الضمان الاجتماعي يعلن عن مستجدات هامة تخص معاش التقاعد واسترجاع الاشتراكات للمستقلين    الجزائر تواصل عزل نفسها إقليميًا وتغلق مجالها الجوي أمام الطيران المالي.. "الجار الشقيق" يعود إلى عادته القديمة    حزب "القوة الشعبية" البيروفي يجدد دعمه لمغربية الصحراء وسيادة المملكة على كافة أراضيها    مبادرة برلمانية تدعو لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول دعم الحكومة لاستيراد المواشي    ولد الرشيد يدين كذب خصوم المغرب    النفط عند أدنى مستوى في 4 سنوات بسبب الحرب التجارية    المغرب يتوج بجائزة سياحية مرموقة    خبير يشكك في صمود "رسوم ترامب"    ممنوعات تسرب إلى نزلاء بمؤسسات سجنية في فقة عيد الفطر    غياب الشهود يدفع استئنافية البيضاء إلى تأجيل البت في قتل "الشاب بدر"    الجزائر تغلق مجالها الجوي أمام مالي    توقيف مروج للهيروين بضواحي الفنيدق    بنعلي يؤكد بطلان رقم "13 مليار درهم" المروج حول دعم استيراد الأضاحي    الصحافة الإسبانية تكشف مستجدات نفق المخدرات بسبتة المحتلة    «نفس الله» عمل روائي لعبد السلام بوطيب .. رحلة عميقة في متاهات الذاكرة والنسيان    السلطات الصحية البريطانية تحقق في إصابة بفيروس (إمبوكس) غير معروفة الأسباب    "من أجل غزة".. صوت التلاميذ والطلبة المغاربة يصدح ضد الإبادة والتطبيع    موكوينا يتشبث بمنصبه كمدرب للوداد    خاص: المعارضة كانت تنتظر ردا من الاتحاديين منذ الخميس على مبادرة لجنة تقصي الحقائق حول "الفراقشية".. دون أن يأتي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على انخفاض حاد    يحتضنه المغرب في سابقة بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط .. ندوة تقديمية للمنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا اليوم بالرباط    موسم أصيلة الثقافي الدولي 46 في دورته الربيعية    النشاط الصناعي.. بنك المغرب: ركود في الإنتاج وارتفاع في المبيعات خلال فبراير 2025    مضاعفات الحمل والولادة تؤدي إلى وفاة امرأة كل دقيقتين    أصغر من حبة الأرز.. جيل جديد من أجهزة تنظيم ضربات القلب يذوب في الجسم    "الإبادة في غزة" تطارد إسرائيل.. طرد سفيرها من مؤتمر إفريقي    وزارة الصحة المغربية تُخلّد اليوم العالمي للصحة وتطلق حملة للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل    أزيد من 700 عارض خلال الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    الأمم المتحدة "الإطار الشرعي الوحيد" لمعالجة النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية (محمد ولد الرشيد)    بعد طردها من مايكروسوفت…ابتهال المغربية تتوصل بعرض عمل من ملياردير كويتي    النيابة العامة بابتدائية الرباط: منع المعطي منجب من السفر يدخل ضمن مسطرة قضائية جارية بشأن شبهة غسل أموال    الفرحة تعود لمنزل سلطان الطرب جورج وسوف (صور)    الدكتورة غزلان توضح ل "رسالة 24": الفرق بين الحساسية الموسمية والحساسية المزمنة    تعزيز الشراكة العسكرية بين المغرب والناتو: زيارة وفد بحري رفيع المستوى إلى المملكة    علوم اجتماعية تحت الطلب    أوزود تستعد لإطلاق النسخة الأولى من "الترايل الدولي" الأحد المقبل    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    مبابي: "أفضل الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على أن الكرة الذهبية"    أمن إنزكان يوقف شاباً ألحق خسائر بممتلكات الغير    كأس إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يتأهل لدور الربع بتغلبه على نظيره التنزاني    مزراوي يحظى بإشادة جماهير مانشستر يونايتد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مهمّة حاسمة للركراكي.. جولة أوروبية لتفقد مواهب المهجر استعداداً لتعزيز صفوف المنتخب    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    طقس الإثنين .. أجواء قليلة السحب مع تشكل كتل ضبابية    الرئيس البرازيلي السابق "بولسونارو" يتظاهر في الشارع    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرقات ساسة العراق... الوجه المنحط للكولونيالية الجديدة
نشر في التجديد يوم 09 - 09 - 2016

باتت أخبار اتهامات وملفات سرقات ورشاوى الساسة، في العراق، أسرع انتشارا وأكبر حجما من أن يدركها العقل. فما معنى أن ينجح مسؤول واحد في تهريب مبلغ 6,5 مليار دولار ، مثلا، لتخرج من حساب الدولة وتدخل حسابا ما في الخارج؟ ما الذي يعنيه مبلغ كهذا في بلد يعيش ثلث سكانه تحت خط الفقر؟ ألا يعادل ذلك ميزانية دولة لمدة سنة أو جعل التعليم والخدمات الصحية والمساكن متوفرة للجميع ؟
خلال أسابيع قليلة، استدعى البرلمان وزير الدفاع، والبلد محتل وفي حالة حرب، للتحقيق معه بتهمة الفساد. تلاه وزير المالية. ومن المتوقع استدعاء آخرين، فالقائمة طويلة والفساد مستشر حتى النخاع في ساسة « العراق الجديد»، باعترافاتهم هم انفسهم واثناء تبادلهم التهم واللكمات والركلات في حلبة البرلمان، والاغتيالات والتفجيرات خارجه.
المفارقة هي، وقبل أن يسارع أحدهم للمحاججة بأن التحقيق مع السراق والمرتشين وبقية الفاسدين صحي يدل على ديمقراطية النظام،
إن كل الوزراء والمسؤولين في عراق ما بعد الغزو، في عام 2003، يتسترون على الفساد والنهب، على مدى سنوات، وهم يعرفون تفاصيله، كما دلت جلسات استجواب الوزيرين ومقابلاتهما التلفزيونية فيما بعد، إلى أن يحدث خلاف ما بينهم، يهدد مناصبهم أو محاصصتهم، حينئذ تبرز إلى السطح فقاعات الفضائح الكريهة. خاصة وأن ذات الساسة لايزالون في مناصبهم، مع بعض التغييرات البسيطة، يمارسون بوجوههم المحلية السياسة النيو كولونيالية ولهم يعود فضل شرعنة نهب المحتل لثروة البلد، وسرقاته التي استنزفت كل الأموال التي كانت في خزينة الدولة والمحجوزة في صندوق الامم المتحدة بالاضافة إلى اموال المساعدات المخصصة للاعمار، اذ التهمتها شركات المحتل مثل كي بي آر والتي فضحتها التقارير الأمريكية.
لنأخذ الآن، مثلا، العلاقة بين النظام، بقيادة التحالف الشيعي، وإقليم كردستان. حيث يصرح الساسة والبرلمانيون الكرد، عادة، بأن «الحكومة المركزية» تعمل جاهدة على بناء « العراق الجديد» وان كردستان جزء من العراق الديمقراطي الفدرالي، ما دامت الحكومة تواصل دفع نسبة 17 بالمئة من الميزانية للإقليم وتتغاضى عن تهريب النفط او صفقات بيعه التي يعقدها الإقليم جانبا.
وما أن تعترض « الحكومة» على ذلك أو يتم تخفيض النسبة، حتى تتغير الصورة ويبدأ تبادل اطلاق الاتهامات بالطائفية والعرقية، مع تجاهل ذكر فساد المسؤولين لدى الطرفين. ذلك لأن تغلغل الفساد أعمق وقد يؤدي كشف جزء منه إلى فضح الجميع، بالاضافة إلى أن كل الأطراف تنتظر استخدام ملفات السرقات والرشاوى كسلاح استراتيجي بعيد المدى وبتوقيت تستفيد منه إلى اقصى حد.
كما فعل نوري المالكي طوال بقائه كرئيس للوزراء. وهو سلوك مخابراتي شائع ، حيث تستخدم الملفات السرية، بما فيها من فضائح، كأداة للابتزاز وتوريط الافراد بالعمل كمخبرين مقابل التستر على فضائحهم.
ينطبق الوضع نفسه على بقية التحالفات التي تسوق نفسها بكونها تمثل « السنة» أو « الشيعة» أو غيرها، مع ملاحظة هنا ضمور الادعاء بتمثيل العرب، عموما في مقابل صعود تمثيل الكرد أو غيرهم مثلا.( اذكر ما قاله لي أحد المثقفين الذي أسس جمعية ثقافية عربية في المنفى، ثم قام إثر عودته إلى العراق مع الاحتلال، بتغيير اسمها إلى « الثقافة الديمقراطية»، مبررا « من الذي يشتري جمعية عربية!» ).
صار الفساد المالي والاداري عملة للتداول صعودا ونزولا، فضحا وسترا، حسب الحاجة. ولا احد يهتم بعواقبه الاخلاقية وتآكل القيم المجتمعية واضمحلال المبادئ الوطنية. في بريطانيا، حين احتال مدير احدى الشركات الكبيرة على المستثمرين، تم وصفه وما فعله بأنه الوجه المنحط للرأسمالية. كيف نصف السرقات بالعراق وقد تجاوزت الآلاف والملايين لتصل المليارات ؟ هل هو الوجه المنحط للنظام الطائفي أم الديمقراطي؟
استدعاء وزير الدفاع للاستجواب بتهمة توقيع عقود فساد انقلب إلى اتهام مجموعة برلمانيين ومنهم رئيس البرلمان. استدعاء وزير المالية حرك بركة آسنة أخرى. فوزير المالية لم يتم استيزاره لأنه الأكفأ بين الاقتصاديين، بل لأن وزارة المالية، وفق نظام المحاصصة، من حصة الكرد. ثم انه خال مسعود البارزاني، رئيس الإقليم، بمعنى ان استجوابه وتوجيه الاتهام اليه بالفساد صار يمس عصبا حساسا لدى عائلة وعشيرة « الرئيس»، خاصة وان مستجوب الوزير نائب يمثل « أئتلاف دولة القانون الشيعية « برئاسة نوري المالكي، المتهم بترك خزينة الدولة خالية إلا من فئران تقرض أنفسها.
السؤال الذي يستوقف المواطن الساذج وهو يراقب فضح الوزيرين لعدد من البرلمانيين والساسة، هو لماذا سكتا، على مدى سنوات، على الفاسدين، إذا كانوا شرفاء ومخلصين حقا للوطن، كما يدعون؟ ألم يقرأ الاثنان التقارير الصادرة عن منظمات عراقية ودولية، بضمنها الامم المتحدة، بمعدل تقرير واحد، شهريا، على الاقل، عن تبوؤ العراق اعلى قائمة الانظمة الفاسدة بالعالم، وكيف عززت الوفرة المالية نمو طبقة من الساسة/ اللصوص، تهيمن على الاحزاب الطائفية والمسؤولين الحكوميين مما أدى إلى مأسسة ثقافة الفساد الذي بات مألوفا من اصغر مستخدم في الحكومة إلى رئاستها؟
إن دعم المسؤولين الحكوميين للفساد وانخراطهم فيه، وخضوعهم للابتزاز أو إخضاعهم الآخرين للابتزاز، وتراوح حجم الفساد بين الملايين والمليارات، سواء في عقود السلاح او الدواء والغذاء أو غيرها، وما تؤدي إليه من قتل مباشر للمواطنين، كما أثبتت تفجيرات وحرائق جناح الاطفال في مستشفى اليرموك، والكرادة، أخيرا، وسقوط مئات الضحايا فيهما، إلى وجوب مساءلة المسؤولين وتقديمهم للمحاكم كمجرمي حرب. واذا كانت امكانية تحقيق ذلك ضئيلة او معدومة الآن مادامت ذات الحفنة تتولى الحكم والقضاء، فان تجميع الوثائق وتسجيل الجرائم ضروري، وضمها إلى قائمة جرائم الاحتلال، من اجل المساءلة مستقبلا، آخذين بنظر الاعتبار أن جرائمهم لا تسقط بالتقادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.