هل فكرت وأنت تمتطي مراكب الرَّحم المصوبة من كل ربوع الوطن نحو الجنوب المحبوب أن معراج القُرب منتصب على مشارف السمارة ينتظر بشوق لحظة اصطفاءٍ مجللة بدم الشهادة وعبق العبور الخاطف نحو ضفاف الغيب الكبير المهيب الذي كان يسكنك؟! *** الأخ الحبيب الدكتور عبد الله برو أهنئك بدءَا أيها الشهيدْ .. وللقاعدينَ العزاء ..! أهنئكْ.! هل فكرت وأنت تمتطي مراكب الرَّحم المصوبة من كل ربوع الوطن نحو الجنوب المحبوب أن معراج القُرب منتصب على مشارف السمارة ينتظر بشوق لحظة اصطفاءٍ مجللة بدم الشهادة وعبق العبور الخاطف نحو ضفاف الغيب الكبير المهيب الذي كان يسكنك؟! أهنئكْ ..أيها الشهيد ... وللقاعدين العزاء..! ها أنت أخي الحبيب عبد الله رأيت بأم روحك كم تبدأ الأمور الصادقة في الحياة بسيطة .. ثم تصير بعزم الرجال الواثقين تاريخا مهيبا شامخا كالمعالمْ. أجل..دعني أسألك وأنت اليوم مزهو في أعراس شهادتك المجيدة: لمن تجتمع في وطن السلمِ شهادةٌ وصومٌ وصلاةٌ وجمْعةٌ .. ورفقةٌ صالحةٌ ؟ ولمن يصفَّى رحيق الرحم المختوم بقدسية الوصل ... ودم الشهادة في جلال شذاهْ؟ لمن تسير الجموع الحاشدة الممسٍكة في العشر الأواخر خاشعة الدمع لاهجة بذكر المحامد.. يقْدُمها نعشك الجميلٌ.. أيها الجميلْ.؟ ولمن تصلي صفوف الرحم المتدفقة سيولا من كل فج عميق في شهر القرب باكية تستمطر رحمة السماءْ؟ أهنئكْ! أليس كنت حيا.. أيها الحي! .. مُغْبر الأقدام في دروب البذل والوصل توزِع كالريح المرسلة عمرك وعرقك وبشاشتك ذات اليمين وذات الشمالْ.؟ أزعم أني فهمت بعضا من أسرار الحسن المسكوب في نظراتك الودودة وصفاء سريرتك وهمتك العالية: ألست كنت كل صباح ومساء تطل من ربوتك الجميلة في مستي(قرية الشهيد) على مدافن السابقين المنشورة شرقا في سفح الوادي..وقد فرغت من صلاتك ووردك..فتسأل واثقا: في أي شبر هناك ستوسَّد الثرى يا عبد الله؟! كأني بك كل صباح ومساء تجدد العزم لتصنع الحياة استعدادا للموت! ما أروع أن يجاور المرء المقابر فيحيا لبيبا بذكر هادم اللذات ! أهنئكْ! قال بعض خصومك محزونا: شريف مات في سبيل الوطن..وقال أصفياؤك: تعلمنا منه كيف يكون الالتزام معنى ساريا في واقع الخلْق من غير ضجيج..! قلتُ: أيها الباعمراني العميق.. الناس كإبل مائة .. لا تكاد تجد فيها راحلة! هنيئا لك أيها الراحل في نهاية هذا المشوار القصير.. هنيئا لك تباشير الخلود السعيد..وطلائع الفوز. وإلى أن يتجدد بفضل الله اللقاء حول الحوض.. كما كنت تدعو حريصا في ختمتك الندية لمجالس الحب العامرة..أجدد لك والدمع يغلبني دعائي ومحبتي واعتزازي بك أيها الشامخ شهيدا لرحم الصحراء..! أهنئكْ.. وللمخلَّفين القاعدين العزاءْ !