بعد مائة يوم من الانقلاب العسكري الذي أطيح بنظام الرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في الثالث من شهر غشت الماضي، قام العقيد أعلي ولد محمد فال رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ورئيس الدولة بزيارة للمغرب أمس تختتم يومه الثلاثاء، فيما يعد إشارة إلى أن التعاون وعلاقات الجوار بين البلدين مستمرة بالرغم من التقلبات السياسية في الداخل، وتأكيدا على أن العلاقات بين البلدين من توابث السياسات في الجانبين. وكان المغرب قد بادر إلى إرسال مبعوثين إلى القيادة العسكرية الجديدة في موريتانيا في شهر غشت المنصرم. وحافظ المغرب إثر الانقلاب الذي أطاح بولد الطايع على موقف محايد، مكرسا بذلك سياسته الرامية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار. وتأتي زيارة العقيد الموريتاني ولد محمد فال في ظل عدة تحديات تجتازها المنطقة المغاربية، تجعل هذه الزيارة تكتسي أهمية كبيرة. من جانب أول هناك قضية الصحراء المغربية التي توجد اليوم في منعطف رئيسي بعد طرح جلالة الملك لمبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء في السادس من نوفمبر الحالي، ويعد الدور الموريتاني مهما في أي حل سياسي يخرج المنطقة من حالة الاحتقان والتسخين الديبلوماسي المستمر، وكانت نواكشوط قد أعلنت على لسان ولد محمد فال في شهر أكتوبر الماضي لدى زيارة المبعوث الأممي الخاص بقضية الصحراء الهولندي بيتر فان سوم لبلدان المنطقة أن موريتانيا تدعم أي حل سياسي للنزاع، وهو ما أكد مجددا سياسة الحياد التي سارت فيها موريتانيا منذ وقت طويل فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. وتوجد على رأس أجندة العلاقات المغربية الموريتانية أيضا مشكلة المهاجرين الأفارقة التي أثيرت في الأشهر الأخيرة، حيث إن عددا من المهاجرين يعبرون الحدود الموريتانية في اتجاه الجنوب المغربي، وقد أصبحت هذه القضية تهم بلدان منطقة المغرب العربي بشكل أكبر خصوصا في ظل ما تتعرض المنطقة من ضغوطات أوروبية. أما المسألة الثالثة فهي موقع الاتحاد المغاربي في الشراكة الأورومتوسطية قبيل انعقاد مؤتمر برشلونة في نهاية الشهر الجاري، والذي سيشهد أول مشاركة للقيادة الموريتانية الجديدة فيه، كما يشهد المؤتمر المشار إليه معطى جديدا يتمثل في مشاركة ليبيا فيه، بعد الدعوة التي وجهتها الحكومة الإسبانية إلى طرابلس يوم الأربعاء الماضي للمشاركة، وكانت ليبيا قد ظلت خارج هذا المسلسل طيلة عشر سنوات منذ بدايته عام .1995 وإلى هذه الملفات الثلاثة التي يمكن أن يضاف إليها ملف رابع هو العمل على استئناف مسيرة الاتحاد المغاربي المجمد منذ 11 عاما، توجد هناك ملفات تخص التعاون الثنائي بين البلدين في كافة المجالات، ومعروف أن المغرب وموريتانيا شكلا لجنة عليا مشتركة تم فيها التنصيص على دورية وانتظام انعقادها، كما أبرم البلدان في السابق عشرات الاتفاقيات التي تهم مجالات مختلفة.