات 11 شتنبر. المعضلة الثانية: خلق أمريكا لمحكمة استثنائية خارج التراب والقانون الأمريكيين بمرسوم رئاسي جمهوري لأمريكا، ستحاكم فيها الأشخاص الموجودين بمعتقل غوانتنامو محاكمة استثنائية، وتم هذا بعد الحملة الإعلامية للمنظمات الحقوقية التي نددت بالممارسات التي تلقاها هؤلاء، والتي تخالف كل القوانين الدولية، والتي خرقت فيها أمريكا إنسية الإنسان وليس قانون الإنسان فحسب. المعضلة الثالثة: تكمن في أن الأشخاص الذين اختطفوا ورحلوا من غوانتنامو إلى بلدانهم لا يعرف القانون الذي سيطبق عليهم، فمثلا المغاربة هل سيتابعون بقانون الإرهاب؟ فهؤلاء لم يقوموا بأعمال إرهابية، هل سيتابعون بالقانون الجنائي المغربي؟ فلا وجود لعناصر مادية تثبت أفعال مرتكبة داخل التراب الوطني. كما أن العدالة المغربية لا حق لها في أن تحاكم أشخاصا، سواء مغاربة كانوا أم أجانب، على أفعال ربما ارتكبت في بلدان أخرى، وهذا يجعلنا نقول إن القضاء المغربي لا يملك الاختصاص، والأكثر من هذا أن الظهير المنظم لقانون الإرهاب يعطي الاختصاص لمحكمة الاستئناف بالرباط، وهؤلاء المعتقلون متابعون بالقانون الجنائي المغربي، ومع ذلك تمت إحالتهم على محكمة الاستئناف بالرباط. عموما، متابعة هؤلاء لا تستند على أي سند قانوني، والسياسة الأمريكية خلقت معضلات قانونية على المستوى الدولي والوطني. إلى أين وصل ملف المعتقلين حاليا؟ بعدما تم الاستنطاق الابتدائي والتفصيلي، تمت مواجهة بين جميع المعتقلين، الذين لم يكونوا يعرفون بعضهم البعض إلى أن تم ترحيلهم إلى المغرب، والآن صدر قرار الإحالة، وسيكون الباب مفتوحا للدفاع أمام غرفة الجنايات لخلخلة المتابعة التي سطرها قاضي التحقيق. وسيعتمدها السيد الوكيل العام أثناء المتابعة، وسنبين حينها أن المتابعة بهذا الشكل لن تكون قانونية. هل تعتقدون أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لو وجدت أدلة تدين هؤلاء هل كانت ستسلمهم للمغرب؟ لما تقوم أمريكا بترحيل معتقلي غوانتنامو إلى بلدانهم، فإنها ترحل أشخاصا من الدرجة الثالثة أو الرابعة، فبعد اعتقالهم لمدة سنتين ونصف، وبعد إخضاعهم للاستجوابات والاستنطاقات من قبل المخابرات الأمريكية لم يثبت وجود شيء ملموس يجعلها تتابعهم في المحكمة الاستثنائية، ولو كانت لديهم يد مباشرة وواضحة في أحداث 11 شتنبر، لما رحلتهم أمريكا إلى بلدانهم، وما يؤكد هذا الطرح هو وجود مجموعة من المغاربة لم يتم ترحيلهم إلى الآن، ويفترض أنهم سيحاكمون في المحكمة الاستثنائية. قيل عن عبد الله تبارك الكثير من قبيل أنه الحارس الشخصي لابن لادن، في نظركم لماذا تم ترحيله إلى المغرب ولم تحاكمه أمريكا؟ أنا أقلل من تلك الأهمية التي تعطى لتبارك مثل أنه الحارس الشخصي لابن لادن، فهو شخص عادي كان يعمل بمزارع بن لادن بالسودان في إطار عقد عمل، فلا يمكن مثلا للسعودية أن تعتقل كل العمال الذين يشتغلون بمعامل بن لادن هناك، كما أن الاستخبارات الأمريكية ليست بليدة حتى تسلم شخصا مهما للمغرب. ماذا يحكي المغاربة عن المعاملة التي تعرضوا لها في معتقل غوانتنامو؟ أعتقد أن ظروف معتقل غوانتنامو سيئة جدا، والأظناء عانوا كثيرا من جراء وجودهم هناك، إذ منعوا من ممارسة شعائرهم الدينية من قبيل قراءة القرآن وإقامة الصلاة. وأخبرني موكلي بعد مخابرتي معه، أن التعذيب الجسدي كان أكبر بكثير، فمثلا عندما يريد الصلاة وأثناء مرحلة الركوع يفاجئ بضربات قوية على رأسه وفي ضلوعه، وهذا حرمان فظيع من اتصال الإنسان بخالقه، وتعتبر هذه الأفعال مسا بالحريات الفردية التي تنص عليها جميع الديانات، والأنظمة السياسية اللائكية في أمريكا وكل القوانين الدولية. هذه الانتهاكات كان لها التأثير القوي على نفسية معتقلي عوانتنامو، ومن بينهم من أصيب بالجنون منهم مغاربة. دون أن ننسى أن مجموعة من المغاربة شوهت أجسادهم وألحقت بهم أضرار مادية بأفغانستان إبان الحرب الأمريكية. أما موكلي إبراهيم بن شقرون من مواليد ,1979 مغربي من أم سينغالية، فقد كان يحضر مجموعة من حلقات الذكر ببعض المساجد المرخص لها لما كان بالمغرب، وذهب إلى موريطانيا لحفظ القرآن، ثم عاد إلى المغرب، وله مجموعة من الشهادات التي تبين أنه كان نابغا في مجال أصول الدين، ثم هاجر إلى أفغانستان لحمل سلاح العلم، وكان يقوم بتعليم القرآن وتلقين أصول الدين والعربية للأفغانيين، وكانت هذه هي مهامه من خلال مخابرتي معه. هل تأملون في أن يخضع هؤلاء المغاربة لمحاكمة عادلة؟ لحد الآن كل الضمانات القانونية كانت متوفرة، فجميع المتهمون يتوفرون على دفاع، ومباشرة بعد وصولهم للمغرب لم يتعرضوا لأي ضرب أو جرح أو ضغط أو إكراه أو مس نفسي، بل كانت كل الأمور عادية، فتم الاستماع إليهم بشكل عادي، ولم يتعرضوا لأي قوة تغير مجرى الحقيقة. ولكن المحاكمة العادلة في نظري هي تبرئتهم للأسباب التي ذكرتها، لأنه ليس هناك ما يفيد ويدل على ارتكاب هؤلاء الأشخاص لفعل مادي يجرمه القانون المغربي داخل التراب الوطني، وهؤلاء لم يكن لهم أي دور في المس بالمغرب ولا بسيادته. هناك مجموعة من الدول أفرجت على معتقلي غوانتنامو بعدما سلموا لها، هل تعتقد أن المغرب سينهج الأسلوب نفسه، أم أن الملف سيأخذ مسارا آخر؟ هذا هو المسار الحتمي لهذه القضية، وهذا يجعلنا متفائلين، فالقضاء المغربي سينصف هؤلاء لا محالة. فالدول التي استقبلت مواطنيها المرحلين من غوانتنامو أطلقت سراحهم مباشرة، وهذا دليل على أن هؤلاء لم يرتكبوا أي فعل إجرامي. ولا أعتقد أن المغرب سيحيد عن هذا المنحى ويكون حالة شاذة مقارنة مع الأنظمة القانونية الأخرى، لأنه يتوفر على نسق قانوني واضح، شبيه بكل التشريعات القانونية في العالم، إضافة إلى أن المغرب يتوجه حاليا نحو سياسة منفتحة لاحترام حقوق الإنسان. حاورته: خديجة عليموسى