اختتمت أشغال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي أول أمس باعتمادمدونة للسلوك في مجال مكافحة الإرهاب والمصادقة على مخطط عمل خماسي للمرحلة المقبلة تشمل المواقف المشتركة إزاء قضايا الإصلاح والتعاون الاقتصادي والتقدم نحو تكريس حرية التبادل التجاري، وذلك قبل استحقاقات منطقة التبادل الحرالمزمع إنشاؤها بين الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط. وخلال أشغال المؤتمر الذي شهد غياب ثمانية من البلدان العربية على مستوى قادتها، ألقى الوزير الأول المغربي إدريس جطو خطاب جلالة الملك محمد السادس الموجه إلى المشاركين، أبرز ضرورة انتهاز فرصة تخليد ذكرى انطلاق مسلسل برشلونة لتجديد العهد بين دولنا وجعل الشراكة الأورو متوسطية رافعة ملموسة لتعزيز التضامن والاستقرار الجهويين وضمانة لاندماج اقتصادي بين ضفتي المتوسط، وأداة فعالة للتفاهم المتبادل والتقارب الثقافي، كما طالب الخطاب الملكي بتقليص الفوارق التنموية بين شمال المتوسط وجنوبه، مؤكدا أن الشراكة الأورومتوسطية لا تنحصر فحسب في إنشاء منطقة واسعة للتبادل الحر، بل وتشكل فضاء مشتركا حقيقيا ونوعيا، يضمن مصالح الجميع، وعلى الخصوص من خلال مقاربة للتعاون المعزز مع التكتلات المتجانسة. وبخصوص ظاهرة الهجرة غير الشرعية دعا جلالة الملك إلى فتح نقاش جاد ومسؤول من أجل إبراز الأسباب العميقة الكامنة وراء استفحال هذه الظاهرة والتطرق لمختلف الجوانب والرهانات التي ترتبط بها مؤكدا على ضرورة أن يأخذ هذا النقاش بعين الاعتبار واجب التضامن على الصعيد الإقليمي، وضرورة ضمان الأمن الجماعي، والتحكم في دينامية الهجرة القانونية التي لها دوافعها الموضوعية. وقد صادقت القمة الأورومتوسطية على المبادرة الإسبانية الفرنسية المغربية حول الهجرة، حيث أعلن الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري أن القمة صادقت على المبادرة الاسبانية الفرنسية المغربية التي تعتمد مقاربة شاملة لظاهرة الهجرة، وقال في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء إن اعتماد مقاربة شاملة لمكافحة الهجرة السرية يمر بالضرورة عبر زيادة الاستثمارات وعبر دعم التنمية ببلدان الجنوب ، كما ركزعلى مسألة النهوض بالهجرة القانونية بتشاور بين بلدان شمال وجنوب المتوسط، موضحا أن البلدان الأوروبية ستحتاج خلال السنوات المقبلة إلى يد عاملة أجنبية لتطوير اقتصادها. وفي ختام أشغال القمة التي انطلقت الأحد الماضي لتخليد ذكرى مرور عشر سنوات على انطلاق مسلسل برشلونة، صادق رؤساء دول وحكومات البلدان الأورومتوسطية أول أمس الاثنين على مدونة للسلوك في مجال مكافحة الإرهاب التي شهدت جدلا واسعا بين البلدان العربية والإسلامية المشاركة والوفد الصهيوني بسبب نقطة تشير إلى ضرورة التمييز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال، غير أن المدونة المشار إليها خيبت آمال البلدان العربية المشاركة حيث انتصرت إلى وجهة النظر الصهيونية وخلطت بين الإرهاب والمقاومة. وقد تجنبت مدونة السلوك أية إشارة إلى المقاومة ضد الاحتلال التي دافعت عنها البلدان العربية، مشيرا إلى التزام بلدان المنطقة ببذل مزيد من الجهود لاحتواء النزاع وإنهاء الاحتلال والتصدي للظلم وتقليص الفقر والنهوض بالحكامة الجيدة وحقوق الإنسان واحترام جميع الديانات . وجاء في الوثيقة أن بلدان المنطقة تعتبر أنه من الضروري عقد مؤتمر من مستوى عال برعاية الأممالمتحدة للتوصل إلى موقف دولي يعتبر أن الإرهاب لا يمكن أن يكون أبدا مبررا . والوثيقة تمثل اقتراحا بريطانيا إذ إن القمة فشلت في تبني بيان ختامي في أعقاب أشغالها، بسبب الخلافات في وجهة النظر بين المشاركين حول قضيتين سيطرتا على القمة، هما الإرهاب وموضوع الهجرة. وأوضح الوزير الأول الإسباني خوسي لويس رودريغيز ثباتيرو في مؤتمر صحفي لقد صادقنا على مدونة للسلوك في مجال مكافحة الإرهاب وهو ما يعني التزام بالتصدي المشترك لهذه الظاهرة ودعوة المنتظم الدولي بأن لا يربط أي شخص الإرهاب بدين أو ثقافة أو شعب .