من الغريب أن الحكومة الجزائرية وعلى مدى سنوات لم تهاجم تعليمات صندوق النقد الدولي بشأن اقتصادها، سواء تعلق بتخطيطاتها الاقتصادية أو بأسعار نفطها وعمليات تسويقه أو بإتفاقيات التجارة الحرة مع عدد من البلدان، وفجأة تمردت على صندوق النقد الدولي عندما قدم اقتراحا يتعلق بروابطها الاقتصادية مع المغرب. الصندوق لم يتدخل إلا في إطار سعيه لتحسين الحالة الاقتصادية في منطقة المغرب العربي، قبل أن يقدم الصندوق نصائحه بمدة طويلة، قرر المغرب إزالة كل العراقيل التي تحول دون التحرك الحر بين البلدين، غير أن الجزائر صدت هذه المبادرة مما يعكس حقيقة نواياها. لقد تصور البعض أن تعيين الجنرال العربي بلخير سفيرا لبلاده في الرباط مؤشر على النية في فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، غير أن تصرفات السلطات الجزائرية تعكس أمرا مختلفا. في نطاق هذا التوجه اعتبرت يومية (البلاد) الجزائرية في عددها الصادر يوم الأربعاء أن دعوة المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو دو راتو يوم الاثنين الى إعادة فتح الحدود المغربية الجزائرية التي أغلقت من الجانب الجزائري منذ سنة1994 بمثابة انتهاك لسيادة الجزائر. وكتبت الصحيفة أن صندوق النقد الدولي تعمد في مرة أولى المساس بسيادة الجزائر بإسم تقديم النصح والإرشاد عندما اعترض قبل أسابيع على إقرار أي زيادة في الأجور. ومن جهتها اعتبرت صحيفة (الشروق) في تعليق على هذا التصريح أن تساهل السلطات الجزائرية مع التصريحات الأجنبية الخارجة عن نطاق رزنامة التعاون والمخترقة لحدود السيادة الوطنية، أدى إلى أن يمد المدير العام لصندوق النقد الدولي رجليه في الشأن الجزائري محتميا في ذلك بالمبررات الاقتصادية، عندما طلب من الجزائر فتح حدودها مع المغرب. وأشارت الصحيفة إلى أن الرجل الأول في أول مؤسسة مالية دولية لا يفرق بين مجالات التعاون القابلة للنقاش ومجالات السيادة الوطنية التي لا جدال حولها مضيفة أن دو راتو يغفل إغفالا كبيرا الأبعاد السياسية لمشكلة الحدود. وكان المدير العام لصندوق النقد الدولي قد أكد في كلمة ألقاها يوم الاثنين في اجتماع حول تسهيل المبادلات التجارية بين المغرب والجزائر وتونس أن إعادة فتح الحدود بين المغرب والجزائر ستساهم كثيرا في تنشيط وإنعاش المبادلات التجارية بين البلدين وفي المنطقة.